تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كل خميس.. في الهواء سواء

ثقافة
الخميس 30-8-2012
حكيم مرزوقي

سألت في مكر أحد المعقدين من جنس حواء عن رأيه في المرأة ,صمت قليلا بحثا عن ردّ يجمع بين قناعته وبين حرصه على عدم خدش أنوثة الحاضرات ثم أجاب في ثقة ودون تردد::(المرأة صديق الانسان)..

كتمت ضحكتي من غرابة الجواب الصاعق وخشية من غضب الفتاة التي انفجرت في وجهه كجرّة الغاز شاتمة باصقة متوعدة وواصفة إياه بأبشع ما يمكن لرجل أن يسمعه في حياته.‏

حاولت صديقتها التي تبدو أكثر أناقة وجمالاً ورصانة تهدئة الأمر بقولها:(هذا رأيه,هو حر فيه فلربما عاش تجربة قاسية جعلته على هذه الحالة من التطرف,لكن بصراحة أنا أضحكني جوابه)‏

رمقتها زميلتها الغاضبة بازدراء لا يوصف ثم مضت بعد أن قالت لها وهي تلهث:(أنت مغفلة وحمقاء,تهان المرأة في حضورك دون أن تدري...يا للعار والخنوع المذل لفصيلة الرجال..باي..بخاطرك ,اعتبري صداقتنا انتهت..أنت لا تتوانين في بيعي بكلمة مغازلة قد تأتيك من رجل معقد ومخادع).‏

غضب صديقي بدوره وغادرنا دون ان يدفع ثمن المشروب الذي عزمنا عليه وفوق ذلك بعث لي برسالة عبر الموبايل تقول:(اللي بيلقلق للمرا بيظل طول عمرو مرا).‏

ما أصعب أن يقع الواحد بين مطرقة الفيمنيزم(التعصب الزائد للأنثى)وسندان (المسكيليزم) أي(التعصب الزائد للذكورة),ما أسخف ان تسطح الخلافات وتختصر الصراعات الى قطبين أساسيين هما المرأة والرجل ,وكأن عالمنا العربي لا يشكو من أي مشكلة غير الحرب بين الفستان والبنطال,فلقد بالغت بعض النساء في معاداة الرجل حتى ظنناه سبب كل هزائمنا وصرنا ننظر الى مكانه الأمثل وهو يرتدي مريول المطبخ يجلي الصحون, يقشّر الثوم وينقّي العدس بينما زوجه تشرب القهوة مع صديقاتها في الصالون,تشتم الذكور وتناقش في قضايا الامة متناسية انها تخيره على بنات جنسها في الطبخ و التزيين وتصفيف الشعر وتصميم الثياب والمعالجات الفيزيائية والاستشارات الطبية بل هو كاتبها المفضل في الدفاع عن قضايا المرأة!فمن منا ينكر أن ّ المرأة تهرب من الرجل الى الرجل..‏

الغريب أن الرجل المثقف بدوره كرس كل معارفه وجند ثقافته لنصرة الذكورة على الأنوثة حتى في عالم الجمال منذ تمثالي (أبولون) و(رامي القرص) لدى قدماء الإغريق مرورا ببعض الحيوانات.‏

أوليس الطاووس حين يمشي مزهوّا ,أكثر هيبة و جمالا من أنثاه ,كذلك الكبش و عصفور الكناري وبعض الطيور الأخرى...ولا يخفي الرجل حسده لهارون الرشيد وقصص ألف ليلة وليلة المدججة بالمتعة حين يصفّق السيد بيديه فيأتيه سرب من النساء, كما أن الرجل المعاصر يتعامل مع نشاط المرأة كترف أو نزوة عابرة سرعان ما تزول بعد الزواج حتى انه ينظر الى التقديرات الابداعية التي تمنح للمرأة مثل الميداليات التي يفوز بها ذوو الاحتياجات الخاصة في الحقول الرياضية..!‏

أعرف رجلاً فاز بجائزة نقدية لدفاعه المستميت عن قضايا المرأة وأول شيء فعله صاحبنا بعد قبض الجائزة هو تجديد شبابه وزواجه من مطلقة شابة وناشطة في نفس المجال...!‏

هذا هو نموذج ال(كوبل)المثقف في حياتنا المعاصرة فكيف هم البسطاء من عامة الناس؟‏

أكاد اجزم قاطعا أن البسطاء من الأميين أكثر وعيا بالفطرة من مدعي الانفتاح والحداثة,يكفي انهم غير ملوثين بالشعارات المنتفخة والجمل الرنانة,فهم يختلفون حين يجب الخلاف ويتواددون حين يجب التوادد ,ينجبون أطفالا دون أن يجبروهم على الرسم أو كتابة الشعر أو التعلم على آلة البيانو لغرض التباهي أمام ضيوفهم.‏

لست من دعاة محو المعرفة وتعليم الأميّة ,ولا من محبي جلد الذات ,لكن نسبة التعصب لدى الأوساط المتعلمة مخيفة في عالمنا العربي لأن المتعصب المتعلم يملك القدرة على الإقناع اكثر من غيره وتنصت العامة لحديثه أكثر من غيره.‏

إنّه لأمر مفزع أن يسفح الواحد ربع حياته في المدارس والجامعات ليصل الى قناعة مفادها أن السلف لم يكن صارما كما ينبغي في تشبثه بالعادات والتقاليد..!‏

الانسان طائر لا يمكن أن يحلّق إلاّ بجناحين, هما الذكر والأنثى...والذين يشبّهون في نكاتهم المرأة بالسجادة العجميّة أو (الأومليت)و(المايونيز) , نسوا أن هذه المفردات (بيتوتيّة) خالصة وأنّ الذي ابتدعها هو - بلا شك - رجل حكمت عليه امرأته بتنظيف السجّاد وإعداد (المايونيز) و(الأومليت)..وإلاّ......(شو بيعرّفو..؟!).‏

hakemmarzoky@yahoo.fr

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية