فوزير الخارجية, المجادل استقال من منصب مهم عام 2003 بسبب ما وصفه بسوء تصرف الحكومة العمالية المتمثل بجر البلاد إلى الحرب على العراق.
ومعبراً عن هم قسم كبير من الناخبين البريطانيين, خاطب كوك مجلس العموم قائلاً: (لا المجتمع الدولي ولا الشعب البريطاني قانع بوجود سبب ملح وقوي لهذا العمل العسكري) ومع جلوسه على مقعده وهو على وشك البكاء هب مجلس العموم وقوفاً في ترحيب حماسي اعتبر الأول في تاريخه.
لقد كان يمتلك عقلاً من الطراز الأول وموهبة في الخطابة, ومع ذلك كان يؤثر العزلة كما لعبت شخصيته الحساسة دوراً ضده في الحياة السياسية والدبلوماسية.
ولد (روبن فينلايسون كوك) في لاناركشاير عام 1946 وكان الابن الوحيد لمعلم مدرسة, أما جده فكان يعمل بالتعدين.
درس آداب اللغة الانكليزية في جامعة (إيدينبرغ) حيث قابل (غوردون براون) الذي أصبح فيما بعد وزير المالية العمالي.
وفكر السيد كوك بدراسة اللاهوت ولكن اهتمامه فيما بعد انصب على السياسة وأًصبح عضواً برلمانياً عام 1974 وهو في الثامنة والعشرين.
في سنواته الأولى كان من المعارضين لانضمام بريطانيا للاتحاد الأوروبي, وبعد هزيمة الحزب العمالي عام 1983 كان واحداً من أوائل قادة الحزب السياسيين الذين أعادوا تقييم موقفهم.
كوك المنتمي لليسار, كان دائماً وبفضل موهبته عمالياً من الوزن الثقيل وكان يخشى من أن يبعده منصب وزير الخارجية عن مركز صنع القرارات العمالية, ولكن عندما وصل حزبه للسلطة عام 1997 أصبح وزيراً للخارجية بالوقت المناسب.
وأعلن فوراً أنه سيتبع (سياسة خارجية أخلاقية) وهي عبارة جميلة لكنها لازمته كما الشبح فأزعجت سلفه والموظفين العاملين معه الذين استاؤوا من المعنى المتضمن فيها وهو أنهم كانوا يعملون بشكل غير أخلاقي.
لم يكن كوك ذلك الرجل كثير السفر, وعلق موظفون رسميون بطريقة جافة أن افريقيا وجنوب أميركا لم تنالا الكثير من اهتمام كوك.
وقد سارت زيارة قديمة رافق فيها الملكة اليزابيت للاحتفال بالذكرى الخمسين لاستقلال الهند على غير ما أرادوه لها عندما تدخل كوك في قضية كشمير الحساسة, كما أصابه الضرر من الاتهامات بأن وزارة الخارجية ساعدت مهربي الأسلحة في (سيراليون).
ومع ذلك فإن أكثر الدبلوماسيين انتقاداً, والذين توصف علاقتهم به بالوعرة والمعقدة, قالوا بأنه من غير العادل الحكم عليه من خلال هذه الحوادث فقط.
كان (كوك) يبرع في الاداء عندما يتعلق الأمر بالقضايا والمجالات التي تهمه, وبذلك دافع بشكل ممتاز عن موقفه سواء أكان في بروكسل أم نيويورك.
علاقة السيد كوك مع (توني بلير) الذي كان مهتماً بإدارة السياسة الخارجية بنفسه, لم تكن دائماً سهلة وبعد النصر الثاني للحزب العمالي عام ,2001 عمل بلير على تخفيض موقعه السياسي في الحكومة العمالية, وربما أعمل هذا التخفيض لدرجته السياسية الحزن في قلبه ولكنه لم يظهر ذلك.
وخلال معركته الطويلة حول العراق والحرب عليه, تصرف كوك بكرامة وتحفظ مما جعل انتقاده للحرب أكثر قوة.
ذكاء السيد كوك واستقامته وشجاعته في التخلي عن منصبه عززت من موقفه ومن الاحترام والتقدير الشعبي لصنف سياسي غالباً ما يكون مكروهاً في المملكة المتحدة ولا عجب أن السياسيين من كل الأحزاب يكنون له إجلالاً مخلصاً ولابد أنهم سيفتقدونه مستقبلاً.