تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سلسلة النظرة الاستخباراتية التنفيذية ... فضيحة شركة هوليبورتن بين التورط والمحاباة..!

دراسات
الاحد 14/8/2005م
بقلم: ميشيل ستنبرغ... ترجمة: ليندا سكوتي

دعا الأعضاء الديمقراطيون في مجلس الشيوخ إلى عقد جلسة بتاريخ 27 حزيران للتحقيق في موضوع الذمة المالية

لشركة هوليبورتن الأميركية( التي كان يديرها ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي الحالي) الناجمة عن عمليات مالية مشبوهة قامت بها الشركة المذكورة أدت من حيث النتيجة إلى اختلاس أموال من وزارة الدفاع تقدر بمبلغ 1,4 بليون دولار.‏‏

وقد تمت تلك الدعوة في الوقت الذي كانت فيه وزارة العدل تجري تحقيقين جنائيين مع الشركة المذكورة جراء تقديمها فواتير وكشوفا مزورة لنفقات ترتبط بعقود الحرب العراقية.‏‏

لم تقتصر جلسة مجلس الشيوخ على تحقيق موضوع اختلاس مبلغ 1,4 بليون دولار, وإنما تم بحث النفقات التي اختلستها شركة هوليبورتن من وزارة الدفاع والمقدرة بمبلغ 1,5 بليون دولار التي تمت بعلم ومعرفة من إدارة بوش بدعوى تأمين الخدمات الطبية للجنود والمحاربين المرضى والجرحى, إزاء هذا الواقع استشاط الشعب الأميركي غضبا نتيجة لإقدام البيت الأبيض على التلاعب بالأموال المخصصة لإدارة القوات المسلحة, الأمر الذي دعا الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ إلى الموافقة على طلب الحزب الديمقراطي بتخصيص مبلغ 1,5 بليون دولار إلى القوات المسلحة.‏‏

لم يقتصر أمر التلاعب على المبلغين المشار إليهما آنفا وإنما امتدت الإساءات إلى أمور أخرى برزت في اجتماع اللجنة الفرعية لمجلس الأمن القومي التابعة للجنة البيت الأبيض للإصلاح الحكومي التي نشرت تقريرا لثلة من الضباط بناء على طلب من الجمهوري هنري واكسمان من كاليفورنيا تبين فيه بأن بلايينا من الدولارات التي رصدت لإعادة إعمار العراق قد تمت سرقتها بعد أن وضعت بتصرف سلطة الاحتلال الأميركي التي يرأسها بريمر آنذاك والذي لم يستطع تقديم أي تبرير إلى اللجنة حول إنفاق 19,6 بليون دولار من الأموال المخصصة التي لم تظهر أي نتائج لها في أرض الواقع.‏‏

نشرت صحيفة الفايننشال تايمز بتاريخ 6 تموز 2005 مقالا حول أعمال النهب التي تجري للاعتمادات المالية المخصصة لإعادة الإعمار في العراق, والتورط الأميركي بأعمال الفساد, الأمر الذي أوقع الحكومة العراقية في مأزق مالي كبير, ما دعا تلك الحكومة إلى الاستعانة بصندوق النقد الدولي لتحديد العجز في الميزانية إلى 6,7 بلايين دولار أي 28% من إجمالي الناتج المحلي, لكن الحكومة العراقية لم تستطع تحقيق مطلبها هذا.‏‏

ولم يتعرض العراق على مدى تاريخه لأزمة مالية كما يحصل حاليا في عهد الاحتلال الأميركي, وكان من أسباب هذا التردي في الأوضاع الاقتصادية العلاقات المالية المشبوهة لشركة هوليبورتن التي كان نائب الرئيس الأميركي على رأسها لغاية عام .2000‏‏

في جلستي لجنة البيت الأبيض الفرعية التابعة للأمن القومي المنعقدتين بتاريخ 21و27 حزيران تم البحث خلالهما بواقع الإساءات المرتكبة في الانفاق على الحرب العراقية وإعادة إعمار العراق وضعت الأمور التالية:‏‏

- يوجد مبلغ 1,4 بليون دولار دفع إلى شركة هوليبورتن وفقا لما ورد بتقارير وزارة الدفاع دون أن تتوفر الوثائق لتبرير أوجه صرفها.‏‏

- هناك بلايين من الدولارات من أصل 19,6 بليون دولار تم تخصيصها لمصلحة إعمار العراق بناء على قرار مجلس الأمن رقم 1483 لعام 2003 اختفت دون التوصل إلى معرفة الطريقة التي اختفت بها حيث أشارت لجنة الاصلاح الحكومي إلى احتمال اختلاس تلك الأموال.‏‏

- توجد محاباة لشركة هوليبورتن من قبل وزارة الدفاع وكان لهذه الشركة حصة كبيرة في مشاريع إعادة إعمار العراق حيث بلغت العقود المبرمة معها 1,2 بليون دولار من أصل إجمالي قيمة العقود البالغة 15 بليون دولار.‏‏

- كان لشركة هوليبورتن أفضلية على الشركات الأخرى في عقود وزارة الدفاع, وقد أشارت بوناتين غرين هاوس المسؤولة عن العقود المدنية في الفيالق العسكرية الأميركية للمهندسين إلى المعاملة الخاصة التي تحظى بها شركة هوليبورتن من قبل وزارة الدفاع, الأمر الذي دعا المسؤولين إلى الضغط عليها للتراجع عن موقفها, وتهديدها بتخفيض رتبتها بعد أن رفضت بعض العقود المقدمة إليها,وقد اختارت السيدة غرين هاوس اللجوء إلى القضاء لمعالجة المخالفات الحاصلة ورد الحيف عنها.‏‏

أكد كل من المديرين التنفيذيين في شركة لويد- أوين العالمية التي بدأت أعمالها بعد استلام العراقيين السلطة من الاحتلال الأميركي أن المبالغ التي تطلبها شركة هوليبورتن لقاء نقل النفط من الكويت إلى العراق تفوق بكثير المبالغ المستحقة فعلا,وإن شركة KBR التابعة لشركة هوليبورتن لم تكمل عملية توزيع النفط خلافا لادعاءاتها بتنفيذ المطلوب منها وفقا للعقود, يضاف إلى ذلك ما عمدت إليه شركة هوليبورتن من استغلال علاقتها مع إدارة الجيش الأميركي لإغلاق الحدود بين الكويت والعراق بهدف منع شركة لويد- أوين المنافسة لها من تقديم النفط للحكومة العراقية.‏‏

أولى كل من السيدين آلان والر وجيري باترز(المديرين التنفيذيين في الشركة) بشهادة إلى مجلس الشيوخ أوضحا فيهابأن شركة KBR قد نفت ما قد تقدمت به شركة لويد- أوين من خدمات لها بالرغم مما هو ثابت من تعرض موظفي الشركة لمخاطر أدت إلى قتل أربعة أشخاص من المتعاقدين معهم إضافة إلى جرح عدد كبير من الموظفين من قبل المتمردين وذلك عندما كانوا في طريقهم إلى معسكر قرب الفلوجة, وبالرغم مما هو ثابت من قيام الشركة بتقديم الخدمات, فإن شركة KBR نفت قيامها بمساعدتها بتنفيذ الأعمال الموكلة إليها لكن ما هو ثابت أن جنود المارينز قد قدموا مساعداتهم للعاملين في الشركة أثناء تعرضها للخطر.‏‏

هددت شركة KBR العاملين في مجال تقديم الأغذية في حال ادلائهم بأي تصريح إلى بعثة الحكومة الأميركية يعطي الدليل على تراخي الشركة في تقديم خدماتها أصولا, وقد ذكر السيد روري مايبري المسؤول عن تقديم الأغذية للجنود في مخيم أناكوندا في العراق بأنه تعرض للتهديد, وتم نقله إلى أخطر القواعد الواقعة قرب الفلوجة لمنعه من التحدث إلى اللجنة المرسلة.‏‏

إعاقة العدالة?!‏‏

لا شك بأن مكتب نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني قد قدم معاملة تفضيلية لشركة هوليبورتن, وأن هذا المكتب قد قام بالضغط في مجلس الشيوخ والبيت الأبيض لمنع تشكيل لجان لتقصي حقائق ومعوقات تحقيق العدالة في التعاقد والتحقيق في مدى تنفيذ مضمون العقود المبرمة.‏‏

ففي 8 حزيران 2004 قام السيد ميشيل موبيز (وهو أحد المحافظين الجدد والموظف في مكتب وزير الدفاع كمساعد خصوصي لمساعد وزير الدفاع دوغ فيث الذي أسس مكتبا سريا خاصا يمارس أعمالا استخباراتية يتقدم بها إلى مكتب تشيني )بإبلاغ رئيس هيئة الأركان ومسؤول الأمن الوطني بالعقود السرية التي أبرمتها شركة هوليبورتن في 8 آذار 2002 مع وزارة الدفاع وذلك قبل وقوع الحرب العراقية واعترف موبيز بأن منح العقود إلى شركة هوليبورتن لم يتم من قبل موظفين حكوميين وإنما من قبل مسؤولين سياسيين وكان هو على رأس لجنة تخطيط البنية التحتية التي أقرت التعاقد واستطرد موبيز بالقول إن عقود شركات بتشل وفلور لم تتأهل للعمل ولم يسمح لها بتقديم عروض الخدمات النفطية. أخذت سمعة شركة هوليبورتن تزداد سوءا يوما بعد يوم وذلك نتيجة علاقتها بنائب الرئيس الأميركي ديك تشيني وتهاون لجان البيت الأبيض ومجلس الشيوخ التي يسيطر عليها الجمهوريون في إبراز الحقائق حول تصرفات الشركة المذكورة والتي أدت إلى هدر في أموال دافعي الضرائب الأميركيين فضلا عما أدت إليه تصرفاتها من الإساءة الصحية والغذائية للجنود الأميركيين.‏‏

انضم هنري واكسمان (من الحزب الجمهوري) إلى أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الأربعة وهم كافون بيرون دورغان من داكوتا الشمالية (الذي ترأس الجلسة) هاري ريد من نيفادا, فرانك لوتين بورغ من نيوجرسي ومارك دايكون من مينيسوتا في قيادة معركة قاسية في مجلس الشيوخ للكشف عن وثائق وزارة الدفاع الأميركية المتعلقة بنشاطات شركة هوليبورتن منذ ربيع ,2003 وطالبوا بضرورة عقد جلسات رسمية تضم ممثلين عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي.‏‏

استعمل السيد دورغان (وهو من الديمقراطيين ويرأس اللجنة السياسية في مجلس الشيوخ) مهمة شديدة مع دافعي الضرائب الأميركيين منحيا عليهم باللائمة للصمت عن حقوقهم المهدورة وتركهم شركات كبيرة خاصة تنعم بأموالهم, كما أشار دورغان إلى تحقيقات مجلس الشيوخ في عام 1941 عندما كانت الولايات المتحدة تزمع التدخل والدخول في الحرب العالمية الثانية حيث بدأها هاري ترومان التحقيق في تقارير ضياع الأموال, كما وأشار السيد دورغان إلى الأسلوب الذي كان يتبعه دونالد رامسفيلد كعضو في الكونغرس في عام 1966 حيث طالب بتحقيق فوري مع أحد المقاولين إبان حرب الفيتنام (ما هو جدير بالذكر أن رامسفيلد يرفض السماح بإجراء مثل تلك التحقيقات وإجراء جلسات لمعالجة الخلل الحاصل بعد أن أصبح وزيرا للدفاع).‏‏

غمز الديمقراطي لوتين بورغ من قناة ديك تشيني بقوله: إن قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس يمنحون شركة هوليبورتن عقودا كبيرة ولا يعرف أن سبب تلك المحاباة هو كون نائب رئيس الجمهوريةديك تشيني ما زال يتقاضى راتبا شهريا من شركة هوليبورتن وأن هذا الراتب سيستمر حتى عام .2007‏‏

إن علاقة تشيني مع شركة هوليبورتن علاقة حميمية وتعود إلى سنوات عديدة, عندما كان تشيني وزيرا للدفاع إبان رئاسة بوش الأب حيث عمد إلى انقاذ هذه الشركة من الافلاس بتيسيرحصولها على أموال غير مشروعة عن طريق وزارة الدفاع وكانت باكورة تلك العلاقات, إنفاق الأموال المخصصة للقوات المسلحة في مواقع أخرى تحقق مكاسب كبيرة لتلك الشركة.‏‏

كافأت شركة هوليبورتن تشيني بتسميته رئيسا لها في عام 1995 بعد أن حقق لها نجاحات كبيرة عبر وزارة الدفاع التي كان يقوم على رأسها وقد استمر في رئاسة تلك الشركة حتى عام 2000 حيث تم اختياره نائبا للرئيس الأميركي في ذلك الحين, الأمر الذي دعاه إلى الاستقالة من تلك الشركة وتقاضى إثر ذلك ما يعادل مبلغ 20 مليون دولار كتعويض له عن خدماته لتلك الشركة.‏‏

لمن المتعذر في الوقت الحاضر التعرف على مدى العلاقة التي تربط بين شركة هوليبورتن بتشيني بعد أن أصبح نائبا لرئيس الجمهورية حيث لا تزال العلاقات بين الشركة وتشيني سرية يكتنفها الغموض, لكن التحقيقات التي يجريها الكونغرس بدعم من الرأي العام يمكن أن توضح وتجيب عن مدى تلك العلاقة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية