وإذا أردنا أن نستخدمه فكيف يكون ذلك..? وإذا عرفنا كيفية استخدامه فهل نفكر فيه...?
الدكتورة سلوى مرتضى دكتورة في كلية التربية تجيب على ذلك بحوارنا معها عن كل هذه الأسئلة, معرفة في البداية الحوار مع الطفل أنه عملية اتصال تستمر في اتجاهين: الأول يتمثل في محاولة فهم الأفكار والمشاعر التي يعبر عنها الطفل والثاني يتمثل في الاستجابة أو الرد بطريقة نافعة.
ومحاولة فهم الأفكار والمشاعر تحتاج إلى الإصغاء للطفل ومفهوم الإصغاء هو واحد من أهم مفاهيم علم النفس وربما كان أكثرها أهمية فيما يتعلق بالاتصال بين البشر.
وتضيف الدكتورة سلوى :إن الطفل يعلم أنه يحيا إذا سمعه أهله عندما يصرخ ويصغون إلى الحاجات التي يعبر عنها, فمنذ أن يحس الطفل أن أهله لا ينصتون إليه يكتشف قلق الوحدة والخوف من الإهمال,لذلك وهو لا يملك قوة النطق بعد يحاول بشتى الطرق أن يسمع صوته, صراخه...تكسير..إيماء, بكاء..وذلك ليبرهن أنه موجود ,وفي الواقع فإننا نحن الكبار لا نتحدث إلى الطفل إلا عندما نطلب منه شيئا مثل: ألبس ملابسك ,تناول طعامك-اذهب إلى الفراش أو عندما يخطىء فنستعمل معه عبارات الوعيد والتهديد والزجر أو نمدحه بعبارات هي في واقع الأمر رشوة نقدمها للطفل لنعبر له عن رضانا عن سلوكه كأن نقول له( شاطر-بطل- ممتاز) هذا في واقع الأمر ليس حديثاً على الطفل إنما هو أسلوب للتعبير عن مشاعرنا.
أهمية الحوار في حياة الطفل
توضح الدكتورة سلوى أن الحوار بين الطفل والمربي يؤدي إلى مجموعة فوائد نذكر منها: التعارف: إذا كان هناك حوار كان هناك تعارف أي أن يكون الشخص المحاور (الطفل) أقرب إلى بقية أفراد الأسرة أو إلى المعلم.
التآلف: يزيد الحوار من التآلف بين المربي والطفل .
التكاشف: فهو يتم من خلال الحوار, سيتم التكاشف والوضوح للجميع وبهذا تنكشف المشكلات التي يعاني منها الطفل.
التلاطف: لأن الجو اللطيف الذي يسود الحوار البناء يساعد على تقوية أواصر التعاطف بين الطفل والمربي.
وأخيراً التعاطف فمن خلال الحوار تزداد المحبة بين الطفل والمربي والحوار المطلوب هو حوار إيجابي لأنه يساعد في تنمية تفكير الطفل من خلال الأسئلة والأجوبة المطروحة, ما يؤدي إلى زيادة كمية ونوعية الأفكار التي يمتلكها الطفل كما يتوسع خياله أيضاً.
الحوار وتنمية الإدراك:
تبين الدكتورة سلوى أن الإدراك عملية معرفية نتيجة لتربية طويلة تشترك فيها التجربة مع العقل والمجتمع مع الفرد وتسبغ ثقافة المجتمع على المدركات حلة اجتماعية وثقافية تتمثل في التوفيق بينهما وبين ما يوافق الآخرين ,وتلعب اللغة دوراً هاماً في عملية الإدراك لأنها تساعد على المقارنة بين الأشياء وتمنحها صفات تطبعها كل لغة بطابعها المميز, واللغة ضرورية لإنشاء حوار والحوار ضروري لتنمية الإدراك لذلك علينا أن نشجع الطفل على طرح الأسئلة وأن نفسح له مجالاً للتفكير بحل المشكلات المختلفة ليسهم في توسيع مدركاته وتنمية تفكيره, لأن طفل التاسعة يصبح بإمكانه إدراك التمايز والتشابه بين الأشياء و يصبح قادراً على ملء الفراغات الإدراكية والتمييز بين الأشكال المتقاربة وما يميز إدراك الطفل في هذه المرحلة ازدياد قدرته على إدراك الزمان وأجزائه ووحداته.
المنهج التربوي لتشجيع الأطفال على الحوار
تقول الدكتورة سلوى :إن المنهج التربوي يرتكز على مفهومين رئيسيين بإمكان المربي تطبيقهما وفق خطوتين متتاليتين للتواصل مع الطفل على النحو التالي:
الخطوة الأولى وتعني راقب, انتظر, أنصت إلى الطفل وهي تتضمن مراقبة انتظار وايضاح لفهم كلام الطفل لأن لكل طفل أسلوبه الخاص المكون من حركات الجسم والأصوات ولكي يتعرف المربي على طفله عليه ملاحظته ومتابعته ثم إعطائه فرصة كافية للتواصل بطريقته الخاصة مع الاستماع إليه جيداً,وعندئذ سيدرك الطفل مدى الاهتمام به والحرص على الاستماع إليه وهذا من شأنه المساعدة على التواصل لأن الطفل سيدرك أن محاولاته للتواصل تلقى الاهتمام والترحيب من الآخرين, وفي هذه الخطوة يمتزج الحنان بالتعليم وينمو تفكير الطفل .
الخطوة الثانية : هي السماح للطفل أن يقود الحديث وهنا على المربي أن يتعرف على نفسه أولاً وإلى أي فئة من الفئات التالية ينتمي
1- مربي مبالغ في المساعدة: يقدم المساعدة للطفل دون أن يطلبها الطفل ولا يفسح المجال للطفل لأن يعبر عن رغباته الخاصة.
2- مربي مستعجل: هو الذي يعبر عن الطفل عما يريده بدلاً من الاستماع إليه .
3- المربي الملقن: هو الذي يلقن الطفل, ويتحدث عنه ولا يسمح له بالمشاركة بالحديث.
4- المربي المستجيب: هو الذي يشجع الطفل على التحدث بتقديم استجابات مناسبة لمبادرات الطفل كحافز على التقدم في الحديث والتواصل.
فإذا كان المربي ينتمي إلى الفئات الثلاث الأولى عليه أن يتحول مثل كل شيء للفئة الرابعة المستجيبة المشجعة ولكي يتحول إلى هذه الفئة عليه الأخذ بما يأتي:
1- أن يكون وجهاً لوجه مع الطفل ويشاركه في تركيز النظر إلى الأشياء .
2- أن ينتظر الطفل ويمنحه فرصة ليعبر عن نفسه بطريقته الخاصة بدلاً من توقع احتياجاته أو مقاطعته عند قيامه بأي محاولة للتواصل.
ويحاول تفسير أفعال الطفل الصادرة عنه وأن يتم التعاطف مع الطفل في الجهد المبذول من قبل الطفل لأداء عمل معين وتشجيع الطفل على المبادرة من خلال استخدام اللعب أثناء الحديث وتقديم المثيرات المحببة التي تساعده على التواصل.
أسس الحوار مع الطفل
توضح الدكتورة سلوى أن هناك ركائز أو لنقل أسساً يعتمد عليها الحوار مع الطفل نذكر منها:
1- أن نتقبل مشاعر الطفل قبل بدء الحوار معه, فالأطفال يفكرون وتدور الهواجس والأحاسيس في داخلهم ولكن الفرق بينهم وبين الكبار أنهم لا يستطيعون التعبير عن مشاعرهم فتعمل الأحاسيس المختلفة بداخلهم للتعبير, وتظهر هذه الأحاسيس على شكل بكاء أو نوبات غضب أو هروب أو التصاق بالأم أو الأب أو رفض المحاولة أو ضرب أو غضب ,وما إلى ذلك وما يفعله الكبار عادة تجاه ذلك هو توبيخ الطفل أو نهيه عن إظهار مشاعره بهذه الطريقة.
الاستماع إلى الطفل
من النادر أن نسمع إلى الطفل إلا إذا لجأ إلى الشكوى أو البكاء فالأم عادة تنشغل عن ابنها ولكنها تأتي مسرعة إليه حين تسمع بكاءه, وفي بعض الأحيان يتحدث الطفل ولكن نكون مشغولين عنه بأشياء أخرى والاستماع يتطلب أن نجلس في مستوى نظر الطفل ونصغي إلى حديثه وإعادة ما قاله لكي يتأكد الطفل من أننا نستمع إليه.
العوامل المؤثرة في الحوار مع الطفل
توضح الدكتورة سلوى أن أهمها نبرات الصوت-وضوح الكلمات وأن تكون المسافة بين المتحدث والطفل قريبة وفي مستوى نظره وعدم استخدام السرعة في التحدث مع الطفل,وأخيراً يجب اعتماد الثبات والحزم وذلك لتحقيق الأمن النفسي للطفل...
مقومات الحوار مع الطفل
تبين الدكتورة سلوى أنه يجب ألا نتحدث مع الطفل ونحن مشغولون بالقراءة أو الحديث أو متابعة المسلسلات وألا يتم الحوار على مائدة الطعام وألا نقاطع الطفل أثناء تعبيره عن مشاعرة وكذلك ألا نستخدم ردود أفعال سريعة عندما يكون الطفل هو المتحدث وألا نسخر من الطفل , كما يجب احترام معتقدات الطفل وطريقته في الحياة وعدم اظهار عدوانية تجاه الطفل ونسعى ألا نفشل في بناء جو من الثقة مع الطفل.