باستثناء أسبوع واحد كانت الـICC هدفاً لضغائنهم المركزة بسبب جرأة الجيش على اتهام بعض الجنود باقتراف جرائم حرب وقد دخلت الزمرة المؤيدة للجناح الأيمن في تنافس شديد لتظهر في الصفحة الرئيسية وتعبر عن سخطها العارم على تلك الاتهامات وزعمت التلغراف بأنها تتحرى لمعرفة سبب هذا (الصخب), وتكاثرت الرسائل البريدية المعبرة عن الغضب الشديد وبالرغم من هذا فقد هزمت ال¯ (إكسبريس) تلك الوسيلتين ونشرت في الصفحة الأولى عنواناً عريضاً يصرح بأن:
(جثث أبطالنا ترمى للكلاب), إن ذلك الاختيار الدقيق للكلمات والذي نأسف له كثيراً حصل بالفعل على أرض الواقع عندما كان السجناء العراقيون في أبو غريب يلقى بهم للكلاب على مرأى من نظر الجميع من قبل حراسهم للجنود الأميركيين.
لا ينبغي علينا أن نستبد بالضعفاء بأعصاب باردة ونحتج بمحكمة الجرائم الدولية.
تشكل ICC خطوة قيمة في الحد من انتشار مجرمي الحرب في المستقبل وعدم السماح لهم بتجاوز النظام والقانون الخاص ببلدهم لهذا السبب فقط أؤيد, كوزير خارجية سابق, المفاوضات التي من شأنها دعم ICC, وعلى البريطانيين أن يفخروا بأن القانون هو الوسيلة الوحيدة للنيل من المغتصبين وتطبيق الخدمة العسكرية الإلزامية, وأن كل هذا من صلاحيات ICC.
وأقول لأولئك الذين يعترضون على توقيع البريطانيين بالموافقة على محكمة الجرائم الدولية كيف بمقدورنا أن نؤثر على الأمم المتحدة بشكل ممكن تصديقه لمحاسبة مجرمي دارفور ومقاضاتهم قانونياً إن كنا نحن أنفسنا نرفض الاعتراف بسلطات المحكمة المخولة بها.
أيدنا بدقة ICC لذلك فإن رفض المحكمة الالتزام بمهمتها سوف لن يمنحها الحصانة لممارسة جرائم فظيعة كتلك التي تحدث في دارفور حيث قتل حوالى مئة ألف شخص أثناء الإبادة الجماعية وتم سجن الفتيات والأولاد عراة في معسكرات الاختطاف, وهنالك بعض الدلائل التي تشير إلى أن نسبة القتل قد انخفضت منذ إعلان توصية دارفور ال¯ ICC بعد أن أفاق أولئك المسؤولين عن الفظائع من غيبوبتهم وأدركوا إمكانية غير متوقعة بأن عليهم المثول أمام المحاكمة لقاء جرائمهم الشنيعة.
وفي جميع الأحوال لا تزال التهم موجهة ضد الجنود البريطانيين في أخبار هذا الأسبوع حتى لو رفض البريطانيون الاعتراف ب¯ ICC.
كما أشارت ال¯ (إكسبرس) إلى أن التهم (توجهها عقوبات سياسية) وتذمرت ال¯ (تلغراف) من محاولة حزب العمال استعراض براعته في الحرب وكل هذا من شأنه أن يحقق العدالة بشق الأنفس.
ومن التهم الموجهة لمجرمي الحرب معاملتهم اللا أخلاقية للسجناء المدنيين حيث كانوا يواظبون على إنزال أشد الضربات بهم وعلى أيام متوالية ونجم عند هذه المعاملة المروعة موت شخص وإلحاق مرض مزمن بآخر الذي نكب بقصور كلوي حاد مزمن.
إلا أن حلول محكمة ال¯ICC لم تساهم في إدانة مجرمي الحرب ومعاقبة المسؤولين عن إهانة السجناء العزل من السلاح الذين قضوا نحبهم بعد تعذيب مرير.
وإن تصرف كهذا من شأنه أن يزيد من أشكال الجريمة في القانون البريطاني إذا لم يأخذ على عاتقه مسؤولياته في إدانة المجرمين, على كل حال فإن مجرد ذكر محكمة الجرائم الدولية في لوحة الاتهامات قاد إلى ادعاءات تزعم أن هذا النوع من المحاكمات خارج عن صلاحياتها.
