تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دور إدارة العمل في مكافحة ظاهرة تشغيل الأطفال

مجتمع
الاحد 14/8/2005م
ميساء الجردي

لقد تبين عملياً أن محاولات إلغاء عمل الأطفال بشكل كامل رغم أنه هدف إنساني

يسعى العالم لتحقيقه -وهو أمر صعب المنال والتحقيق.إذ يبدو أن هناك ظروفاً اقتصادية واجتماعية وثقافية تتجاوز الإمكانات العالمية وتحول دون تحقيق هذا الهدف.إلا أن عدم إلغاء عمالة الأطفال بشكل كامل لا يمنع من وضع حد لمختلف أشكال الاستغلال الشائع لعمل الأطفال.‏‏

لهذا الهدف ولنشر الوعي حول مخاطر ظاهرة تشغيل الأطفال ودور المفتشين بمراقبة هذه الأعمال ومكانتها ولتسليط الضوء على القوانين والتشريعات السورية التي وضعت لحماية الأطفال في العمل أقامت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بالتعاون مع المركز العربي لإدارة العمل والتشغيل ندوة قطرية حول (دور إدارة العمل في مكافحة ظاهرة تشغيل الأطفال).‏‏

برامج للحد من عمالة الأطفال‏‏

وقبل الدخول في تفاصيل المواضيع المطروحة نشير إلى بعض ما جاء في الكلمات التوجيهية حول مسألة عمالة الأطفال.حيث أشار السيد محمد كشو مدير المركز العربي لإدارة العمل والتشغيل بتونس إلى بعض الأعمال التي يقوم بها المركز وحرص أنشطته القومية والقطرية على مواكبة مشاغل إدارات العمل وأطراف الإنتاج في الدول العربية مبيناً أهمية الموضوع الذي تناقشه الندوة لما له من أبعاد إنسانية وأخلاقية واجتماعية واقتصادية وسياسية.حيث إن تفشي هذه الظاهرة في العديد من دول العالم وخاصة في البلدان النامية سببه تفاقم الآثار الاجتماعية السلبية للعولمة وبرامج الإصلاح الاقتصادي وازدياد حدة الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي.‏‏

وقد قامت كل من منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية بوضع برامج خاصة للقضاء على ظاهرة عمالة الأطفال وخصوصاً ظاهرة أسوأ أشكال عمل الأطفال ووضعت معايير لتحديد السن الأدنى للعمل ومراقبة صحة الأطفال العاملين وخطر بعض الأنشطة اللا أخلاقية.كما أدرجت اتفاقيات دولية وعربية متعددة لهذه المسألة كاتفاقية العمل الدولية رقم 182 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال وإعلان منظمة العمل الدولية لعام 1998 وقد انخرطت سورية في هاتين الاتفاقيتين.كما صدقت على اتفاقية العمل العربية لعام 1996 بشأن عمل الأحداث منذ عام .2002ويختم السيد كشو حديثه بأن الظروف ملائمة للعمل وللحوار بين المشاركين من خلال هذه الندوة للوصول إلى نتائج طيبة في مكافحة عمالة الأطفال.‏‏

ثروة إنسانية‏‏

ولأن هذه الظاهرة لها مخاطرها وانعكاساتها تقول الدكتورة ديالا الحج عارف وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في كلمتها:إنه لا أهمية يمكن أن تكتسبها هذه الندوات أن لم نتوصل من خلالها إلى تنفيذ عملي,وما أهمية تصديق اتفاقيات دولية ان لم نكن على دراية تامة بتنفيذ هذه الاتفاقيات,مبينة ضرورة خلق ثقافة تعنى بعمالة الأطفال باعتبارهم ثروة وطنية أهم من الماء والكهرباء والثروات النفطية.وإن الأساس هي خلق قناعات لدى أصحاب العمل وأرباب الأسر إذ لا يكفي أن يكون هناك مفتشو عمل يقومون بدورهم.فالمشكلة في وطننا العربي هو خلق ثقافة حول عمالة الأطفال ووضع حدود لهذه العمالة والتفريق بين الاستقلال والاستثمار.وعليه يجب أن تتعاون أطراف ثلاثية:أصحاب عمل يمتنعون عن تشغيل الأطفال وأرباب أسر يحملون مسؤولية تربية أطفالهم ويمتنعون من تشغيلهم ونحن حكومات يجب أن نقنع مفتشي العمل أن هذا من أخطر الأمور التي تمارس بحق هذه الثروة الإنسانية.‏‏

مخاطر العمالة على الأطفال‏‏

شارك في هذه الندوة نخبة من المحاضرين وأصحاب الاختصاص إضافة إلى أطراف الإنتاج الثلاثة..وقدم كل منهم ورقة عمل تتناول جانباً مهماً من مسألة عمالة الأطفال ففي الجانب الاجتماعي تحدث الأستاذ الدكتور كامل عمران رئىس قسم علم الاجتماع في جامعة دمشق حول عمالة الأطفال أسبابها وانعكاساتها ومخاطرها على الأطفال أنفسهم وعلى المجتمع حيث قال: ليست كل أنواع عمالة الأطفال ضارة.فكثير من الأطفال العاملين يوجدون في بيئة مستقرة وتربوية مع أولياء أمورهم أو تحت حماية وصي.لكن الذي يبعث على القلق والخوف هو إساءة استخدام عمل الأطفال حيث تنعدم إجراءات الأمن والحماية الاجتماعية.حيث يعمل أطفال كثيرون في ظل أوضاع استغلالية تؤدي إلى آثار ضارة على حالتهم الجسمانية وصحتهم العقلية إلى جانب استبعادهم التام عن التعليم.فمثلاً ظروف عمل جامعي القمامة الأطفال تزيد من مخاطر إصابتهم بالأمراض والعجز من خلال التعرض للرصاص والزئبق ورفع الأحمال الثقيلة ووجود طفيليات في القمامة.كما يتعرض الأطفال العاملون في الزراعة لآثار سلبية ناتجة عن العمل الشاق والمواد الكيميائىة السامة والحوادث الناتجة عن الآليات والمعدات الزراعية.‏‏

