بطبيعة الحال ، لا يمكن الوصول إلى استنتاجات حاسمة حيال البدائل الأميركية التي يمكن اللجوء إليها في حال انهيار أدوات المخطط المعتمد راهناً والذي تؤشر رزمة الدلائل والمعطيات ، وعلى جميع جبهاتها : الميدانية والسياسية والدبلوماسسية والاقتصادية ، على أنه بات قاب قوسين أو أدنى رغم خفوت أو حتى غياب صوت الشارع العربي الذي يتعرض معظمه للسرقة من قوى الإسلام السياسي وللاستلاب من وسائل الإعلام المشاركة في المعركة ضد سورية غير أن ذلك يستدعي مزيداً من الأسئلة الضرورية المتعلقة بإصرار وشراسة الثالوث الغربي - الإقليمي - الإسرائيلي في حربه المفتوحة ضد سورية ، واستعجاله الوصول إلى حلم «الحرب الأهلية » الذي يتطلب رفع منسوب القتل والذبح والتخريب ، وإضعاف الدولة ومؤسساتها ولا سيما مؤسسة الجيش التي تشكل الأنموذج الأسطع والأبرز والأكثر تقدماً للوحدة الوطنية التي يعتبرها السوريون بمنزلة المعادل الموضوعي للوجود، والشرط الواجب توافرها للبقاء والاستمرار .
في محاولة الإجابة ، يمكن الاجتهاد بالقول إن تغلب سورية على أزمتها الراهنة ، وخروجها منتصرة سيفضي إلى التالي : وضع البلاد على سكة الإصلاح السياسي والإقتصاري والإداري ، وتحولها إلى أنموذج لا يريد الأميركيون لأحد في المنطقة الاقتداء به ، ارتفاع منسوب تصحيح وجهة انتفاضة الشعب المصري التي تتعرض لمصاعب وضغوط من كل حدب وصوب ، وتقف اليوم على مفترق حاسم والمساهمة في إعادة مصر إلى موقعها التاريخي والطبيعي في المنظومة العربيةوالإقليمية، إمكان سقوط أو تصدع على الأقل ، الكثير من الأنظمة العربية المحمولة على حوامل أميركية واسرائيلية على غرار ما حدث في نهاية الخمسينيات، عندما تمكنت مصر عبد الناصر ، وبعد انذار وزير الدفاع السوفييتي بولغانين الذي يشبه الموقف الروسي الراهن إلى حد بعيد من الخروج منتصرة على العدوان الثلاثي .
وعليه ، يجوز الافتراض وباطمئنان ، أن مآل الأزمة في سورية التي تشكل الحصن الأخير للعروبة المراد القضاء عليها ، فكراً وثقافة وعملاً وتجلياً ، وتحتل موقع القلب في جسد خريطة القوى المقاومة لإسرائيل ومشروع الهيمنة الأميركية على المنطقة وتعتبر البوابة الرئيسية للنفاذ إلى قلب وأطراف أوراسيا ، ستحدد ، ليس فقط طبيعة وشكل النظام الإقليمي ، وإنما أيضاً ملامح النظام العالمي الذي تحاول الولايات المتحدة إعادة إنتاج زعامتها له، في مقابل سعي رزمة من الدول الوازنة إلى جعله متعدد الأقطاب .