محاكمة الجنود في ظل قانوننا الوطني في محكمة عسكرية بريطانية أمر يدعو للسخرية لذلك بادرت السلطة الحاكمة العسكرية بمقاضاتهم ولم يكن ذلك بناء على قرار سياسي من قبل المدعي العام أو أي جهة وزارية.
يبدو من الواضح أن ال¯ ICC تقوم بمهامها فقط في حال فشل المحكمة في الحصول على علاج قانوني.
وأقول متهكماً أن أولئك الذين يعارضون تحقيق المشاريع العسكرية البريطانية هم فقط من يخضعون لمحاسبة ال¯ ICC,يلاحقون بحجة معاملتهم اللا إنسانية, تم فضح الكثير من الأمور مؤخراً, فبعد الإدلاء أنه من غير المعقول محاسبة جنود يخوضون غمار الحرب وتطبيق القانون عليهم بحذافيره.
أقول إن هذه وجهة نظر صحيحة لكنها لا تتناسب مع القضية التي نحن بصددها لأن بهاء موسى لم يقتل في ميدان المعركة وإنما قضى نحبه عندما كان رهن الاعتقال داخل المعسكرات البريطانية, ولم يكن يشكل تهديداً لأحد وتوفي نتيجة استمرار الضرب المبرح على مدار أكثر من ثلاثة أيام.
في هذه الحالة لا تبدو مبررات الضرورة العسكرية مقبولة للعفو عن أخطائهم, ولإيفائهم حقهم, فقد تمت محاسبة الفرق البريطانية نتيجة استعمالها القوة المميتة وهذا إجراء جدير بالثناء, صحيح أن النطاق البريطاني كان أهدأ من أي مكان آخر لكن التعاون السكاني المحلي هو بدوره منعكس لكبح جماح الجيش البريطاني وبعيداً عن المجازفة بحياة البريطانيين.
كان لقوانين الجيش الدقيقة بحظر استعمال الأسلحة دور هام في توفير بيئة آمنة في هذا المجال ولا يمكن أن تكون الغاية شديدة مع القوى الأميركية التي تسببت في قتل الكثير من الأسر بمجرد وقوعهم تحت الشبهات وتبين مصادر أن القوى الأميركية قتلت ما يزيد عن تسعة آلاف شخص خلال السنتين الأوليين من الاحتلال ورغم هذا لم أقرأ أي قضية تدين الجنود الأميركيين على أفعالهم البغيضة.
وهذا الشعور بالاستياء من قبل أعضاء العشائر والذي تغلغل إلى داخل كل أسرة عراقية فقدت معظم أفرادها, هذا الشعور يدعو للدهشة ومن الطبيعي أن يساهم في خلق بيئة معادية أكثر, وأن يؤجج نار الحقد والكراهية تجاه الوجود الأميركي في العراق, ربما يتمكن القادة الأميركيون من تأمين الحماية لفرقهم وعدم اتخاذ الإجراء القانوني بحقهم لكنهم غير قادرين على حمايتهم من الأخطار القاتلة التي يمكن أن تلحق بهم جراء ما يقترفون من أخطاء والإصرار البريطاني على تطبيق القوانين بحق الجميع ليس صحيحا فقط من حيث المبدأ وإنما من شأنه أن يساهم في خلق جو أكثر سلاما لفرقنا البريطانية.
وهنالك متسع من الكلام حول التهم المعلن عنها هذا الأسبوع فقد استاء الكثير من الجنود المرتزقة الذين تركوا يكملون مهمتهم الصعبة بالاستمرار في الاحتلال ولا جزاء ولا شكورا من قبل أولئك الذين كلفهم بهذه المهام.
بينما يحث الوزراء على الدوام كل شخص (للانتقال) من العراق ينجو المسؤولون من المحاسبة بسبب الحرب التي شنوها بلا مبرر.
ربما يتملص القادة الآمرون بشن الحرب من المسؤولية القانونية لكن تبقى المسؤولية الأخلاقية ملتصقة بهم باختيارهم القرار بشن الحرب.