|
المعهد العالي للفنون المسرحية هــل يعيد تقاليد الحــوار ؟ ملحق ثقافي
الهدف هو تعميق الحالة المسرحية وفسح المجال بشكل أكبر لمناقشة الأفكار والرؤى المقدمة في العروض وإتاحة الفرصة للمتابعين وتحديدا من طلبة المعهد للدخول في تفاصيل صناعة العرض المسرحي لفتح آفاقهم ومدهم بالجرأة على الحوار. أولى الندوات كانت حول عرض "صيد الفئران" الذي قدم على خشبة المسرح الدائري "مسرح فواز الساجر"في المعهد العالي للفنون المسرحية وهو من إخراج الدكتور عبد القادر منلا وهو من إخراج الدكتور عبد القادر منلا خريج المعهد وحاصل على دكتوراه في الإخراج المسرحي من أكاديمية الفنون في القاهرة ومدرس حاليا في المعهد . عقدت الندوة بحضور قليل نسبيا حيث لم يتم الإعلان عنها إلا من خلال ورقة وضعت في لوحة الإعلانات ،أو عبر دعوات شخصية . د.عبد القادر منلا: الناس تتابع في التلفزيون دعايات أكثر جرأة من العرض وقدمت خلال الندوة مجموعة من المداخلات أجمع أغلبها على جرأة الموضوع وجرأة الطرح وقد وضح المخرج في سياق حديثه عن اختيار النص إلى مدى حاجتنا إلى هكذا موضوعات وقال:لا أرى أن العرض جرئ ،جمهورنا في التلفزيون يتابع في التلفزيون دعايات لايمكن وصفها بالجريئة بل بالبذيئة ومع ذلك لا أحد يعترض.ومع أنه يبدو للوهلة الأولى أن القيمة المهيمنة على العرض الجنس إلا أنه أبعد ما يكون عن ذلك. جرأة هذا العرض أقل بكثير مما يفترض أن تكون لأنه بداخلنا قذارات أكثر من تلك التي قدمها العرض ،والعرض يدعو للكشف عن هذه القذارات ،ولكشف الزيف والنفاق عبر آلية التعري من كل الأدوات الصناعية ،التي تسبب هذه الأقنعة. بعض الأسئلة تناولت أداء الممثلين حيث تحدث المخرج عن شخصية جابر جوخدار مؤكدا أنه اعتمد في مختلف اللحظات المضحكة على المواقف النابعة من التناقض مابين هو حقيقة ومابين ما يحاول أن يكونه فهو حين يبدأ بخلع أسنانه وشعره يبدأ بالتكشف على حقيقته الأمر الذي يخلق المواقف المضحكة، وكل انفعالاته وحركاته وحتى اللازمة التي يستخدمها نابعة من تركيبة شخصيته ومن التناقضات التي يحملها أما ما يتعلق بالشخصين الذين قتلا بطلي العمل فالعلاقة بينهما علاقة تابع ومتبوع ،مهيمن ومهيمن عليه، الشخص الثاني فيه جزء من الإنسانية فهو يقول عندي إحساس ،هذا الحس الإنساني البسيط يجعله شخصية مترددة وقلقة ومقموعة من قبل الطرف الأقوى والذي لا يعترف بأي نوع من الإنسانية ،ولعل هذه الحالة من التردد هي التي أعطت الانطباع ببطء الإيقاع الذي وجدته ملائما لحالة الشخصية وتوضيح العلاقة بين الشخصيتين ووجدته ملائما لتركيبة الشخصية. وحول سؤال لماذا بدت الشخصيات وكأنها تنتمي إلى هذا المكان؟ يقول مخرج العمل الممثل وبحكم اعتياده على هذا المكان يتعامل معه بحب,ورغم قذارته إلا أنه يشعره بحريته،وهم في البداية كانوا متقززين من هذا المكان خاصة الفتاة إلا أنه يجرها لجوه فتنسى المكان وتنساق إلى لعبته،وليس من الضروري أن نبين في كل لحظة أنهم متقززين من المكان ولا ينتمون إليه،خاصة وأن المكان مجرد حامل للموضوع ،يكفي أن نستوفي متطلبانه في لحظة مسرحية. كما تناولت الآراء علاقة الرقص بالعرض الدرامي ووضح المخرج نظره في الرقصات الثلاث وعلاقتها بالبنية الدرامية للعرض فقال: اعتمدنا الرقصات كموازيات تعبيرية من أجل رؤية خاصة وذاتية لكيفية رؤيتنا للأشياء ،استخدمنا الراقصين كعنصر بشري يحيل إلى عنصر حيواني ،كأنهم يقولون رغم كل أحاديثكم عن القذارة إلا أننا قادرين على التواجد مثلكم تماما. وأتت الرقصة الثانية لتأكيد الحديث عن الزبالة ،حيث تحولت هذه الزبالة إلى عنصر بشري لا يوجد فرق بينه وبين الزبالة,والرقصة الثالثة دعوة للتخلص من الزيف . وجميع هذه الرقصات مرتبطة بمتن العرض ففي الرقصة الأولى يقول الممثل تعالوا إلي أيها الجرذان,وفي الرقصة الثانية يكون الحديث عن الزبالة فتخرج الراقصات ،ونرى القمامة تأتي من العمق لتصبح زبالة متحركة وتتحول إلى عنصر بشري.وبالتالي الرقصات ليست محطات استراحة للمثل بل خرجت من قلب العرض. الفنان جهاد عبدو: المعهد مطالب بالتجريب الفنان جهاد عبدو أيد الجرأة التي تمتع بها العرض وبين أن هدف العرض ليس الحديث عن الجنس مثلما لم يكن مكب القمامة هدفا,ورأى أن كادر العمل وفق باختيار النص لأن المكان الطبيعي لتقديم أية إبداعات مكانها المعهد،لأنه المكان الأول في التجريب ،ولذلك فهو مطالب بتقديم العروض الجريئة . وقد أجمعت الآراء على أهمية العرض على الرغم من اعتراض البعض على طريقة التقديم . د.سامر عمران: لا يمكن أن نقبل بإيقاف العرض -عميد المعهد د.سامر عمران تحدث عن التجربة من خلال موقفين فهو أولا: مشارك في العرض فهو قد أعد موسيقا العمل ،وثانيا كونه بشكل ما المسئول عن هذه التجربة بحكم موقعه الإداري وقد قدم رأيا أكاديميا مفصلا ،وضح فيه قراءته للعرض ،وخلص إلى أهمية أن يقدم المعهد هذه النوعية من العروض التي قد لا يتاح تقديمها في مكان آخر بسبب جرأة العرض وخصوصيته ومقدرة المعهد على الوفاء بمتطلباته . ومع بعض نقاط الاختلاف أكد عميد المعهد على أن ايجابيات العرض أكثر من سلبياته بكثير ،حيث أشاد بالمخرج ومقدرته على التعامل مع عناصر العرض كافة مؤكدا أنه وفق في اختيار الممثلين وتصميم الديكور والإضاءة والموسيقا واستطاع أن يستغلها لخدمة العرض بأفضل صورة . وفي سؤال للعميد د.عمران حول بعض الشائعات التي أطلقت حول إمكانية إيقاف العرض بسبب جرأته أكد عميد المعهد بأنه لا يمكن أن يقبل بإيقاف العرض,ولو أمر بذلك نتيجة لبعض الآراء المتشددة لكان قدم استقالته ،سيما حينما لا يكون سبب الإيقاف سببا فنيا ،بل لمجرد جرأة لازمة لم نعتد على طرحها في مسارحنا . وقد شكلت الندوة نقاش حضاري وعلمي وثقافي ،ومع التزام عميد المعهد وتأكيده على إقراره كتقليد فإننا نأمل أن ذلك سيدفع بالعجلة المسرحية إلى الأمام. تصوير :زياد فلاح
|