وقد اعتبرت منظمة العمل الدولية أن عمل الأطفال كخدمة المنازل من أسوأ أشكال عمالة الأطفال وتتسبب في مشكلات تكيف نفسي واجتماعي خطيرة وإن الضغط النفسي والإصابة بالشيخوخة المبكرة والاكتئاب وانخفاض الإحساس باحترام الذات هي أعراض شائعة بين الخدم صغار السن.كما قدرت المنظمة أن عدد الأطفال العاملين في العالم وصل إلى 250 مليون طفل في فئة 5-14 سنة.‏‏

أسباب تفشي الظاهرة‏‏

ويرجع الدكتور عمران أسباب عمالة الأطفال حسب الدراسة التي يطرحها إلى أولاً:أسباب اقتصادية من مؤشراتها الفقر والعوز وانتشار البطالة بين الآباء فهناك على الأقل في سورية ما نسبته 31,12% مواطناً سورياً تحت خط الفقر الأعلى بالنسبة إلى معيار الإنفاق على الحاجات الأساسية.ومن المؤشرات أيضاً انخفاض دخل الآباء الذين يشتغلون ما يدفعهم لسحب أطفالهم من المدرسة وزجهم في سوق العمل,وأخيراً..التضخم المالي الذي يصيب دخل الأسرة.‏‏

ثانياً:الأسباب الاجتماعية والعلمية والتي من مؤشراتها تدني معدلات التحاق التلاميذ بالمدارس ومسألة الهجرة من الريف إلى المدينة وما تطرحه من زيادة أيد عاملة من الأطفال وأيضاً غياب نظام ضمان اجتماعي فعال وشامل مع عدم معرفة الأسرة بفائدة التعليم وزيادة حجم الأسرة.‏‏

ثالثاً:الأسباب القانونية التي تعود إلى غياب التنفيذ الصحيح لقوانين عمالة الأطفال ونقص المعرفة بهذه القوانين ويرافق ذلك أسباب ثقافية مجتمعية تشجع بشكل ضمني استقلال عمل الأطفال.‏‏

ويشير الدكتور كامل في نهاية مداخلته إلى الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية لهذه الظاهرة وإلى مخاطرها على التطور والنمو الجسدي للطفل وعلى التطور المعرفي والعاطفي والاجتماعي والأخلاقي.حيث إن ذلك كله يؤكد أن القضاء على تشغيل الأطفال هو استثمار في الأجيال القادمة.‏‏

الحماية القانونية‏‏

ومن جانبه يقدم الأستاذ نزار الصليب مدير الدراسات القانونية عرضاً لأهم التشريعات السورية التي وضعت لحماية الأطفال في العمل وأولها:قانون العمل رقم 91 لعام 1959 وتعديلاته بتاريخ 2000 ومما جاء فيه يمنع تشغيل الأحداث قبل سن الخامسة عشرة في بعض الصناعات ولا يجوز تشغيلهم تحت سن الست عشرة فيما بين الساعة السابعة مساءً والسادسة صباحاً ولا يجوز إبقاؤهم في مكان العمل أكثر من سبع ساعات متصلة وأن يتخللها فترة للراحة وتناول الطعام.‏‏

وثانياً المرسوم التشريعي رقم 12 لعام 1982 والذي تضمن عقوبات لكل من يستخدم قاصراً في منزله ذكراً كان أو أنثى وذلك بالحبس لمدة شهرين وبغرامة قدرها 1000 ل.س وتضاعف العقوبة في حال التكرار.‏‏

وثالثاً القانون الأساسي للعاملين رقم 50 لعام 2004 وما تضمنه من قرارات والذي تضمن تحديداً لساعات العمل اليومية للحدث بست ساعات وإخضاعه للفحص الطبي عند بداية التحاقه بالعمل وتحديد سن العمل. ومنع تكليف الحدث بالعمل على آلات وأدوات خطرة مع تحديد الأعمال التي يمنع تشغيله بها.ويشير القانون إلى ما يجب على الجهة العامة في حال تشغيلها للحدث بأن تضع نسخة من الأحكام الخاصة بتشغيله وأن يحرر صاحب العمل كشفاً يبين فيه أسماء الذين يعملون لديه تحت السن القانوني وتاريخ استخدامهم وساعات العمل وفترات الراحة.‏‏

وأشار الأستاذ الصليب إلى ما تضمنته القرارات الصادرة عن وزارة الشؤون بخصوص عمالة الأطفال والتي تهدف جميعها إلى رعاية الأطفال وحمايتهم وللحد من ظاهرة تشغيلهم.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية