تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


صعوبات الخيار العسكري ضد إيران

موقع Monolialisaton.ca
ترجمة
الأربعاء 8-9-2010م
ترجمة: حسن حسن

عندما يناقش موضوع إيران، فإن الرئيس الأميركي باراك أوباما يصر عادة على أن «كل الخيارات موجودة على الطاولة» وهو تذكير غير مهم كثيراً،

أن واشنطن قد تستخدم القوة ضد طهران إذا مافشلت كل الطرق الأخرى، وهذا التهديد يغفل حقيقة أن الولايات المتحدة لاتملك خياراً عسكرياً واقعياً ضد إيران.‏

ورغبة الولايات المتحدة في السيطرة على إيران أوعلى الأقل تقويض استقلاليتها وسيادتها وقوتها المحتملة ليست بظاهرة جديدة، فالولايات المتحدة أطاحت بالقائد الإيراني محمد مصدق المنتخب ديمقراطياً عام 1953، كما وضعت وسلّحت وحمت الديكتاتورية لشاه إيران، بينما قطعت العلاقات الدبلوماسية وفرضت العقوبات الاقتصادية الصارمة على الجمهورية الإسلامية من عام 1979 وغذت الصراع طوال سنوات الحرب الإيرانية العراقية 1980-1988.‏

الأسباب لم تتغير، إيران هي أحد بلدان الشرق الأوسط الذي يحتوي على الموارد الثلاثة للطاقة الطبيعية: الثروة النفطية والمائية والأرض الشاسعة والسكان.‏

وما يزيد في حدة الصراع بين إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى هو عدم قدرة أي من الطرفين التنازل عن ثوابته أو أهدافه الاستراتيجية، لأن أي انكفاء أميركي يعني تخليها عن الهيمنة على مقدرات الشعوب في هذه المنطقة ومصادر الطاقة الأهم في العالم، وربما الإقرار ببدء العد العكسي لزوال الإمبراطورية الأضخم في العصر الحديث، ولاتستطيع «إسرائيل» القبول بانتهاء تفوقها الإقليمي وخاصة في الميدان العسكري لأن ذلك يعني فقدانها المرتكز الأساس في وجودها المفروض والمرفوض من الشعوب العربية والإسلامية في المنطقة.‏

إذاً أي تسوية حقيقية لاتبدو متاحة في المواجهة الراهنة بين إيران والولايات المتحدة وفي الوقت نفسه أي صدام عسكري سواء بمشاركة إسرائيلية أم دونها له تداعيات هائلة على خارطة الشرق الأوسط وعلى المستوى الدولي، فهل تستعد الولايات المتحدة لشن مغامرة عسكرية جديدة في المنطقة، وهل تنفذ التهديدات الأميركية ضد إيران أم إن هذه التهديدات. وما يصحبها من تسريب المعلومات عن استعدادات عسكرية هي جزء من عملية التهويل والضغط على إيران لإرغامها على التراجع وقبول الطلبات والإملاءات الغربية والأميركية على وجه الخصوص؟.‏

يصعب من حيث المبدأ استبعاد لجوء الولايات المتحدة إلى الخيار العسكري، ولكن إذا لم يكن لدى الإدارة الأميركية قرار بتوجيه ضربة نووية ماحقة، فإن قدرتها على شن هجوم على إيران مشكوك فيها، وذلك لأسباب عديدة أبرزها:‏

أولا: الرأي العام في الولايات المتحدة يعارض شن الحرب من حيث المبدأ، وشن الحرب يحتاج إلى تفويض شعبي، ولكن مثل هذا التفويض معدوم، ويصعب على إدارة أوباما تجاهل هذا الواقع.‏

ثانياً: المؤسسة العسكرية ترفض هذه المرة بقوة أكبر زجها في مغامرة جديدة غير محسوبة، وإذا كانت معارضة هذه المؤسسة لقرارإدارة بوش غزو العراق كان معدوماً، فلأن مخاطر غزو العراق واحتلاله لم تكن واضحة كما هي واضحة الآن في حال تكرار السيناريو ذاته مع إيران، فإيران مساحتها شاسعة، مليون وستمئة كيلو متر مربع، وتملك جيشاً قوياً مدرباً تدريباً جيداً، ويحوز عقيدة قتالية أكثر التزاماً، وغير منهك بالحصار أو بالحروب الكثيرة، ونوعية الأسلحة التي تمتلكها إيران تؤهلها لضرب أهداف عسكرية أميركية وإلحاق الأذى بها، في حين لم يكن هذا العامل متوافراً بالنسبة للقوات المسلحة العراقية.‏

ثالثاً: لاتمتلك الولايات المتحدة القوات العسكرية الكافية لشن الحرب، وإذا كان البعض يعتقد أن الإدارة الحالية لن تتورط في حرب شاملة وستكتفي بتوجيه ضربات للمنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، فإن الخطوة التالية لاتستطيع واشنطن التحكم بها، إذ إن إيران سوف ترد على الضربة بمثلها، وخاصة إذا كانت مؤذية، وعندها لاتستطيع إدارة أوباما التحكم بسير المواجهة وحدودها.‏

رابعاً: الخسائر التي سوف تتسبب بها هذه الحرب وأثرها على المصالح الأميركية أولاً، والمصالح الغربية ثانياً، ومصالح الدول العربية ستكون أعلى بكثير مما تسببت به الحرب على العراق، وما دام العالم قد عارض غزو العراق واحتلاله، ولم يقبل صدور قرار عن مجلس الأمن يبارك الجهد الأميركي، فإن لن يفعل هذه المرة عكس تصرفه إزاء العراق، كما أن انقطاع امدادات النفط ورفع أسعاره سينعكس سلباً على الاقتصاد العالمي، وخصوصاً الهند والصين ودول أوروبا واليابان، ومعروف أن أكثر من 60 بالمئة من إجمالي الناتج القومي الأميركي يأتي من هذه المناطق، وبالتالي ستكون الانعكاسات السلبية أقوى على الاقتصاد الأميركي مرتين، الأولى بفعل تضرر الاقتصاد العالمي، والثانية بفعل أن الولايات المتحدة وحدها سوف تتكبد خسائر تمويل الحرب على الجبهة الثالثة.‏

الآن الولايات المتحدة منهكة وتعاني من أزمة شديدة غير مسبوقة، وفي ظل هذا الواقع يصعب على إدارة أوباما استحصال قرار يفوضها شن الحرب مرة أخرى في مواجهة عدو يختلف في قدراته عن الأعداء الذين نازلتهم في حربيها السابقتين.‏

لكل هذه الأسباب يمكن القول إن عزم الولايات المتحدة على شن الحرب فعلاً هو احتمال ضعيف للغاية وإن لم يكن معدوماً، ولكن التصريحات والتحركات العسكرية الأميركية ضد إيران، وتسريب المعلومات عن احتمال توجيه ضربة عسكرية لها يصب في إطار عملية التهويل والابتزاز لإرغام طهران على التراجع عن المضي في برنامجها النووي، ولكن طهران مدركة لهذا الواقع، ولهذا لن تتراجع ولن تقوم الولايات المتحدة بشن الحرب، وسيتم الاعتراف بإيران كقوة أمر واقع ولاعب إقليمي شاءت الولايات المتحدة وإسرائيل أم أبتا.‏

 بقلم: ميشيل شسدوفسكي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية