تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الإخراج التلفزيوني...من الاندفاع الحماسي إلى الدور التنويري

دراما
الأربعاء 8-9-2010م
جوان جان

ربما كان الإخراج التلفزيوني من أكثر المهن الإبداعية تأثراً بتطور وسائل التكنولوجيا التي قفزت قفزات هائلة وانتقلت بالعمل التلفزيوني -في سورية تحديداً- عبر عدة مراحل منذ تأسيس التلفزيون السوري عام 1960

وهي مراحل تميزت كل واحدة منها بسمات خاصة بها، ولا شك أن فترة الستينيات كانت فترة تأسيسية اتخذ فيها مفهوم الإخراج عندنا طابعاً حماسياً ارتبط بكون التلفزيون ما زال في مراحله الأولى وهو الأمر الذي نتجت عنه مجموعة من الأعمال الدرامية التي وصلت إلى قلوب المشاهدين وعقولهم بيسر وسهولة، ساعدها على ذلك توجه معظم مخرجي تلك الفترة نحو الفئات الفقيرة والمسحوقة لمعالجة قضاياها ومشكلاتها، ويمكن القول في هذا الصدد إن دراما الأحياء الشعبية قد انطلقت من تلك الفترة لا كما يعتقد البعض الذي ينسى دراما تلك المرحلة ويربط نشوء هذا النوع من الدراما بمسلسل «أيام شامية» وما تلاه من أعمال كـ «الخوالي و«أهل الراية» و«باب الحارة» و«جرن الشاويش» وسواها.. وفي فترة السبعينيات سعى مخرجونا للانطلاق بالدراما السورية خارج الحدود بعد أن أثبتت جدارتها على الصعيد المحلي فكانت استوديوهات بيروت وعمّان ودبي وأثينا الأمكنة التي استوعبت مخرجينا وأعمالهم التي أخذت تغوص أكثر فأكثر في القضايا الاجتماعية والإنسانية والوطنية لتأتي مرحلة الثمانينات ودخول الإنتاج التلفزيوني المحلي مرحلة البث الملوّن، الأمر الذي فرض بالضرورة دخول عناصر جديدة على طبيعة الإخراج التلفزيوني، كما كان الانطلاق خارج حدود الاستوديوهات أبرز سمات تلك المرحلة، والواقع أنه من الصعب تسجيل ريادة الخروج بالكاميرا من جدران الاستوديو إلى الأماكن الطبيعية، إذ يروّج أكثر من مخرج تلفزيوني ريادته لهذه (الهجرة) نحو الأماكن الطبيعية، مع التذكير بأن عدداً من أعمال مرحلة الستينيات والسبعينيات سجل خروجاً محدوداً خارج جدران الاستوديوهات لكن الشروط الفنية المتواضعة آنذاك كانت تمنع تصوير مشاهد مكتملة خارج حدود الاستوديو، إذ غالباً ما كانت تلك المشاهد صامتة وذات سوية فنية متدنية.‏‏

ومع دخول الدراما مرحلة التسعينيات وعصر الفضائيات ظهرت توجهات جديدة في الدراما السورية تحاول الجنوح أكثر باتجاه الصورة واستخدامها كعنصر أساسي في العمل الدرامي بعد أن ظلّت فترة طويلة من الزمن مجرّد وسيلة لرؤية الممثلين وهم يؤدون أدوارهم، ومع هذه المرحلة كانت الدراما السورية قد خرجت في تسعين بالمئة من أعمالها خارج حدود الاستوديو الذي بقي مرهوناً لأعمال القطاع العام بينما فضّلت أعمال القطاع الخاص بمجملها اللجوء إلى البيوت والأحياء والسهول والجبال والصحراء لتصوير أعمالها سعياً وراء المزيد من المصداقية، ومع دخول عجلة الإنتاج التلفزيوني مرحلة اللهاث الإنتاجي مع بداية الألفية الثالثة كان من الواضح أن نقلة نوعية قد طرأت على الدراما السورية بطرقها لأبواب لم تطرقها سابقاً على صعيد المضمون واجتيازها لحواجز لم تفكّر سابقاً حتى مجرد تفكير في مقاربتها وهو الأمر الذي تجلّى بالعديد من الأعمال الدرامية التي لامست أوجاعنا الاجتماعية بجرأتها وكشفها للمستور.‏‏

اليوم وبعد أن أصبحت الدراما السورية حديث البيوت لا في سورية وحدها بل وفي وطننا العربي مترامي الأطراف فقد تعاظمت مسؤولياتها بعد أن تحولت من مجرد وسيلة للإمتاع والتسلية إلى سلاح تنويري على مبدعينا أن يستثمروه خير استثمار لمحاربة كل من يريد شراً بمجتمعنا ويعمل على تدجين أبنائه وتحويلهم إلى كائنات منوّمة مغناطيسياً.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية