تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الرئيس الأسد فـي حديث مع تلفزيون الدنيا : نخوض معركة إقليمية وعالمية ولابد من وقت لحسمها .. ســورية تدفـع ثمن مواقفها المبدئية.. وهي ليست بحاجة لضوء أخضر فـي القضــايا السيادية

دمشق
سانا- الثورة
صفحة أولى
الخميس 30-8-2012
أدلى السيد الرئيس بشار الأسد بحديث لتلفزيون الدنيا حول الاوضاع المحلية والاقليمية أكد فيه ان سورية تخوض معركة اقليمية وعالمية ولا بد من توافر الوقت لحسمها وان الوضع عمليا هو أفضل ولكن لم يتم الحسم بعد وهذا بحاجة للوقت.

وأوضح الرئيس الأسد ان سورية تدفع الان ثمن مواقفها المبدئية المرتبطة بالحقوق السورية وموقفها من المقاومة وعلاقاتها مع ايران ومع هذا المحور الذي لا يعجب الغرب مؤكدا أن الحديث عن مناطق عازلة هو غير موجود عمليا وهو أمر غير واقعي حتى بالنسبة للدول التي تلعب دورا معاديا لسورية.‏

وفيما يلي النص الكامل للحديث مع تلفزيون الدنيا..‏

فرداً على سؤال حول الوضع في حلب قال الرئيس الأسد..لا نستطيع أن نفصل الوضع في حلب عن الوضع في سورية الفرق أن حلب ودمشق أكبر مدينتين وأهم مدينتين واحدة العاصمة السياسية والأخرى العاصمة الاقتصادية.. تقييم المواطن العادي للوضع بشكل عام بما فيه حلب يأتي من خلال التصعيد.. عندما يرى تصعيداً يعتبر أن الوضع أسوأ وعندما يرى شيئا من الهدوء يعتبر أن الوضع أفضل.. الامور لا تقاس بهذا الشكل.. عندما تكون هناك عمليات عسكرية أو أمنية فقد يكون هناك تصعيد مستمر وفجأة ينتهي بوضع جيد أو بالعكس.. هدوء مستمر ينتهي بتصعيد.‏

واضاف الرئيس الأسد.. في النهاية القضية هي معركة ارادات بالدرجة الاولى.. لديهم ارادة بتدمير البلد.. بدؤوا بدرعا.. انتقلوا الى حمص ودمشق وحلب ودير الزور واللاذقية.. الى كل المحافظات.. فهم يجربون الانتقال من مكان لاخر.. الاهمية تختلف باختلاف حجم أو وزن المدينة بالنسبة لسورية ولكن لو أخذنا بالاعتبار حجم المعارك المعقدة التي تخوضها القوات المسلحة.. من الناحية التقنية والتكتيكية والاستراتيجية فهي من أعقد أنواع المعارك ومع ذلك القوات المسلحة تحقق نجاحات كبيرة في هذا المجال.‏

وقال الرئيس الأسد.. ان الكل يتمنى أن يكون الانجاز أو الحسم خلال أسابيع أو أيام أو ساعات.. هذا كلام غير منطقي.. نحن نخوض معركة اقليمية وعالمية.. فلا بد من وقت لحسمها لكن أستطيع أن أختصر كل هذا الشرح بجملة أننا نتقدم الى الامام والوضع عمليا هو أفضل ولكن لم يتم الحسم بعد وهذا بحاجة لوقت.‏

