بعد قرابة العقد من الغزو والاحتلال بل إن الأمر مرشح إلى المزيد من التصعيد وهذا باعتراف الأمريكيين أنفسهم حيث أقرت إدارة البنتاغون أن هجمات المسلحين اتسعت وأن استراتيجية أوباما- أو سلسلة استراتيجياته - لم تغير من واقع الأمر شيئاً .
بل إن قوات الناتو على موعد مع تصعيد غير مسبوق مع اقتراب موعد الانتخابات بما في ذلك منطقة شمال البلاد بعد أن وجدت طالبان موطئ قدم لها في هذه المنطقة التي كانت تصنف من ضمن المناطق الآمنة في أفغانستان. المخاوف الجديدة من هجمات المسلحين وتمددها على طول البلاد وعرضها تأتي في الوقت الذي اعتبر فيه الرئيس الأفغاني حامد كرزاي أن العنف يأتي من خارج البلاد، في إشارة منه إلى المسلحين في باكستان وتعاظم نفوذهم على طول الحدود بين البلدين وفي الوقت الذي دعت فيه السلطات الباكستانية الإدارة الأمريكية الكف عن الحديث عن أي نوع من الانسحابات كي لا يغر ذلك المسلحين ويشجعهم على زيادة قوتهم على أمل الخلاص من قوات الناتو ووجودها على الأراضي الأفغانية فيما يحتفظ الأمريكيون بما أسموه (صمت أوباما) حول ما سيحدث في تموز 2011 وهو الموعد الرسمي لبدء انسحاب القوات الغربية من هذا البلد.
ففيما اعتبر مايكل أوهانلون من مؤسسة بروكينغز للأبحاث أن أوباما اعتمد سياسة إرباك متعمدة حول هذه المسألة في محاولة للاحتفاظ ببعض المرونة حول ما سيفعل في الصيف المقبل يجد آخرون أن سبب صمت أوباما هو لأن ليس لديه ما يفعله أو يقوله إزاء هذا البلد بعد تساقط استراتيجياته المختلفة من جهة ومن جهة ثانية استمرار تساقط جنود الناتو وارتفاع خسائره وسط تزايد سخط الرأي العام الأمريكي عن جدوى الاستمرار في الوجود بهذا البلد.
الإدارة الأمريكية تحاول الإيحاء للمسؤولين الأفغان بأنها ستنسحب بهذا التاريخ بهدف دفعهم لتحمل المزيد من المسؤولية -كما يقولون- ولكن واقع الأمر يقول إن الناتو نفسه بكل ما يملكه من إمكانات لا يستطيع أن يكبح جماح المسلحين فكيف بالأفغان الذين يعانون أصلاً من التمزق وضعف الإرادة السياسية وقلة الإمكانات أن يستطيعوا ضبط الأوضاع المرشحة لمزيد من التدهور؟!.
وهذا ما يعني أن القوات الغربية لن تنسحب من أفغاسنتان في الموعد المقرر وفي حال انسحبت والأوضاع على حالها فتكون قد استسلمت لواقع الأمر وأرادت أن تحتفظ بما تبقى من ماء وجهها نتيجة خسائرها المتصاعدة في هذا البلد وهو الأمر الذي يبدو غير محتمل بحسب ما ألمح إليه الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الغربية في أفغانستان بقوله إنه لا يعتبر موعد تموز 2011 ملزماً.
ومع الإقرار بتصاعد القتال مع حركة طالبان صدرت تصريحات من قيادة البنتاغون أن سبب ارتفاع عدد الضحايا في صفوف الناتو يعود إلى ارتفاع أعداد القوات مما يدل على أنه مؤشر أولي على خفض القوات في هذا البلد من جهة كما يدل ذلك في نفس الوقت على التخبط الغربي في استنباط الاستراتيجيات والتي ثبت فشلها الواحدة تلو الأخرى غير مدركين أن الاحتلال هو الذي يجلب الخراب والاقتتال للدول التي تقوم واشنطن بغزوها واحتلالها.