وهنا لن نجنح نحو التغني وإنما لمحاولة التقاط هنات يُخشى أن تتحول مع الوقت إلى تقليد في الحركة الدرامية لا يمكن ضبطه، وأكثر ما بات يشكل تهديداً حقيقياً هو أساس العمل (النص) ففي الأعمال التي عرضت في رمضان ظهر جلياً في الكثير منها أن النصوص الدرامية كانت الحلقة الأضعف وسمتها الاستسهال والسرعة وأحياناً الارتجال، لا بل حتى من حاول طرق أبواب جديدة لجذب المشاهد لم يعِ أن الجديد وحده لا يكفي إن لم يقترن بأحداث وبناء شخصيات وعلاقات ومصائر.. فهي التي تصنع نصاً قوياً. كما لم يعد يكفي شعار الجرأة ليغطي مثالب النص فالجرأة باتت سمة الدراما السورية وإن لم تقترن هذه الجرأة بنص قوي يوظفها بإطارها الصحيح لتأتي أكلها نكون كمن يسكب الماء على الأرض.
قد نجد موقفاً قوياً هنا أو حدثاً مهماً هناك أو خطاً ثانوياً جاذباً وسط مجموعة خطوط رئيسية فلتت من بين يدي الكاتب، ولكن هذا لا يكفي ولا يبرر أن تتحول هذه الثرثرة إلى مسلسل مؤلف من ثلاثين حلقة، لا بل هناك أعمال ظهرت فيها شخصيات وغابت دون أن نعرف لماذا والترجيح أن الهدف الأساسي تطويل وشط ومط المسلسل مما يؤثر على البنية الدرامية ككل ويُظهر النص مهلهلاً، أما المخرج فيحاول لملمة ما يمكن لملمته ليوحي بتماسك لعمله.
ما أقوله ليس من باب الانتقاص مما قُدم، فالأعمال التي عُرضت في رمضان الحالي تؤكد أن الدراما السورية مازالت في الصفوف الأولى ولكن في الكثير منها ليس بجهد النص ودائماً عندما نتحدث عن مرض أو ظاهرة لا نعمم على الأعمال كافة وإنما نلتقط السمات العامة، فالقصد توجه الأنظار إلى أهمية بذل جهد ووقت أكبر في كتابة النصوص خاصة أن هناك من استسهل الأمر وبات كتاجر الشنطة يُخرج النص الذي يلائم السوق والمحطة فكله موجود وبجرة قلم يمكن أن يحوّل العمل الشامي إلى مودرن والكوميدي إلى تراجيدي.. وكله حسب الطلب.. وهنا عندما يتم التفكير بهذه الطريقة من بعضهم من المؤكد أنهم بشكل أو بآخر سيسيئون للكتاب كلهم وللدراما السورية لأنهم بالنتيجة يقدمون أعمالهم تحت رايتها.
لقد بات من الضروري الابتعاد عن السرعة وسلق البيض واستسهال الكتابة لأنها فعل إبداعي خلاق، ولنعترف أنها مهنة لن يستطيع أحد أياً كان أن يجيدها، ومن الصعب أن يحولها البعض إلى مهنة من لا مهنة له.
fmassad@scs-net.org