أو حتى جدولته كما يأمل معظم الأميركيين الذين جاب مئات الآلاف منهم مدناً أميركية عديدة مطالبين بعودة الجنود الأميركيين إلى ديارهم.
وكونداليزا رايس أدلت بدلوها- كما فعل رئيسها- عشية الذكرى الرابعة لبدء الغزو, داعية الأميركيين للصبر?!
وبعيداً عن القتل والدمار في العراق, وقرار إرسال مزيد من الجنود إلى هذا البلد المنكوب- أكثر من عشرين ألف جندي- فإن للاقتصاد كلمته أيضاً. فالاقتصاد الأميركي بكل ضخامته وقوته يعاني من عجز كبير, والدين الأميركي يعد من أكبر الديون في العالم بحسب المختصين. وهكذا يجد دهاقنة المال والسياسة في الولايات المتحدة أن الحروب يمكن أن تنعش اقتصادهم لإبعاد شبح العجز في فترة قصيرة. من خلال شن حروب منخفضة التكاليف باستغلال البلد المحتل ونهبه اقتصادياً, وهو ما حدث تماماً في الحرب الحالية. فيجري تغطية العجز عن طريق التعاقدات.. وللتوضيح فإن الإصرار الجنوني على المضي في الطريق الخاطئة والولوغ في دماء وثروات العراقيين- إذا جاز هذا التعبير- يعكس الرغبة في التخريب المتعمد لهذا البلد المنكوب. وهي عملية بدأت قبل الاحتلال, بالحصار الطويل لتجويع الشعب العراقي, الذي أعقبه الغزو المباشر وتحطيم الدولة بكل مكوناتها, وآخر الأنباء تؤكد أن استباحة ثروات العراق تتوالى, فلم يكتف المحتل بالقتل والتدمير وتهجير العراقيين, والأرقام تؤكد أن أكثر من أربعة ملايين عراقي اضطروا إما إلى النزوح عن مناطقهم داخل البلاد أو المغادرة واللجوء إلى دول الجوار, ناهيك عن قتل العلماء والمختصين.
فواشنطن تسعى لإفراغ العراق حتى من سكانه, وعلى طريقة الشركات الاحتكارية الخاسرة التي تطرد موظفيها أو تعيد الاندماج مع شركات رابحة لتفادي الإفلاس والانهيار- تقوم الإدارة الأميركية بنفس الدور لإلحاق الاقتصاد العراقي بالكامل بعجلة احتكاراتها, فالقوانين الصادرة في ظل الاحتلال أعطت الشركات الأجنبية, (الأميركية) طبعاً حق الملكية والتملك لجميع قطاعات الاقتصاد, ويشمل هذا الحق إدخال وإخراج الأموال وحق البيع والشراء, وحسب المصادر الموثوقة, فهذه الشركات تدخل الأموال وتخرجها كيفما ومتى تشاء, وتشتري وتبيع وتختلس وتخرب دون حسيب أو رقيب وبحرية مطلقة.
بل بلغت استباحتها لثروات الشعب العراقي أن بإمكانها توظيف من تشاء ومن أي بلد كان? وهي طبعاً معفية من بداية ضرائب الأرباح. ولا يخفى على أحد ما قامت وتقوم به شركة هاليبرتون الأميركية التي نقلت مقرها مؤخراً من ولاية تكساس إلى مدينة دبي. وفضائحها تزكم الأنوف بدءاً من تقديم وجبات فاسدة إلى الجنود الأميركيين وكذلك الماء الملوث, ومروراً بتهريب النفط العراقي وانتهاء باستقدامها لمجموعات تخريبية- استخباراتية للقيام بعمليات قذرة من قتل وتدمير.. وهي بانتقالها إلى دبي تسعى للتهرب من الضرائب ومن الملاحقة القانونية, لأنها تصبح خارج الأراضي الأميركية, بالتالي تزيد مشاريعها وتنمي قدرتها التنافسية بأعمال اللصوصية في العراق الجريح. والأرقام هنا تؤكد ما ذهبنا إليه فقد بلغ حجم أعمالها أكثر من 25 مليار دولار للعام الحالي فقط.
ومعروف للقاصي والداني أن نائب بوش, ديك تشيني يديرها مع عدد كبير من المسؤولين السياسيين والأمنيين الأميركيين. أما النفط العراقي واحتياطياته الهائلة, فتلك قصة مأساوية أخرى, فرغم أنه كان مستثنى نظرياً, (وهو ملك الشركة الوطنية للنفط) أي يفترض أنه لجميع المواطنين العراقيين. فإن مسودة قانون مقترح ربما سيرى النور قريباً- سيصبح مستباحاً أيضاً! لكن هذه المرة بطريقة (مقنوننة) أي إن الشركات ومعظمها أميركي بطبيعة الحال ستستولي عليه,ولا يبقى للشركة الوطنية سوى الفتات من الاحتياط المكتشف, أما غير المكتشف فلهذه الشركات. وهذه الأنباء المتواترة تكاد لا تصدق, لكنها الحقيقة المرة والمؤلمة حتى الموت قهراً لشعب استباحوا أرضه وأرواحه وثرواته. فهل يقبل عاقل في الدنيا بأسرها أن لا ينتفض العراقيون ويطالبوا بحريتهم وثرواتهم?!
وهل يمكن للعرب وللعالم السكوت عن جرائم مروعة بهذا الحجم, الذي لم يشهد له تاريخ البشرية مثيلاً على الإطلاق, وللتذكير فقط, وهو غيض من فيض على الوحشية الأميركية فإن 12 ملياراً من أموال العراق وزعها المحتلون على شركات وهمية وعلى أفراد تابعين له وبددت في شراء الذمم والضرائب, علماً أن بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي كان يسيطر عليها, وهي أموال تجمعت من أموال عراقية صودرت كما تجمعت من برنامج النفط مقابل الغذاء.
وكلنا نتذكر الضجيج الإعلامي حول الفساد الذي رافقها في أروقة الأمم المتحدة. لكن تم نقلها بسفن وطائرات أميركية إلى العراق ليتم تبديدها هناك.. وعلى حد قول كاتب صحفي مرموق: لو أعطيت هذه الأموال ل(شمبانزي) لتصرف بها في شكل أفضل.