ولتأخذ القمة أهمية كبرى لما تحملها في طياتها من بنود غاية في الأهمية، وأبرزها المبادرة التي ستقدمها إيران لحل الأزمة في سورية.
المرحلة الحساسة والحرجة التي تمر بها المنطقة والعالم، ومقدرة القمة على تبني المبادرة الإيرانية والتعهد بإنجاحها، لاشك أنه سيشكل منعطفا في تاريخ الحركة، بما يساعد على تعزيز مكانتها في المنظومة العالمية الجديدة، وتجديد دورها والانتقال به من الوسطية الحيادية، إلى الوسطية الرافضة لأي هيمنة استعمارية غربية جديدة ، ولتكون قمة طهران 2012 المولود الجديد لقمة باندونغ 1955 .
دلالات قمة طهران كثيرة وكبيرة، فهي ضربة موجهة لأكاذيب عالم الاستكبار الزاعمة بأن إيران تعيش في عزلة، التي تفندها مشاركة 145 وفدا أجنبيا من الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز وكبار مسؤولي المنظمات الإقليمية والدولية المهمة، الأمر الذي يؤكد فشل كل المحاولات الغربية في عزلها، ونجاح دبلوماسيتها دوليا، والإقرار بدور إيران الإقليمي والدولي، كما أنها فرصة مهمة لحل الأزمات في العالم بصورة عامة ومنها الأزمة في سورية بعيدا عن التدخلات الخارجية، وتوسع وزيادة عدد أعضاء الحركة في ظل الظروف الحالية في العالم والانفراد بالقرارات التي تحدث على الصعيد العالمي، وتبيان للمواقف المحقة ولإيصال الأفكار الجديدة والحديثة لطهران إلى أسماع العالم، ولأجل طرح قضايا جديدة، وتشكل نقطة تاريخية مهمة لما لها من أهمية كبيرة جداً من الناحية الدبلوماسية، التي تسعى إيران لأن تكون فترة رئاستها لهذه الحركة في السنوات الثلاث القادمة من أفضل فترات حركة عدم الانحياز ازدهاراً ورقياً ونقطة تحول في مسيرة الحركة عبر تاريخها.
المشاركة الكبيرة والواسعة في هذه القمة تشكل منعطفا على مستوى حركة عدم الانحياز وعلى مستوى الدبلوماسية الإيرانية، فلأول مرة في تاريخ إيران بعد انتصار الثورة تستضيف هذا الكم من قادة الدول، وما يزيد من حساسية وأهمية هذه القمة هو الملفات المطروحة على جدول أعمالها، أهمها الملف السوري، كما أنه انبثق عن اجتماع خبراء عدم الانحياز مجموعة اتصال تضم الدول المهمة والفاعلة على الساحة السورية، حيث إن إيران أعلنت مبادرتها لحل الأزمة في سورية وأكدت أنه من المتوقع أن تقبل جميع الأطراف في سورية بمقترحها وأن هناك تفاؤلا بهذا الشأن، بالإضافة إلى الملفات الساخنة الأخرى التي تشهدها المنطقة، وإلى اتفاق الدول الأعضاء على الغالبية العظمى من بنود مسودة البيان الختامي للقمة.
وحول دور مؤتمر حركة عدم الانحياز لحل الأزمة السورية فقد عرضت إيران رئيسة المؤتمر مساعيها الحميدة في الأزمة الدامية في تموز الماضي، لكن هذا العرض تجاهلته المعارضة والدول العربية والغربية التي تدعمها، فعادت وأعلنت اقتراحا لتسوية النزاع خلال هذه القمة، وطرحت مبادرة لحل الأزمة وهي تحتوي على نقاط عقلانية ومنطقية مقبولة، من الصعوبة معارضتها، لاسيما أن قسما كبيرا من المعارضة السورية أعرب عن استعداده للحوار مع الحكومة السورية، التي تأمل طهران في استضافة حوار بينهما بعد القمة ، كما جددت طهران دعمها لدمشق واعتبرت أن الأزمة في سورية «مفتعلة» وأنه يمكن تسويتها عبر محادثات بين الحكومة والمعارضة، وشددت على أن موقف إيران الداعم لسورية هو موقف مبدئي.
وأكدت إيران أن القمة ستوفر فرصة مهمة لحل الأزمات في العالم بما فيها الأزمة في سورية بعيداً عن التدخلات الغربية، وأن هناك اتفاقاً بين دول الحركة على الغالبية العظمى من بنود مسودة البيان الختامي للقمة، وأنه تم تقديم اقتراح بتشكيل لجنة من حركة عدم الانحياز تضم إيران ومصر وفنزويلا لحل الأزمة في سورية، مشيرة إلى أن قضية سورية هي قضية داخلية وبالرغم من أن بعض المنظمات مثل منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية علّقت عضوية سورية فيها ولكن لم يحدث أي تغيير في واقع الأمر وإن التطرف حيال سورية لم ينجح حتى الآن ونحن نشاهد حركة هذا البلد باتجاه الاستقرار، وأوضحت أن هناك مقترحات للاستفادة من إمكانيات أعضاء الحركة لحل الأزمة ومن المرجح عقد اجتماع متعدد الجوانب بطهران مع الدول التي تعتقد بإيجاد حل سياسي للأزمة لأن بعض الدول تريد حلا عسكريا لها، وإن الظروف ممهدة لاتخاذ الإجراءات السياسية في سورية نظرا لهزيمة المؤامرة العسكرية ضدها وإلقاء القبض على الآلاف من الإرهابيين،ولفتت إلى إن هناك اتفاقا بين دول حركة عدم الانحياز على الغالبية العظمى من بنود مسودة البيان الختامي لقمة الحركة، معتبرة أن ذلك دليل على وجود اتفاق على ضرورة حل المشاكل والأزمات في المنطقة والعالم عبر عمل مشترك وبعيدا عن التدخلات الغربية.
وأضافت أن هامش قمة طهران يشكل فرصة مهمة وكبيرة للحوار وتبادل وجهات النظر وتقريبها على أساس خطة النقاط الست والتوصل إلى صيغة مشتركة لوقف أعمال العنف وتلبية رغبات الشعب السوري في إطار عملية ديمقراطية يتم الاتفاق عليها نظرا لحضور ومشاركة كبار زعماء الدول الأعضاء في القمة والأمين العام للأمم المتحدة، وأوضحت ايران انها والبلدان التي تشاطرها المساعي والرأي للحل السلمي للأزمة في سورية تنطلق في ذلك من محاولة تحقيق السلام فيها وليس كما تفعل بعض القوى الكبرى ودول المنطقة التي تدعي الدفاع عن الشعب السوري وترسل في الوقت نفسه أسلحة للجماعات الإرهابية مؤكدة ان موقف الدول الداعية إلى حل سلمي سيكون مؤثرا.
وتتلخص أهم برامج قمة عدم الانحياز في دورتها السادسة عشرة في طرح مواقف رؤساء الدول وإعداد وثيقة القمة التي أدانت العقوبات الغربية المفروضة على سورية داعية إلى نبذ العنف والسماح للحكومة السورية القيام بالإصلاحات، وأعربت الوثيقة عن رفض دول الحركة للخطوات الأحادية الجانب التي تتخذها بعض الدول الكبرى بحق الدول الأخرى بما يتعارض وميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية مؤكدة ضرورة احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو استغلال ما يجري فيها من أحداث.