تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كلمة أولى حِرْفةُ الحقيقة المرّه !

ملحق ثقافي
7/3/2006م
حسين عبد الكريم

الأديب الحقيقي، آخر المستثمرين، الموفَّقين بأي فعاليات استثماريه.!؟ قدره أن يحترف الفقر والعوز، والركض وراء الحاجات..

النّجار حرفته الأخشاب، وزينة المقاعد والأسرّة، فتردّ عليه نجارتُه الرِّبح والعيش.. والحداد، والجوهريُّ والدّهان،وغيرهم، يعيشون من متاعبهم،و حين تزداد خبرتهم، يزدادون عيشاً. وفيما يأتي من الأيام قد تميل بهم الحياة، إلى الثراء والبطر.. أما الأدباء الحقيقيون، حرفتهم الهموم، والحبر والقراءات والكتب والمعلومة، وحين يزدادون تعّمقاً بحرفة الأدب، بكل أشكالها وأحوالها، يزدادون فقراً وإهمالاً. لكلِّ أديب رصيدٌ ضخمٌ من الإهمال، وله رصيدٌ آخر من الشقاء، والملاحظة المرُّةِ،والحسرة. ولاتنساه الأيام من الإحباط والخيبه.. حتى يصل إلى أوسط العمر أو خواتيمه، وهو «مجرجرٌ» ومحطّمٌ وكئيب!!؟ و«الحقيقي» لازمةٌ الأديب، المتورِّط بكلِّ الحبِّ مع الأدب كلّه والفنون والشجون.. حين يُسمّى الأديب« حقيقياً» لاتكون صفة« الحقيقي» للزينة والمجامله المجانيه أو المدفوعة الثمن! وسقوط كتب الجاحظ عليه، حالة الكثيرين عبر العصور، الذين تسقط عليهم أعباء ثقافتهم ووعيهم.. الشاعر شاعرٌ كلّه، من صوته إلى حزنه إلى ضحكه إلى قراءته إلى صباحه ومسائه، وجوعه وأكله وشربه، وانتمائه وسلوكه اليومي.. ومثله كاتب القصة أو الخاطره أو المسرح أو الناقد.. الذي يميز الحقيقيَّ علوُّ الموهبه، وخصوصيةُ المفردة،والسلوك والأداء الإنساني.. والغالبية المتطفّلة ،والمتسوّلة في حارات الأدب والكتابة «طَفحٌ» مرضيٌّ متطِّفلٌٌ على جسد الهمِّ الإنساني والإبداعي، وهؤلاء لايعنيهم من الأدب بكلِّ مسميّاته إلا حاجاتُهم غير الأدبية.. ومستعدون لترك الكتابة إلى أية وظيفة أخرى تحقّقُ لهم منافع أكثر.. ولعل بعض غير الحقيقتين، يروق لهم البقاء في المجالات المتصله بالأدب، كإتحاد الكتاب أو الصحفيين أو الفنانين ، ليحتفظوا لأنفسهم بـ« مظهر» استعراضي!! من هذه الزاوية الاتحادات والكثيرون من المنتسبين إليها،ليست تعبيراً عن حالات إبداعيه ، بل هي اتحادات إدرايه أولاً وتنفيعيّةٌ للقائمين على أمور الاتحادات وحاشيتهم.. والمقتل: أنَّ مثقفي العلاقات، لا القراءات الذين يحسنون التسلّق وركوب الأمواج، وصعود السلالم والأدراج ملؤوا الساحات، وسبّبوا الأذى للثقافة والفكر والإبداعات..و سعيهم لاهثٌ وصوتهم مافيه إلاّ طلب«الحاجات» و«الانتفاعات»... حِرفةُ الفقر، في غالب الأحيان هي صديقة المبدع الحقيقي..و الجمهرة الواسعة من المتطفلين متسولي حروف الجرّ والمآرب والمناصب ليسوا كتاباً ولامثقفين إلا ببعض الثرثرات والعلاقات غير الأدبيه وغير الجديره بالمحبّه..إن تحققت لهم مطالبهم كان الأمر حسنا،و إن فشلوا ففشلهم لايسبِّبُ لهم أيّة إهانةٍ أو إحباط، لإنّ فاقدَ الشيء لايقلقُ جراءَه.. وفاقد الهم والموهبه والرؤية والثقافه،هل يقلقه خرابُ الكتابة والإبداع والثقافة؟! «يقولون:جاهد ياجميلُ بغزوةٍ وأيّ جهادٍ غيرهنّ أريدُ» لانجيد إلاَّ جهاداً واحداً هو الكتابة والقراءة ومشتقاتهما، ومتمماتهما من حب وحنين واحتراقٍ يليق بالحبر والشوق؟!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية