وأنا أغنية خضراء ما مسها عود ولا وتر، أنا ابن الأرض، أنا ابن كل ذرة تراب عطِّرت بدما حر أبي، أنا اللهب القدسي أعانق من رصف الدرب بالدم ورداً ورياحين.
هنا على زند الزمان وحكاية الدهر ينسكب الفداء أغنية، وأنا منها لحن وأنتم الوتر، أيا إخوة السلاح: ما نفع أرض بلا كرامة، وما نفع حياة بالذل والمهانة، أنتم دروب العلا، ومعراج الأرض إلى السماء، إخوتي: يا طهر الجبين مكللاً بالغار، معطراً بالندى من سفوح جبل الطهر حرمون، ومن بيادر القمح في كل شبر من أرضي، ومن عذب الماء فراتاً، ومن شموخ جبالنا يعانقها الغيم صاعداً إلى قمم ما انحنت إلا للخالق.
إخوتي: لا شيء غير الفداء، فجلَّ الفدائي وجلَّ المفتدي، هنا في ملكوت النور أطفال بزغب القطا، وهنا رجال على جباههم وشم الدهر كالأرض هي المبتدا والمبتغى.
هنا ورود من دمنا أينعت، وأنتم لها النسغ والماء الطهر والزهر والعبق، وأنتم أغانيها تملأ الكون
والصدى.
وطني: يا وردة من دمي ترشف، أنت الحكاية، لك البهاء.. والمجد والسنا.. على دروبك كروم الشوق وقناديل النور، وما عرفت يوماً إلا الصعود إلى العلا، وطني.. أنا الشهيد لولا قدسك وطهرك ما كنت هنا ارفل بالسنا.. يا وطناً تقدَّس ترابك.. ماؤك.. شجرك.. قمحك.. ظلالك.. جبالك.. سهولك والمنحنى.. تقدَّس طفل في مواكب الفدى ارتقى، وتعمَّد بالطهر شهيداً ما أخلف الوعد.. أنا يا وطني غصن وأنت الجذر.. وآلاف آلاف الغصون تفتدي الجذر.. غايتي أني سقيت ثراك دمي.. وما أتيت إلى الظما.. فكنت النبع وكنت المشتهى.
بورك الجرح.. بورك الفدائي.. وتقدّس الوطن ويوم هو كل العمر، لا ساعة ولا منتهى، جلّ الفدائي وجلّ المفتدى، وطني يا طهر الندى.