وحول موقف سورية من دول الجوار وخاصة بعض الدول التي تسهل وتدرب وتمول وتسلح بكل الاصناف التي يمكن أن تشكل انتهاكا للدولة السورية أكد الرئيس الأسد ان بعض دول الجوار تقف مع سورية ولكن ربما لا تستطيع تماما أن تسيطر على تهريب الامدادات اللوجستية للارهابيين.. بعض الدول تغض النظر وتنأى بنفسها.. بعض الدول تساهم في هذا الموضوع.. ولكن علينا أن نفرق بين ما نريده نحن كسورية وكشعب سوري وكوطن من هذه الدول.. هل نبحث عن علاقة أو خلاف مع الدولة أم مع الشعب.. على سبيل المثال تركيا.. موقف الدولة التركية معروف.. وهي تتحمل مسؤولية مباشرة في الدماء التي نزفت وسفكت في سورية.. ولكن نحن عندما بدأنا بتطوير العلاقة مع تركيا لم ننظر الى علاقة مع أشخاص أو حكومة عابرة وانما نظرنا الى تاريخ علاقة متوترة مضطربة لنحو تسعة عقود تقريبا.. أردنا أن نمحوها فهل نعود الى الوراء بسبب جهل بعض المسؤولين الاتراك... أم ننظر الى العلاقة مع الشعب التركي وخاصة أن هذا الشعب وقف معنا عمليا خلال الازمة ولم ينجرف على الرغم من الضخ الإعلامي والمادي كي يذهب بالاتجاه المعاكس.‏

وجوابا على سؤال حول وضع حمص ولماذا لم ينته بعد قال الرئيس الأسد..لا نستطيع أن نفصل وضع حمص عن وضع باقي المحافظات..أما بالنسبة لتأخر حسم الوضع في المدينة فالمعروف أن القوات المسلحة عندما تخوض معارك داخل المدن عليها أن تأخذ بالاعتبار شيئين.. أولا الحرص على الارواح وثانيا الحرص على الممتلكات.. عدا عن ذلك القوات المسلحة اذا أرادت أن تستخدم كل قدراتها العسكرية بما فيها القدرات النارية تستطيع أن تسحق العدو في وقت قصير.. ولكن هذا مرفوض ولا يحقق النتائج المطلوبة.‏

وتابع الرئيس الأسد.. هذا النوع من الاعمال بحاجة الى وقت.. ومن جانب اخر لا ننسى أن هناك امدادا مستمرا للمسلحين في حمص تحديدا لانهم كانوا يعتبرون أن حمص هي المركز الذي سينطلق منه الانتصار المأمول بالنسبة لهم.. ويضاف الى ذلك قربها من الحدود اللبنانية.‏

وفيما اذا كان ممكنا أن نسميها مناطق عازلة اوضح الرئيس الأسد ان معظم المحافظات السورية حدودية.. دير الزور حدودية.. الحسكة.. الرقة.. حلب.. ادلب.. اللاذقية..درعا..السويداء..حتى حمص جانب منها حدودي مع العراق أيضا.. قد يكون هذا سببا لاستخدام البعض المناطق العازلة ولكن لا أستطيع أن أحلل نيابة عن المخططين..هذا الموضوع ليس هاما بالنسبة لنا..اذا كانوا يفكرون بمناطق عازلة أم لا..المنطقة العازلة هي منطقة تتم بموافقة الدولة..باتفاقيات معينة بين بلدين ونحن كدولة لم نقرر في يوم من الايام أن نفترض بأن هناك منطقة خارج نطاق السيطرة السورية..وعندما يريد الجيش الدخول الى مكان فهو قادر على ذلك.‏

واضاف الرئيس الأسد..هم اعتبروا أن الكثير من المناطق هي خارج سلطة الدولة ودخل الجيش بسهولة الى معظم هذه المناطق أي انهم لم يتمكنوا من خلق هذه المنطقة..ولذلك أعتقد بأن الحديث عن مناطق عازلة أولا غير موجود عمليا..وثانيا هو أمر غير واقعي حتى بالنسبة للدول التي تلعب دورا معاديا.‏

وفيما اذا كان وجود الجيش في المدن يتنافي مع منطق المقاومة قال الرئيس الأسد..لا أبدا..بالعكس ..سورية تتبنى فكر المقاومة..ولكن الطرح الآخر بأنه اذا كانت سورية تتبنى المقاومة لماذا لا تجري المقاومة باتجاه الجولان ربما يكون هذا هو الطرح الذي تقصده فالمقاومة تنشأ عندما تتخلى الدولة عن مسؤوليتها في استعادة الارض وهذا شيء لم يحصل في سورية كما حصل في لبنان ربما بسبب الحرب الاهلية في ذلك الوقت وكما حصل في فلسطين حيث لا توجد دولة أساسا لكي تسترد الحقوق فكان لا بد من وجود المقاومة..عندما نتخلى كعقيدة وكسياسة وكقوات مسلحة عن هدفنا الاساسي في استعادة الارض ستكون هناك مقاومة سورية.‏

وفيما اذا كانت سورية بحاجة لضوء اخضر حتى تنفذ ما تقوم به الان على اراضيها قال الرئيس الأسد:في مختلف المراحل كان يقال ان هناك ضوءا أخضر فمثلا عندما دخلت سورية الى لبنان في 1976 قيل هذا الكلام وتكرر الامر في مراحل أخرى..والحقيقة ان سورية ليست بحاجة لضوء أخضر في القضايا السيادية وفي القضايا المحلية وفي القضايا الوطنية لا من أصدقاء ولا من أعداء ولا من خصوم..ان لم نمتلك نحن الضوء الاخضر فلا داعي لوجودنا كوطن وكدولة.‏

وتابع الرئيس الأسد..بالنسبة لنا كدولة فان عدم وجود تفهم شعبي كان مشكلة..وما ساعد الدولة في الحسم في الاشهر الاخيرة هو وضوح الصورة بالنسبة للقسم الاكبر من المواطنين السوريين فهناك تغير في الظروف السياسية..وفي الظروف الامنية نفسها..وهناك تغير في المزاج الشعبي تجاه ما يحصل وتجاه المسلحين باكتشافهم أن ما يحصل ليس بثورة ولا هو بربيع بل هو عبارة عن أعمال ارهابية بكل ما للكلمة من معنى..وتوضح العامل الخارجي الذي لم يكن واضحا في البداية..فعندما القيت خطابي الاول في مجلس الشعب وتحدثت عن مؤامرة ومواجهة تساءل كثيرون أي مؤامرة وأي مواجهة..واتهمونا بأننا نقول عن كل شيء بأنه مؤامرة واعتبروا أن ما يحصل حالة انفعالية فقط كما ذكرت سابقا..وانه لو قال الرئيس بضع كلمات طيبة وعاطفية لكانت حلت المشكلة..قلت لهم المشكلة لم تبدأ بعواطف ولن تنتهي بعواطف..هناك مخطط وهناك أدوات داخلية..فاذا نحن من البداية أخذنا قرارا بالحسم لان الصورة واضحة لكن أسلوب الحسم يختلف باختلاف مراحل الازمة.‏

لابد من محاسبة كل فرد ارتكب خطأ‏

وجوابا على سؤال حول بعض الشخصيات التي مارست الفساد في هذه الفترة واستغلالهم للازمة والمساهمة في زيادتها قال الرئيس الأسد أريد أن أفرق بين تجار الازمة الذين يظهرون في كل أزمة من الازمات في أي وطن سواء كانوا تجارا بالمعنى الاقتصادي أو المادي أو أشخاصا اخرين يريدون استغلال الازمة لمصالح أخرى خاصة وقد يكونون داخل الدولة أو خارجها..ومن جانب اخر الاخطاء التي تحصل خلال الازمة وليس لها علاقة باطالة أمد الازمة..هناك أخطاء حصلت..هناك اعتداءات حصلت..هناك انتهاكات..سرقات..تم كشف البعض منها ولكن بعدد محدود وتم تحويل هؤلاء الى القضاء منذ أشهر عديدة..فلا بد من محاسبة كل شخص ارتكب خطأ أو كل شخص أراد أن يطيل الازمة لاسباب مختلفة..هذا الموضوع محسوم وليس محل نقاش أو جدل..ولكن السؤال كيف تعرف هؤلاء..أنت تحاسب معلوما ولا تحاسب مجهولا ومعظم الدعاوى التي ترفع والشكاوى التي تأتي هي ضد مجهول..وفي الحالات التي تمت فيها معرفة الاشخاص ومحاسبتهم أتى صاحب المظلمة بالاسم وتم التدقيق والتحقيق وثبتت الجنحة أو الجناية وتم تحويله الى القضاء.‏

