وتلك العلاقة الحميمة معها والتي لم تنأ بها قوة ثقافة الفنان الدكتور فرج وتجواله في المدارس والتقنيات الغنية والمتنوعة عن ذلك الحس الجمالي الطفولي فتغدو تضاريس المكان- البيئة ,جزءاً من تضاريس اللوحة وعبقا من ذلك التاريخ الغني بالتحدي وبنشوة الانتصار وهو وما عبر عنه الفان فرج بقوله: ( انه معرضي الفردي الاول بالسويداء وفاء لبلدي الذي اعتز به, خصوصا ان ملامح الموضوع على غرابتها تتصل بالانسان والارض وبعمق الحيوية لأبناء السويداء لذلك فإن كل الاعمال احس فيها ان الانسان طموح,منتصر وغير خانع, فالذاكرة مليئة بالاحداث التي تسطر تاريخ الاجداد , تاريخ الارض, والعراقة) وقد اراد الفنان للوحته ان تعبر عن فكرة مفادها:( إن اهمية وجود الانسان نابعة من صلابته.. هكذا ارى اللوحة, فالابيض والاسود كما الاعمال الملونة تحمل هذا الانتماء, فهي تنبع من ذاكرتي وذاكرة اهلي الذين يعملون بصناعة السجاد, وقد أوحت لي برؤية ابداعية جديدة) وحول تموجات اللوحة الايحاءات اللامتناهية والتي تشيه في تموجها.
ويفسر الايحاءات اللامتناهية للوحته, بقوله: إن الايهام في اللوحة هو من خصائص الغرافيك وفن الطباعة والمقصود الرسوم المحفورة بوسائل معينة على سطوح المعادن او اللدائن المحفورة بأوراق خاصة, وان التخطيط على السطح يوحي بأننا( نرى شيئاً وننتقل الى امر آخر دون تحديد ودون ان تنتهي الصورة) فالحس الانساني موجود في كل لوحة( الابيض متدرج نحو الرمادي دون وجود منظور محدد او خط هندسي), واستطيع ان اقول: (عندما يكون المتلقي قادراً على الاحاطة بموضوع اللوحة من كل الجوانب, اكون قد حققت غايتي منها) والفنان الاستاذ قد يضيق بثوبه الاكاديمي فهو يقول في معرض حديثه: انا ضد الفوتوغراف لي ثقافة واحساس وارض.. هذه هي الحداثة, فهي مدرسة ليست انطباعية او تجريدية او كلاسيكية, بل هي كل هؤلاء معاً فقد اخرجت نفسي من كل المدارس لأطرح شيئاً جديداً عبر حامل الثقافة انا اخذت مساراً وليس مدرسة ولكن على طريقتي!
الفنان عادل ابو الفضل حدثنا عن قراءاته للوحات الدكتور فرج فقال:فرصة طيبة ان يلتقي جمهور محافظة السويداء بفنان مبدع اعطى الحركة الفنية التشكيلية المعاصرة منهلا ومعينا لا ينضب.
فالاستاذ الدكتور عبد الكريم فرج غني عن التعريف فهو عميد كلية الفنون الجميلة واستاذ لمادة الحفر كما انه فنان تشكيلي عربي ودولي حصد الكثير من الجوائز الدولية من خلال اعماله الفنية.
عند وقوفنا امام تلك الاعمال تأخذ نشوة الى عوالم من البهاء تغوص في بواطنها تقودك خطوطها تمشي مع ثناياها تتلوى مع منحنياتها تعشق ملمسها وقوامها تتمنى ان تلمسها بعينيك دون ان تؤذي محياها فجأة تقف بؤرة ضوئية لتنعش فؤادك فتستفيق لترى تلك البهجة.
عبد الكريم فرج معلم من الطراز الاول يعرف كيف يعزف تارة يدخل الى الريف ليس بشكله لكن بالروح هذه كتل من سنابل القمح الملقاة على البيادر وتارة البيوت الهادئة والملتصقة بالانسان- نشوة الريف لا مثيل لها ابن المدينة يسخط على حظه من خلال اعمال الفنان, لأن اناشيد الفرح تصدح لتعانق حنين الارض والانسان.
