الانسحاب الأميركي من العراق .. تضليل مخادع
شؤون سياسية الأربعاء 1-9-2010م غسان العزامي ثمة من يروج هذه الأيام للانسحاب الأمريكي المزعوم نهاية شهر آب والأمر برمته اكذوبة احتلالية لاتختلف في طياتها عن صفحات الاحتلال التي مرت طوال السنوات السبع العجاف وخبرها العراقيون بكل مرارة وقهر وظلم فأصبحوا على دراية تامة بمكائد المحتل وآلاعيبه.
فليس هناك ثمة عاقل يقول إن الاحتلال الاميركي جاء من أجل سواد عيون العراقيين لينشر فيهم قيم الخير والعدل والانصاف..
هذه الشرذمة من المحتلين هي التي أذاقت العراقيين الأمرين ولم يلمس العراقيون منهم سوى القتل والتشريد واليتم والفاقة والفساد بنوعيه الاداري والسياسي. وكانوا السبب في حضور تنظيم القاعدة وفصائل مسلحة أخرى الى العراق، ومارسوا شتى انواع التعذيب وقساوته بأيديهم ضد العراقيين داخل السجون المختلفة مثل بوكا وأبو غريب السجن الكبير الذي امتلأ بالمقاومين نساءً ورجالاً ، شيوخاً وأطفالاً وغيره من السجون السيئة السمعة، وواجهوا قهر الاحتلال وجوره واجرامهم وغير ذلك من المتاعب والمصاعب التي جرها عليهم الاحتلال ، ماذا ترك المغول الجدد خلفهم غير الخراب وزيادة الأرامل والأيتام والامراض والتهجير والاحزمة الناسفة، وماذا أهدوا العراقيين سوى الجوع والخوف وقتل أكثر من مليون شخص. سبعة أعوام والعراق اليوم يودع قوافل الفرق القتالية الأميركية العائدة من اختيار نشر الديمقراطية بقوة السلاح . إن مرامي الاستعمار الحديث وأهدافه هي سيطرة الولايات المتحدة على العراق والمنطقة وترهيب سكان المنطقة وتدمير العراق وإضعافه وتركه للفوضى وتفتيت الصف العربي واضعافه والتحكم بمنابع النفط ودعم موقع «اسرائيل» ودورها في المنطقة . حيث يصر المسؤولون الأميركان ويشاطر الرأي العديد من الجنرالات على ان مهمتهم في العراق قد انجزت بعد سبعة اعوام من الاحتلال، صورة العراق بعد هذه السنوات السبع من التضليل قاتمة والوعود التي أطلقوها بالديمقراطية النموذج لم يستطع الشعب التعايش مع الحالة الجديدة والدخيلة ، غير ان الانسحاب العسكري الاميركي الذي يجري حالياً وتسلط عليه الاضواء لايعدو كونه انسحاباً شكلياً لن يكون في مصلحة العراقيين لأنه لن يساهم في انهاء محنتهم ولن يوقف معاناتهم المريرة مع العنف والارهاب .
ولايغير من واقع الامر شيئاً لان العراق سيظل في دائرة النفوذ والهيمنة الاجنبية . لقد ادرك المحتل منذ أيامه الأولى فداحة المشكلة التي وقع فيها ، فوقف بوش فوق حاملة الطائرات ابراهام لنكولن عام 2003 ليعلن وقف العمليات القتالية وتبين للعالم بأسره كيف انه كان كاذباً وان الصورة التي سوقتها ادارته ما كانت لتعيش سوى أيام قليلة.. فقد اعقبتها صفحات من القتال والمقاومة الباسلة لأبناء العراق الغيارى من شماله وحتى جنوبه ومن شرقه حتى أقصى غربه، حاول المحتل وبأساليب ملتوية أخرى متشبثاً بما تمليه عليه دوائر استخباراته ومراكز بحثه ولجانه التي زاوجها من مقاتليه القدامى وخبراء حربه ولكنها لم تستطع أن تنتشله من الفشل الذريع الذي أحاط به من كل جانب، ثم جاء التغيير الذي رفع لواءه الرئيس أوباما ليقول في حملته الانتخابية إنه عازم على انهاء هذا الفشل محاكاة لمشاعر أبناء شعبه الذين كانوا يومياً على موعد مع قوافل قتلاهم قادمة من العراق. غير أن رؤية المحللين لهكذا تصريحات أنبات عن عدم جدية أوباما فيما يصرح به، وهاهي الأيام تثبت أن أوباما على خطا بوش ولكن بأسلوب ملتو آخر يعرفه المعنيون بالسياسة الأميركية، حدد أوباما الانسحاب الأولي في الحادي والثلاثين من أب 2010 لكنه انسحب سراًَ قبل هذا الموعد ولرب سائل يسأل: هل انسحب لأن الأمر مستتب لهم بحيث عجلوا من الانسحاب سعياً لاسكات الأصوات الرافضة لمواصلة الحرب من الداخل الأميركي؟ إن نظرة متفحصة لما جرت عليه الصفحات الاحتلالية طيلة السنوات الماضية تنبىء عن حجم المأزق الأميركي في العراق، فالوضع في العراق مربك بسبب سياسات المحتل. إن الانسحاب الأميركي المزعوم من العراق صورة إعلامية كاذبة ومخادعة يراد منها مماطلة الوجود بأسلوب آخر أقل كلفة مادياً وجسدياً وإن بقاء القوات الاحتلالية في قواعدها وكما يدعون بنهاية عام 2011 بملاك خمسين ألف جندي مع قاعدة عسكرية موزعة في كل أنحاء البلاد سيجعلهم في أمان من ضربات المقاومة العراقية هذا ظنهم فهل هذا العدد لأجل التدريب وحسب ادعائهم وإذا كان كذلك، كم سيكون قوام جيش العراق اذا كان مدربوه بهذا العدد اضف إلى ذلك التوجيه بزيادة عدد الشركات الأمنية من المرتزقة إلى عشرات الآلاف من المتعاقدين الأمنيين، ماذا يعني ذلك، ألا يعني تواجداً طويل الأمد بأسلوب ملتوي أوبامي آخر؟ بقي أن نقول: إن القوى الرافضة للاحتلال والمقاومة العراقية على بينة ودراية تامة فيما يصوغه ويخطط له المحتل وانها أعدت لكل أمر ما يناسبه، وعلى القوى السياسية العراقية تشكيل الحكومة العراقية بأسرع وقت ممكن والتماسك الوطني والاستقرار والأمن وسيادة القانون لتفويت الفرصة على الاحتلال بالبقاء إلى ما لا نهاية والتذرع بانعدام الاستقرار أو الفوضى. وخلاصاً من الاحتلال الذي ضحى العراقيون بدمائهم وأرواحهم من أجل طرده وهزيمته.
صحفي عراقي
|