وحول وجود آلية تتيح دورا اكبر للاعلام والسماح له بالتدخل اكثر بشؤون قد تكون رقابية قال الرئيس الأسد: هي أكثر من قضية سماح أو عدمه.. بالنسبة لى كمسؤول عندما تقوم أنت بواجبك فأنا أنجح.. ودوركم هو نجاح لي ومن مصلحتي الشخصية أن ينجح الإعلام في هذا الموضوع..وفي ذلك مصلحة وطنية أيضا حيث ينجح الوطن وتنجح المؤسسات وينجح المواطن ويرتاح..في هذه الامور كلنا نربح عندما تقوم بدورك..ان قيام الإعلام بدوره ليس قضية سماح أم لا..بل هي قضية أن تعرف تماما كيف تلعب الدور بشكل موضوعي..وألا يستغل الإعلام هذه الحالة أو هذا الدور لمصالح شخصية..فالإعلام في النهاية هو سلطة من السلطات واي صاحب سلطة قادر على استغلال السلطة لمصلحة خاصة..وهذا يعتمد على اخلاقيات المهنة بالدرجة الاولى.‏

وحول ما اذا كان الإعلام حصل على ضوء أخضر اذا كان الموضوع في الاطار الرقابي وفي اطار خدمة الوطن قال الرئيس الأسد..تماما..لكن بتجاوز الدور التثقيفي والدخول بالدور التحقيقي وأن يكون دور الإعلام هو التحقيق في الحالة وايجاد الادلة اضافة الى طرح الحلول وبالتالي مساعدة القضاء والجهات التي تقوم بالتحقيق..وبنفس الوقت طرح حلول على المسؤولين نستطيع أن نستفيد منها في قراراتنا مستقبلا.‏

الإعلام السوري تمكن من ضرب‏

إمبراطوريات إعلامية حقيقية‏

وردا على سؤال حول استهداف الإعلام في سورية سياسيا ودمويا من الخارج وحجب بعض القنوات السورية عن الاقمار الاصطناعية وتفجير بعض مقراته وخطف الصحفيين واين يمكن وضع الإعلام السوري في هذا السياق قال الرئيس الأسد..الجواب متضمن في السؤال وينقلنا الى نقطة مهمة بأنه علينا أن نتوقف عن جلد الذات..فرغم وجود تقصير في كل المجالات بما فيها الإعلام..وكنا نتمنى أن تكون الامور أفضل..لكن لو كانت هذه الاداة فاشلة كما يدعى البعض لما كانت استهدفت..لو كانت سيئة وضارة وفاشلة لكانوا قدموا لكم كاعلام وطني سواء كان عاما او خاصا أقنية فضائية مجانا..هذا ما يؤكد أن الإعلام السوري تمكن من فضحهم وضرب امبراطوريات اعلامية حقيقية يقف خلفها ليس المال فقط وانما القرار السياسي في العواصم الكبرى في العالم..فهذا في حد ذاته دليل نجاح للاعلام السوري..طبعا نستطيع أن نكون أقوى وأكثر نجاحا..وهذا شيء طبيعي..لم نصل الى طموحنا ولم تصلوا الى طموحكم كاعلام وهذه مسيرة الحياة ولكن لمن يقول ان الإعلام فاشل نقول هذا هو الجواب.‏

من يهرب هو شخص ضعيف أو سيئ‏

وبشأن موضوع الانشقاقات وانشغال المجتمع السوري بها وقول البعض انه لو لم ير هؤلاء المنشقون في مستقبل سورية ما هو مظلم لما انشقوا قال الرئيس الأسد..بغض النظر عن الاسماء ولنفترض بأن المستقبل مظلم هل هذا مبرر لكي أترك الوطن.‏

..ما هذا الطرح القاصر..انه اتهام باللاوطنية..لكن لندقق في المصطلح..أولا..يتحدثون عن انشقاقات..والانشقاق هو انشقاق مؤسسة عن مؤسسة أكبر منها ترأسها أو انشقاق جزء من مؤسسة عن المؤسسة الام التي تتبع لها وعلى رأس هذه المؤسسة شخص أو اشخاص يقومون بالتمرد على المستوى الاعلى أو على الجزء الام من هذه المؤسسات..هذا الشيء لم يحصل..وما حصل أن أشخاصا كانوا موجودين في مواقع فروا خارج البلد وهي عملية فرار وهروب وليست عملية انشقاق..الانشقاق يكون داخليا وليس خارجيا..يكون تمردا على الدولة داخل البلد..وهذا الشيء لم يحصل..اذا هي عمليات فرار خارج الدولة..ومن يفر اما أن يكون انسانا قدم له المال وخرج فهو فاسد ومرتش..أو شخصا جبانا هدد من قبل ارهابيين أو جهات أخرى أو كما تقول لم يكن لديه أمل بمستقبل مشرق فخاف من هذا المستقبل وهرب الى الخارج..أو شخصا لديه طموح ويعتقد بأنه كان يجب أن يحصل على مكاسب أو مزايا أو مراتب معينة فلم يحصل عليها فقرر الهروب.‏

وتابع الرئيس الأسد..طبعا هناك أسباب أخرى..بالمحصلة من يهرب عمليا فهو اما شخص ضعيف أو سيىء..لان الشخص الوطني والجيد لا يهرب ولا يفر خارج الوطن..عمليا هذه العملية هي عملية ايجابية وعملية تنظيف ذاتية للدولة أولا وللوطن بشكل عام..فعلينا ألا ننزعج من هذه العملية لانها ايجابية..كثير من الاشخاص لم نكن نعرف بأنهم بهذه المواصفات..هم كشفوا عن حقيقتهم بأنفسهم..وهذا الشيء ايجابي.‏

واضاف الرئيس الأسد..ان أكثر من شخص طرح سابقا بأنه يريد أن يفر خارج سورية..ماذا فعلنا..قلنا لمن طرح ذلك لنسهل له ودعوه يذهب..هي عملية ايجابية..طبعا لم نكن متأكدين من كل الحالات..وبالمقابل في بعض الحالات كانت نسبة التأكد عالية ومع ذلك لم نمانع..ورغم أن كثيرا من الاشخاص طرح سابقا ومؤخرا بأنهم سيفرون خارج سورية تحت عنوان الانشقاق..هل سمعت بأن الدولة قامت باعتقال أحد من هؤلاء؟‏

..طبعا لا لاننا ننظر اليها نظرة ايجابية.‏

واوضح الرئيس الأسد انه في بعض الحالات لدينا معلومات وشكوك عالية..لا نقول دراية كاملة..ولكن كان السؤال من المؤسسات المعنية ماذا نفعل..كيف نتصرف..هل نمنع؟‏

..وكان هناك توجه باتجاه المنع لكننا قلنا لهم لا..المنع ليس صحيحا..خروج هؤلاء هو الشيء الصحيح..أولا يكشفون أمام المواطن السوري..ثانيا كل شخص يخرج من الوطن انتهى..اذا كان لديه طموح سياسي أو هدف سياسي فقد انتهى..لسبب بسيط وهو أن الشعب السوري لا يحترم من يهرب..والشعب السوري لا يقاد بالتحكم عن بعد بأجهزة اللاسلكي ولا يستطيعون أن يقودوه من الخارج..هذا الموضوع محسوم تاريخيا لذلك أنا أستطيع أن أقول انه اذا كان هناك مواطن سوري يعرف أن هناك شخصا مترددا من هؤلاء ولديه الرغبة بالهروب فليشجعه.‏

وبشأن توقع المزيد من الفرار في اطار الحملة الكبيرة التي تستهدف سورية ووجود مشكلة بهذا الموضوع قال الرئيس الأسد..اذا كان الفرار لهذا النوع من الاشخاص فهو حالة ايجابية..ومن الطبيعي أن يظهر هذا النوع من الاشخاص في الازمات على الواجهة وهذا شيء ايجابي علينا أن نتوقعه وأن نتفاءل بظهوره لا أن نتشاءم.‏

سورية تدفع ثمن مواقفها المبدئية‏

واكد الرئيس الأسد ردا على سؤال لماذا تستهدف سورية بكل هذا الكم الهائل من الوسائل والسبل المتاحة سياسيا وغير سياسي واخلاقيا وغير اخلاقي.‏

..هذا تاريخ سورية..فالصراع كان على سورية حتى عندما كنا جزءا من الامبراطورية العثمانية..لان منطقة بلاد الشام منطقة استراتيجية..وبعد الاستقلال والجلاء الفرنسي كل الانقلابات كانت انقلابات ممولة من الخارج تهدف للسيطرة على سورية وعلى السياسة السورية وجرها باتجاه المحاور التي كانت موجودة في ذلك الوقت حتى بدأت سورية بانتهاج سياسة مستقلة..عمليا بعد ثورة الثامن من آذار وتكرست بعد الحركة التصحيحية..فأصبح الهجوم على سورية أكثر شدة وتصميما من قبل..الآن نحن ندفع ثمن مواقف مختلفة البعض منها متعلق بالسياسات المبدئية المرتبطة بالحقوق السورية وموقفنا من المقاومة وعلاقتنا مع ايران أي مع هذا المحور الذي لا يعجب الغرب..ومنها يرتبط بمواقفنا الاخيرة..فكثير من الناس لا ينتبه الى أن موقفنا من القصف على ليبيا كان موقفا وحيدا في الجامعة العربية ضد حظر الطيران ولم يكن الامتناع عن التصويت لاننا كنا نفهم تماما أن حظر الطيران يعني بدء عدوان على ليبيا وهذا ما تم.‏

مطلوب منّا أن نتآمر على المقاومة وهذا أمر مرفوض‏

وحول امتناع سورية عن تنفيذ اشياء طلبت منها خلال فترة الانفتاح والترغيب التي مورست من 2008وحتى2010 وحصول تحول في الاسلوب والوسائل قال الرئيس الأسد..نعم طلب بشكل واضح ومستمر أن نبتعد عن ايران..وكان جوابنا واضحا طالما أن ايران تقف معنا وتدعمنا وتقف مع حقوقنا من دون تردد وحتى من دون أن تناقشنا في قناعاتها لمجرد أنه حق سوري أو رأي سوري فكيف نبتعد عنها؟من الناحية المبدئية أن ترفض أو تنقلب على جهة أو بلد وفي لك..هذا كلام غير مقبول..ومن الناحية المصلحية بلد قلب السفارة الاسرائيلية الى سفارة فلسطينية ووقف مع الحق الفلسطيني..ونحن كدول عربية لا نتحدث سوى بالحق الفلسطيني..نأتي وننقلب على هذا البلد.‏

وتابع الرئيس الأسد..هناك جانب اخر يتعلق بالمقاومة..كان المطلوب أن نتامر على المقاومة في فلسطين..وعلى المقاومة في لبنان من خلال بعض الاجراءات التي ربما تحصل في لبنان لتحجيم المقاومة فرفضنا كل هذه الاشياء..هم كانوا يعتمدون على مبدأ الانفتاح والزيارات المتكررة والتطبيل بالإعلام الغربي لسورية التي كان رئيسها قبل سنوات مجرما بحسب اعلامهم في عام2005 بعد قضية الحريري..وفجأة تحول الى صانع سلام..هذا يعطيك صورة عن النفاق الغربي..وعندما فشلوا بهذه المرحلة كان الربيع العربي هو الفرصة للانتهاء من السياسة السورية.‏

وحول كيفية تدارك سورية العقوبات التي استهدفت الشعب السوري واشاعة البعض بأنه عن طريق الضغط الاقتصادي تنهار سورية اقتصاديا وفيما اذا كانوا من خلال العقوبات قد يحققون غاياتهم السياسية قال الرئيس الأسد..هذا النوع من العقوبات سيؤثر على سورية بلا شك..ولكنه سيؤثر بنسب معينة وتعتمد هذه النسب على كيفية تأقلمنا مع هذه الظروف..انظر الى ايران فهي تتقدم الى الامام في ظل عقوبات قاسية عمرها عقود من الزمن..فنحن شعب نمتلك الذكاء عبر التاريخ..لدينا قدرة عالية على التأقلم..عشنا الازمات عبر تاريخنا..الفترات التي كانت فترات هدوء هي فترات محدودة في التاريخ السوري..لا شك بأنه لدينا القدرة على التأقلم معها وخاصة اننا بلد منتج..نحن لسنا بلدا مستوردا بالدرجة الاولى..نحن بلد منتج من الزراعة الى الحرف الى الصناعات الصغرى ولكن علينا أن نعيد صياغة اقتصادنا بما يتناسب مع هذا الظرف الجديد..في هذه الحالة نستطيع أن نحقق مكاسب.‏

