تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


اليأس... يخيم على إسرائيل

شؤون سياسية
الثلاثاء 27-1-2009م
علي سواحة

ليس من قبيل المصادفة أن نسمع ونقرأ عما انتاب الإسرائيليين من يأس وصدمة منذ سنوات نظراً لأن بعضهم وصل إلى قناعة أنهم يعيشون في بلد لا مستقبل له.

فالرئيس الأميركي السابق بوش الذي ألقى في آخر زيارة له »لإسرائيل« أمام الكنيست الإسرائيلي في مناسبة احتفالها بالذكرى الستين لاغتصاب فلسطين اعتبر العديد من الإسرائيليين أن ذاك الخطاب مبالغ به حين أفرط في التعبير عن انبهاره وتعلقه بنموذج الدولة في »إسرائيل» حتى الذين راهنوا على إدارة بوش من الإسرائيليين رأوا أن بوش تحدث وقتها كواحد من غلاة الانجيليين الذين يعتبرون إقامة «إسرائيل» جاءت تحقيقاً للوعد الذي مُنح لشعب الله المختار وبأن ما يجري في فلسطين من صراع عربي- صهيوني هو صراع بين الخير الشر الذي يمثله العرب أجمعين ووقتها انتقد ابراهام بورغ رئيس الكنيست الإسرائيلي السابق مبالغة الرئيس بوش وقال في كتابه بعنوان /الانتصار على هتلر إن إسرائيل تسير بخطا هتلر وإنها تنتظر المصير نفسه طالما ظلت متمسكة بالصهيونية كايديولوجيا وطالما تعتمد على قوة السيف والعنف في إخضاع الفلسطينيين وسحقهم/.‏

عددٌ من الباحثين الإسرائيليين من سلالة حركة المؤرخين الجدد وجدوا أنه آن الأوان لفتح ملفات جديدة وبصراحة حول ما تميز به الشعب اليهودي في »إسرائيل« من قلبه للحقائق والأساطير التي حفلت بها توراتهم. وقد ذهب شلوم ساند الأستاذ بجامعة تل أبيب مؤخراً ليقول في كتاب له صدر حديثاً بعنوان /كيف تم اختراع الشعب اليهودي/ من التوراة إلى الصهيونية/ وما أيده كتاب آخر بعنوان /كشف الغطاء عن التوراة/ لمؤلفيه الإسرائيليين /فينكلشتاين وأشروسيلبرمان/ عن حقيقة الجرائم البشعة التي ارتكبتها الصهيونية المسلحة بحق شعب فلسطين وللاستيلاء على أراضيهم وخصوصاً بتلك المذابح التي تعرضوا لها في إطار ما أطلقوا عليه بالتطهير العرقي للفلسطينيين. وهي حقائق تكذب الادعاءات التي روجتها الأبواق الصهيونية بأن الفلسطينيين باعوا أراضيهم أو غادروها باختيارهم. وقد فضح هذه الادعاءات أيضاً الباحث الإسرائيلي إيلان بابي في كتابه /التطهير العرقي لفلسطين/ الذي شكل في الآونة الأخيرة صدمة في المجتمع الإسرائيلي اضطرته للاستقالة من منصبه كأستاذ جامعي في جامعة تل أبيب والهرب إلى بريطانيا ليعمل في إحدى جامعاتها.‏

كذلك وجه «إسرائيل» القبيح وتاريخها الملطخ بالدماء وبأشلاء الفلسطينيين الذي تجاهله الغرب أبرزه أيضاً الأستاذ الإسرائيلي آفي شلايم في معهد سان انطوني بأكسفورد ببريطانيا من خلال كتابه /الجدار الحديدي/ «إسرائيل والعالم العربي» الذي هدم فيه أسطورة الدولة اليهودية التي تدعي أنها محبة للسلام ومحاطة بعالم عربي يريد القضاء عليها.‏

هذا الجدل حول اليأس الذي بدأ يدب في نفوس الإسرائيليين تناولته أيضاً وسائل الإعلام الإسرائيلية ولا سيما منها الصحف وأبرز من تناول هذه القضية على صفحات جريدة هآرتس البروفسور آمنون روبشتاين الوزير الأسبق وأستاذ القانون بجامعة تل أبيب الذي أشار في مقالاته إلى أن »إسرائيل« لا يمكنها البقاء بسبب نوعين من التهديد أحدهما خارجي يتمثل في فشلها في ردع العرب والثاني داخلي يمثله في انتشار الفساد وتآكل ما يسميه /منظومة القيم الصهيونية/ التي قامت عليها »إسرائيل« وهو الذي يقول إنه بالرغم من الانتصارات التي حققتها «إسرائيل»في حروبها السابقة مع العرب إلا أن تلك الانتصارات فشلت في اجتثاث الرغبة العربية في محاربة »إسرائيل« والانتصار عليها وهذا ما حصل في حربي تموز 2006 وشتاء غزة عام 2009 وهو الذي يحذر »إسرائيل« من السقوط لأن الصراع مع العرب كما يقول آخذ ببعده الديني شيئاً فشيئاً الأمر الذي سيزيد رقعة العداء الإسلامي والمسيحي »لإسرائيل«.‏

كما تناول عدد من الباحثين الإسرائيليين وفي مقدمتهم أيضاً روبشتاين ميل الشباب الإسرائيلي لعدم التضحية من أجل «إسرائيل» وهو ما يعكس تراجع الحماس في صفوفهم للانخراط في سلك الجيش وهي قضية اشتكى منها مدير مدرسة /إعداد القادة/ في «إسرائيل» /ايرز ايشل/ الذي نشر حول ذلك مقالاً مؤخراً في صحيفة يديعوت احرنوت قال فيه: إن أحد مصادر هدم منظومة القيم هذه تتمثل في أن قادة الدولة «بإسرائيل» لم يعودوا مثالاً يحتذى بهم بين شباب «إسرائيل». وهؤلاء القادة حين يبادرون لخوض حرب مع العرب يبادرون فوراً إلى إبعاد أبنائهم وأقربائهم عنها وعن تحملهم أوزار تلك الحروب وهو يضرب مثالاً على ذلك تهرب ابن رئيس الوزراء إيهود أولمرت من الخدمة العسكرية بالسفر للخارج.‏

أيضاً الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية الجنرال شلومو غازيت رأى أن تهرب «إسرائيل» من تحقيق السلام مع الرغبة العربية لحل الصراع العربي- الإسرائيلي يحمل في طياته دمار «إسرائيل» وشن شلومو غازيت هجوماً حاداً في مقال نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية مؤخراً ضد المستشرق الأميركي برنارد لويس الذي دعا «إسرائيل» لعدم التفاوض مع العرب.‏

كذلك رئيس الكنيست السابق روفي ريفلين من حزب الليكود قدم مثالاً آخر على تغلغل اليأس في نفوس الإسرائيليين بشأن مستقبل كيانهم اليهودي في فلسطين العربية من خلال سعي أعداد متزايدة من الإسرائيليين للحصول على جوازات سفر أوروبية لاستخدامها في الفرار من «إسرائيل» عند الحاجة ويقول في مقال له بصحيفة هآرتس نشر مؤخراً إن هذا السلوك لم يكن ليصدر في نفوسهم إلا لكونهم أيقنوا أن الدولة في طريقها للتفكك والزوال ويجزم بذلك بأن هذه الحالة ستؤدي إلى حدوث تباينات فكرية واجتماعية وسياسية وخاصة بعد الهزيمة التي مُنيت بها »إسرائيل« أمام حزب الله التي عمقت هذا الشعور شعور القنوط واليأس لدى شباب «إسرائيل» بمستقبل دولتهم.‏

إنها حالة جديرة بالاهتمام وعلى الطرف العربي أن يعمل على تعزيزها وتوسيعها في المجتمع الإسرائيلي ولعل السؤال يكون كيف ذلك فأقول لعل في مساندة ودعم نهج المقاومة الفلسطينية يكون الجواب الكافي والقادر على إحداث الزلزال المطلوب داخل ذاك الكيان الغاصب الذي طالما بقي في الجسد العربي جرثومة دخيلة عليه طالما بقي الوجع العربي ينخر في باقي أعضاء ذاك الجسد الذي أوصله إلى أسوأ حال من تفرق في كلمة العرب وتناحرهم وبعثرة قواهم. ولنا في نصري صيف 2006 وشتاء غزة 2009 خير دليلين على أن ذاك الكيان الصهيوني أضعف مما نتصوره وهو أجبن مما يعتقده البعض لأنه لا يملك الحق ولا الإيمان ولأنه فوق كل هذا وذاك على قناعة بأنه دخيل ومحتل وبغيض على الجسم العربي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية