ويستعرض الكتاب الانتهاكات الصارخة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحقها، من خلال اعتداءاته المتكررة التي تمسّ المرأة الفلسطينية، بواسطة الاستهداف بالقتل والأسر والتعذيب وهدم المنازل وتجريف الأراضي والمزروعات، ما يحرمها من حقوقها الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية والحياة الآمنة والبيئة السليمة؛ هذا فضلاً عن استخدامها في كثير من الأحيان كورقة ضغط على زوجها أو ابنها أو أخيها، سواء أكان مقاوماً أو أسيراً أو مطارداً.
ويبرز الكتاب جوانب مشاركة المرأة الفلسطينية في الحياة السياسية منذ ما قبل نكبة سنة 1948، مروراً بالفترة ما بين سنتي 1948 و1967، والفترة ما بين 1967 و1993، ومرحلة تشكيل السلطة الفلسطينية وما بعدها، وصولاً إلى مشاركتها في الانتفاضة الثانية، انتفاضة الأقصى.
وتتجلى معاناة المرأة الفلسطينية سواء في الداخل الفلسطيني، أو في الأراضي المحتلة سنة 1948، أو في المنفى، إذ تحمل المرأة في الداخل الفلسطيني مسؤولية العائلة في ظل غياب المعيل قسراً، وفي ظل ظروف اقتصادية قاسية جداً، وبسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.
وهي ظروف لم تؤثر على المرأة من الناحية الاقتصادية فقط، بل حرمت كثيرا من الفتيات والنساء من فرص التعليم والعمل ورؤية أقاربهن وعائلاتهن.
وتعاني النساء الفلسطينيات في دول اللجوء من البيئة الاجتماعية والاقتصادية الصعبة لمخيمات اللاجئين، وخاصة في لبنان. حيث ترتفع نسب البطالة والفقر وتقل فرص العمل، وتزداد مسؤولية المرأة لتشمل العمل وتأمين المصروف , بالإضافة إلى العمل المنزلي والتصدي للعمل الوطني. أما في الأراضي المحتلة سنة 1948 فإن المرأة الفلسطينية تعاني، كما الرجل، من التمييز والعنصرية من قبل السلطات الإسرائيلية على كافة المستويات.
ومن أبرز الانتهاكات الإسرائيلية بحق المرأة الفلسطينية انتهاك حقها في الحياة والمعاملة الإنسانية، إذ لم تستثن انتهاكات الاحتلال الحق في الحياة، فكانت المرأة الفلسطينية ضحية لهجماته، وعرضة لاستهدافه المباشر في الكثير من الأحيان.
وتعرضت النساء الفلسطينيات لتلك الاعتداءات في منازلهن أو بالقرب منها أو أثناء تنقلهن بين المدن والقرى.
وتشير التقارير إلى أنه في بعض الحالات لقيت النساء حتفهن تحت أنقاض منازلهن التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي، كما قتلت عدة فتيات على يد قوات الاحتلال داخل الفصول الدراسية.
وكان للمرأة الفلسطينية نصيب من الاعتقالات التعسفية، فهناك 97 أسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، يحتجزن في أسوأ ظروف اعتقال دون مراعاة لجنسهن واحتياجاتهن الخاصة، ويحرمن من حقوقهن الأساسية، كما أن تسعة منهن تم اعتقالهن وهن قاصرات.
كما أن المرأة الفلسطينية مستهدفة أيضا لمكانتها الاجتماعية الأساسية ودورها في الصمود ورفع المعنويات، حيث تشكل عصباً أساسياً في معركة رئيسية للوجود الفلسطيني في وجه الاحتلال الإسرائيلي التوسعي.
وينتهك الاحتلال الإسرائيلي جميع الحقوق التي كفلتها المواثيق الدولية للمرأة بشكل عام، ولم يميز رصاص جنود الاحتلال المرأة الفلسطينية عن غيرها، كما لم يحترم حقها في الحياة، وعمليات الإغلاق والحصار طالتها في حالات الصحة أو المرض على السواء، وحرمتها في احيان عدة من حقها في بطاقة «هوية فلسطينية» أو الإقامة مع عائلتها.
كما أن عمليات الاعتقال التعسفية إن لم تنلها وتنتهك حقها في الحرية، طالت أحد أبنائها أو إخوانها أو والدها أو زوجها.
وعمليات هدم المنازل وجرف الأراضي وتدمير المزروعات، حرمتها من العيش في بيئة آمنة أو سليمة وحرمتها كربة أسرة من البيئة الأسرية السليمة، وأضافت إلى مسؤوليتها أعباء جديدة. وتنكر إسرائيل بشكل مستمر أي مسؤولية قانونية ملقاة عليها عن وضع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة على الرغم من الإجماع الدولي على ذلك والذي أكدته مراراً وتكراراً المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي.
وينتهك الاحتلال والجدار حقوق المرأة، حيث تتعرض النساء الفلسطينيات بشكل روتيني إلى المضايقة والتخويف وإساءة المعاملة عند نقاط التفتيش والبوابات، كما يتعرضن للإذلال أمام أسرهن، ويتعرضن كذلك للعنف الجنسي من قبل المستوطنين، الأمر الذي اضطر العديد من الفتيات والنساء إلى ترك تعليمهن العالي أو عملهن تفادياً لتلك التجارب المهنية.
أما النساء الفلسطينيات المتزوجات من رجال فلسطينيين من داخل أراضي 1948 أو القدس، واللاتي رفضت طلباتهن لجمع شمل عائلاتهن، فلا يملكن في سبيل الحفاظ على عائلاتهن من التفكك إلا العيش مع أزواجهن بصورة غير قانونية.
ويستعرض الكتاب اعتداءات الاحتلال على الأب والأخ والزوج والابن، سواء بالقتل أو الاعتقال أو الملاحقة، والآثار المدمرة على حياة الأم والأخت والزوجة والابنة، بحيث غدت الاعتداءات وآثارها أكثر قسوة على طرفي العلاقة بسبب سياسة العدو الممنهجة التي تستهدف أيضاً أقرباء الضحايا وخصوصاً النساء.
غير أن اللافت في الأمر هو أن معاناة المرأة الفلسطينية لم تثنها ولم تنل من عزيمتها ومن صمودها في مواجهة الاحتلال، ومثّل إصرارها على الصمود رداً واضحاً وصريحاً على سياسة الاحتلال، ولم يتمكن العدو من استخدام المرأة ورقة ضغط لثني أبنائهن أو أزواجهن عن الصمود والمقاومة، بل أثبتت المرأة الفلسطينية أنها مثابرة في التضحية إلى جانب مثابرتها في التربية.