تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الهستيريا... صراع الماضي والحاضر

مجتمع
الأربعاء 20-10-2010م
لقاء: فردوس دياب

ما دفعني للكتابة عن موضوع الهستيريا هو ما حدثتني به إحدى صديقاتي عن عائلة تقطن بجوارها أحد أفرادها من الهستيريا وهو شاب صغير العمر تعتريه ثورة جامحة من الغضب والخوف

تؤدي إلى شل حركته أحياناًً وشل بعض أطرافه أحياناً أخرى وسط اندهاش أسرته التي تقف عاجزة عن فعل أي شيء... وبعد عرضه على مجموعة من الأطباء تبين عدم وجود أي خلل عضوي أو عصبي لديه ولدى عرض هذا الشاب على اختصاصي نفسي تبين أنه يعاني كبتاً منذ الطفولة تمثل في موقف معين تعرض له بطفوته وكبته في ذاكرته وعند استحضار هذا الموقف من قبل الطبيب المختص وعرضه عليه بدأ هذا الشاب بالاستجابة للعلاج حتى شفي من الهستيريا تماماً.‏

مرض نفسي أعراضه جسدية...‏

ولتسليط الضوء أكثر على مرض الهستيريا حاورتنا الدكتورة مرسلينا شعبان حسن الاختصاصية بالتحليل النفسي التي بدأت حديثها بالقول إن الهستيريا هي من أولى انتصارات التحليل النفسي العلاجية معرفة إياها بأنها مرض نفسي أعراضه جسدية وهي المعنى الاصطلاحي اضطراب غير إرادي في الوظائف الحركية أو الحسية أو الذاكرة يعبر عن صراعات عصابية ويرتبط بحاجات لاشعورية عند المصاب بها، مشيرة أنه يوجد لدى الأطباء خلط بين الهستيريا وأمراض نفسية أخرى كالخلط بين النوبة الهستيريائية «الترومل» التي تعني السقوط على الأرض وبين الصرع.‏

وعن أنواع الهستيريا قالت شعبان حسن ان للهستيريا نوعين أساسيين الاول الهستيريا التحويلية المرتبطة بالمظاهر الفيزيولوجية التي تتحول إليها حالة نفسية غير مرغوب بها كرؤية أثارت رغبة جنسية وتحولت إلى عرض جسدي فهذا التحويل من نفسي إلى جسدي سببه عدم القدرة على التعبير عنه في تلك اللحظة التي شوهد فيها، وهذا ما يخلق صراعاً بين الرغبة مع الواقع عند الانسان، وأما النوع الثاني من الهستيريا فهو هستيريا القلق حيث يظهر الفرد مدافعاً عن نفسه في وجه رغبة غير مقبولة بتكوين قلق أو شعور بالخطر يتصل ببعض الأمكنة أو المواقف أو ظروف معينة.‏

تعبير عن رغبة مكبوتة..‏

وأوضحت شعبان حسن أن أعراض الهستيريا تأخذ أشكالاً مختلفة تشبه في جملتها اضطرباً يمكن أن ينجم عن إصابة يتعرض لها الجهاز العصبي المركزي ومن بين هذه الأشكال فقدان الضبط العضلي والاضطراب في الاحساس والاضطراب في الشعور وأيضاً يعاني المصاب بالهستيريا من الشلل في طرف من أطراف جسمه أو يعاني ضعفاً بليغاً في القدرة على استعمال الحبال الصوتية أو يفقد القدرة على الحس في أحد أطرافه ، موضحة ان هذه الأعراض تعبير عن رغبة مكبوتة حيث يكون الشخص الهستريائي بالوصف العام مندفعاً ولديه حركات لا إرادية غير مسيطر عليها تثقل الحمولة النفسية بداخله لانه يوجد بها الكثير من الغموض واللبس بالمفاهيم التي تكونت لديه بعمر معين وما صححت كل هذه الاعراض هي جسدية فيزيولوجية ولكن منشأها نفسي.‏

وأضافت شعبان حسن ان ظهور الهستيريا دفعة واحدة أمر نادر الحدوث والغالب فيها ان يكون وراءها تاريخ طويل ينطوي على تطور تدريجي لردود فعل هستيرية وظهوره لدى الشخص في ظرف ما يجب ألا يفهم منه انها وليدة استعداد فيزيولوجي معين أو انها ابنة الساعة فقط ووليد الفعل التكيفي الآني بل يجب فهمها من خلال العوامل المباشرة ومن خلال خبرات سابقة تطورت تدريجياً على فترة من الزمن لدى شخص اعتاد الدفاع عن نفسه ضد معاناة القلق بكبت الذكريات المؤذية أو المقلقة أو بكبت النزعات الجنسية أو العدوانية وإظهار بعض المظاهر الفيزيولوجية .‏

المربي المسبب الأول...‏

وأشارت شعبان حسن إلى ضرورة توعية الأهل في طريقة تنشئة أطفالهم من حيث تزويدهم بالثقافة الجنسية المبكرة وعدم قمعهم والإجابة على تساؤلاتهم واستفساراتهم حتى ولو كانت محرجة بعض الشيء لأن ازدراءهم وقمعهم يؤدي بهم إلى الكبت وما ينطوي على ذلك من نتائج سيئة في المستقبل، ودعت شعبان الأمهات إلى الاهتمام بأطفالهن مبكراً جداً وعدم تركهم لفترات طويلة مع أناس غير مؤتمنين وواعين مستشهدة بمقولة فرويد «ان كل مرب هو المسبب لمرض الهستيريا».‏

وذكرت الدكتورة مرسلينا شعبان حسن ان علاج الهستيريا يعتمد على الوعي بمشكلات المريض وحلها الذي هو بداية الطريق ويكون هذا بأساليب كثيرة عن طريق تداعي الأفكار والذكريات الماضية حتى يعاد تنشيطها وعرضها من جديد على الشخص المصاب بالهستيريا لما لذلك من تخفيف تأثيرها وثقلها عليه ومن ثم يصبح عنده وعي بمنشئها وبعدها يصبح الشخص أكثر جرأة في الحديث عن جسمه ويبتعد عن التوهم والخوف بالإضافة إلى أن علاج الهستيريا دوائياً غير ناجح، مشيرة إلى الدور الكبير الذي يلعبه الجهل كعامل مسبب للهستيريا حيث يلاحظ انتشار واسع للهستيريا في الوسط التي يغلب فيه الجهل وعلى الرغم من انها تظهر في مستويات تربوية مختلفة فإنها تكثر بين من تكون ثقافتهم قليلة أو متأثرة بقناعات تقر الخوف من المجهول.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية