من نبض الحدث.. «تحالف أميركي» جديد .. إسرائيل من الخفاء إلى العلن
صفحة أولى الثلاثاء 9-12-2014 كتب ناصر منذر لا تحتاج صورة الأحداث المتسارعة للكثير من التدقيق والتمحيص، للاستنتاج بأن الولايات المتحدة تغرق حتى أخمص قدميها في مستنقع إخفاقاتها المتكررة في المنطقة، وما يمور خلف كواليس "تحالفها الدولي" من خلافات وانقسامات يجعلها تلهث وراء إيجاد هامش آخر للمناورة تلعب من خلاله على أوتار الترهيب والترغيب، لتبقى ممسكة بخيوط اللعبة.
عراب النفاق الأميركي جون كيري استبق التداعيات المحتملة لانفراط "التحالف" المزعوم الذي تقوده بلاده، بالإعلان عن وجود فرصة لتشكيل تحالف إقليمي جديد يضم اسرائيل ودولا عربية، بداعي أن العنف الحالي في الشرق الأوسط هو الذي يفرض وجود مثل هذا التحالف، حسب زعمه، ليعطي المتذاكي الأميركي بذلك الضوء الأخضر للكيان الصهيوني كي يستبيح الأراضي العربية في سورية والعراق وبعدهما مصر المهددة بخطر التمدد الداعشي بحجة محاربة الإرهاب، وليكون ذلك الإعلان أيضا بمثابة التفويض المباشر لإسرائيل لشن المزيد من الاعتداءات ضد سورية، ولا سيما أن كلام كيري جاء بعد ساعات من العدوان الصهيوني على الديماس ومطار دمشق الدولي المدني.
المراوغ الأميركي لم يفته التبشير أيضا بأن هناك دولا عربية مستعدة للسلام مع اسرائيل والتحالف معها ضد حماس وداعش، وكأنه كشف سرا خطيرا، على غرار ما كشفه أوباما بمساعدة النظام الأردني للتنظيمات الإرهابية في سورية، وتجاهل عن عمد مسبق أن اسرائيل لم يكن بمقدورها يوما الاعتداء على غزة أو لبنان أوسورية دون الدعم الخليجي المطلق، لأن تدمير الدول العربية هو هدف مشترك للكيان الصهيوني ومشيخاته العشوائية في الخليج، أما محاربة "داعش" فقد حشرها كيري في سياق نفاقه لمحاولة التمويه عن الأهداف والأجندات المخفية "للتحالف الجديد"، والتي لن تقف بكل تأكيد عند حدود محاربة التنظيم الإرهابي.
إدارة أوباما استطاعت استثمار صنيعتها "داعش" ببراعة حتى الآن، ومع انهائها وحلفها الأطلسي بشكل رسمي وجودهما القتالي في أفغانستان بعد 13 عاما من الغزو، الذي خلف آلاف الضحايا المدنيين الأفغان، تريد اليوم وتحت ذريعة "التحالف الجديد" أن تستجمع ما تبعثر من قوى متآمرة على الشعب السوري، لتكون الأطراف القديمة الجديدة تحت امرة الكيان الصهيوني وبشكل علني هذه المرة، حيث لم تغب اسرائيل لحظة واحدة عن عمليات الإشراف المباشر وغير المباشر عما يحدث في سورية والمنطقة، ويبدو أنها تفوقت على أميركا بمسألة توظيف "الفزاعة الداعشية" إلى حد بات يمكنها من الترويج بأنها ليست هي من تشكل الخطر الأكبر على المنطقة، وبشهادة ممهورة بختم المستعربين الجدد المتحالفين معها بطبيعة الحال.
|