عبد الكريم فرج ارجله في البيادر مع سنابل القمح ورأسه شامخ يجول العالم بمحبة وعطاء وعلينا ألا ننسى تلك الرقاع المنسوجة بروحها مع الاجداد وعظمتها مع الاحفاد صاغها الفنان الانسان بنسيج المستقبل وعرف كيف يقدم لنا مادة مبدعة بهية قل ان تعامل معها فنانون معاصرون .
هذه الاعمال المعروضة تحتاج الى وقفات مطولة انت تسمع, تفرح, الغناء المنساب مع الخطوط تشعر بسكينة ثم تشهق لترى نفسك مع بقعة ضوء حمراء- صفراء-زرقاء-سوداء ثم تعود الى السكينة مرة اخرى هنا لا تشبع مع تلك البهاء- دائما جائع متعطش للعودة مرة اخرى لتلك الاعمال.
عبد الكريم فرج رومانسي لكنه ثائر بداخله-هادئ بقسمات وجهه لكنه غاضب على الفاسد والمفسدين يبحث عن سكينة ليست على الارض خلال تجوالك في المعرض تشاهد في اللوحة 77 الخامة قماش ملون مرصوف ببنائية هندسية غير منظمة فيها من التوازن الحار المتداخل مع البارد بخطوطه من الاسود مما يجعل العين تتحاور مع الالوان الحارة غالبا والمحاطة بمستطيل ضوئي يليها الحوار مع الالوان الحيادية بينما اللوحة 78 البنائية تختلف بأفقية التكوين تقربك الى عوالم الطبيعة متغلغلة مع ثناياها بعض البيوت ضمن افق حار مضاء.
استطاع الفنان الدكتور عبد الكريم فرج ان يقدم لنا الخامة المستخدمة من خلال مادة القماش- لوحة فيها الحنين الى الارض والانسان معا العلاقة جدلية ممزوجة بحس فلسفي مضاءة بروح التراث مقدمة بحداثة بينما اللوحة 87 تجعل الناظر امام عمل قل نظيره من تلك البهجة الحارة الممزوجة ما بين الاحمر والزهري مع تلك الرعشات الباردة ما بين الازرق والاخضر تجعلك امام حقل من السنابل ولكن علينا ألا ننسى المخزون التراثي الذي ينهل منه الفنان بحرية مرنة ولكن بسوية قل نظيرها بين الفنانين ليضيف روحاً معاصرة, مما يجعلك تقف امام لوحة فيها كل الحداثة.
المجموعة الثانية-استعمل الفنان الاحبار- الاسود- البني- الاصفر بريشة المصور الحفار تبرز بين خطوطها ومضات الضوء الابيض, علني اقف امام غابة من الاشجار لترسل الشمس اشعتها ولكنها ليست بغابة فهي خطوط متشابكة تقودك الى ما وراء الموجود.
المجموعة ا لثالثة-علينا ألا ننسى ان الفنان هو ابن الحفر ومجموعته قدمها تارة بالابيض والاسود واخرى ملونة يستخدم فيها الابرة الحادة وكأنها فرشاة سهلة تنساب على السطح لتقدم لنا لوحة رائعة الجمال والمدلول .
قلة من الحفارين يقومون بهذا المزج الأخاذ.
الدكتور عبد الكريم فرج في سطور
من مواليد السويداء .1943 درس الفن في كلية الفنون الجميلة بدمشق (بكالوريوس) ...1971 ما جستير بدرجة ممتاز في فن الغرافيك والطباعة 1978 من اكاديمية الفنون الجميلة في وارسو بولونيا.
دكتوراه في تاريخ الفن من جامعة وارسو ..1984 درجة استاذ في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق منذ .1997
أقام معارض فردية في كل من بولونيا وسورية وبريطانيا..رئيس قسم الغرافيك في جامعة دمشق 1987-1989-.2003
مثل سورية في عدد من اللقاءات الدولية لفن الغرافيك في المانيا- درسدن 1989 -مصر-البينالي الدولي للوشم في شمالية فرنسا 1994-1998 - البينالي الدولي للحفر بالابرة الحادة في مدينة اوجيتس يوغسلافيا 1995 البينالي الدولي للوحة الصغيرة في الحفر في مدينة اولفستروم في سويد 1995 المسابقة الدولية للشارات الغرافية في مدينة بلغراد - يوغسلافيا 1995حصل على العديد من الجوائز العالمية والعربية له اعمال مقتناة في سورية وعدد من البلدان العربية والاوروبية.
m - shofe (a) scsnet org