وبخصوص كيفية تعامل الدولة مع موضوع الدعوة للحوار منذ المؤتمر الذي عقد العام الماضي قال الرئيس الأسد..هذه قصة طويلة جدا على الرغم من أن المدة الزمنية هي عام ونصف العام ولكنها غنية جدا وكثير من الناس لا يعرفون ما هي الاشياء التي كانت تحصل وما هي حقيقة موضوع الحوار وما هو موقف الدولة وما هو موقف المعارضة.‏

واضاف الرئيس الأسد..في بداية الازمة طلبنا أن نتحاور مع كل القوى والشخصيات حتى الهاوية منها للسياسة..وتجاوزنا القوى السياسية وصولا لشخصيات ثقافية واجتماعية وغيرها..واعتبرنا أن القضية ليست قضية سياسية وانما قضية وطنية فكل انسان في سورية معني بحل هذه الازمة..وطرح في ذلك الوقت موضوع الحوار على كل المستويات من قبل الجهات المختلفة ومن الدول التي أتت لكي تنصحنا..عن حسن نية أو عن سوء نية..ونفس الشيء من قبل القوى الموجودة في سورية التي أرادت أن تستغل الازمة..أو البعض منها الذي أراد أن يأخذ موقعا وطنيا حقيقيا..فقلنا ان فكرة الحوار جيدة وبدأنا نعمل من أجلها..وهنا بدأ الفرز وخاصة بالنسبة لقوى المعارضة..هناك معارضة وطنية أرادت أن تضع كل مصالحها ورؤاها التي نختلف حولها جانبا وأن تضع مصلحة الوطن أولا وسارت في موضوع الحوار ولاحقا سارت في العملية السياسية..البعض منها دخل الانتخابات..البعض منها شارك في مجلس الشعب والبعض شارك في الحكومة.‏

وتابع الرئيس الأسد..بالمقابل كان هناك المعارضة اللاوطنية التي لم نتحدث عنها سابقا بشكل مباشر..من دون أن أحدد من هي هذه المعارضة وسيكتشف الشعب من هي في يوم من الايام ولكن يجب أن نحدد بدقة ما الذي حصل..هذه المعارضة طرحت في البداية عملية الاصلاح..اصلاح القوانين أو تغيير القوانين أو تعديلها وتعديل الدستور..كانت تعتقد بأننا سنرفض هذا المنطق..طبعا هذا ما كانت تطرحه بشكل معلن..وبنفس الوقت كانت تساومنا بالاقنية المخفية حول أنها لا تهتم بكل ذلك وأن هذا الكلام فقط للاستهلاك الإعلامي أو للاستهلاك الشعبي وانما هي تريد أن تشارك في الحكومة.‏

لا مشكلة بموضوع المشاركة في الحكومة‏

ولكننا لا نقبل الابتزاز‏

واضاف الرئيس الأسد.. نحن قلنا من ناحية المبدأ لا يوجد لدينا مشكلة بموضوع المشاركة في الحكومة.. فالحكومة ليست محصورة بجهة.. الحكومة هي لكل الشعب ونحن أساسا دائما نشرك مستقلين.. فلتأت قوى أخرى وتشارك.. لا يهم.. ولكن نحن لا نقبل الابتزاز.. الاساس في التعامل مع أي جهة هو التعامل الاخلاقي والمبدئي.. وصلنا الى الحوار وكانت هذه القوى تدعو الى الحوار.. فوجئنا خلال الحوار بأنها رفضت المجيء.. وأؤكد بأنني أتحدث عن جزء من المعارضة.. لماذا رفضت هذه القوى المجيء للمشاركة بالحوار؟‏

لانها قبل الحوار طرحت أن يكون الحوار فقط حصريا بين الدولة وبين هذه المجموعات.. أن نجلس على طاولة وألا تكون هناك جهات أخرى.. لسبب بسيط وهو انهم أرادوا الظهور كمدافعين عن الشعب وممثلين عنه.. وأننا نحن ضد الشعب.. هم لا توجد لديهم قاعدة فحاولوا أن يحققوا موقعا سياسيا لهم بشكل انتهازي لكي يفاوضوا الدولة.. فرفضنا هذا الكلام وقمنا بدعوة مختلف القوى وكان هناك في الحوار أكثر من مئة شخصية.. لا أذكر العدد بدقة.. تمثل كل الاطياف المختلفة في سورية.. هذا جانب من الجوانب.. هناك جانب آخر أن بعض هذه القوى كان على تواصل مستمر مع السفارات الغربية التي كانت تعمل بنشاط في سورية في ذلك الوقت.. فقيل لهم لا تذهبوا الى الحوار لان عمر هذه الدولة او ما يسمى بين قوسين «النظام» وهذه كلمة مرفوضة عمر هذه الدولة بضعة أسابيع أو بضعة أشهر.. لا تحاوروا جهة ساقطة.. هناك جهات أخرى منهم ذهبت الى مصر وقبضت أموالا من الجهات الخليجية المعنية في الجامعة العربية أو عبر مسؤولين في الجامعة العربية لكي لا تذهب الى الحوار.‏

وتابع الرئيس الأسد.. هناك سبب آخر فهم طرحوا موضوع الاصلاح.. وأنا التقيت بمجموعات من هؤلاء وتحدثوا معي عن الدستور والمادة الثامنة والقوانين.. وقبل الحوار بنحو شهر أو أقل القيت خطابا في جامعة دمشق وأعلنت فيه عن الاصلاح.. بالنسبة لهم كان المطلوب من هذا الحوار أن يطرحوا هم الاصلاح من خلاله ويضعونا أمام خيارين.. اذا قبلنا فسيقولون للشعب اننا نحن من أتينا لكم بالاصلاح من خلال المفاوضات مع الدولة.. واذا رفضنا فسيقولون ان هذه الدولة ضد الاصلاح.. فلنحاربها وبالتالي يقومون بالاستئثار بهذه القاعدة الشعبية كمدافعين عن حقوق الشعب.. الامور كانت واضحة بالنسبة لنا.. فهي مجموعات انتهازية في جزء كبير منها وقد أهملناها جانبا.. وانتقلنا بعد الحوار الى مرحلة ثانية.‏

وقال الرئيس الأسد.. هم استمروا في موقفهم من خلال الرهان على السفارات والقوى الخليجية الموجودة في الجامعة العربية والتواصل معها حتى فقدوا الامل لاحقا.. فسمعنا مؤخرا بأنهم بدؤوا يتحدثون عن الحوار.. لنضع كل هذه الانتهازية جانبا ولنفترض حسن النية ولنقل أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تأتي أبدا.. لكن اذا أردت أن تأتي متأخرا فعليك أن تأتي صادقا.. لا أن تأتي مرة أخرى بشكل انتهازي وتركب موجة ترى بأن هذه السفينة لم تغرق وبالتالي فلنؤمن لانفسنا موقعا فيها.. أنت تتحدث الآن عن رفض العنف ورفض التسلح من كل الاطراف.. وهذا الكلام الذي يجتره البعض من وقت الى آخر.. اذا كنت قد اعترفت بالسلاح وبالتسليح لماذا كنت ترفضه منذ عام.. هل ستأتي وتقول بكل وضوح بأنك كنت على خطأ أو بالحد الاقصى أنك كنت تكذب على الشعب.. لا نتوقع منه الثانية.. على الاقل الاولى.. ليقل بأنه لم يكن يعرف.. ليقل أنه أخطأ في التقدير ليقل أي شيء.. أما أن يأتي وكأن شيئا ما لم يحصل فان هذا الكلام مرفوض.. هذه انتهازية لا نقبلها.‏

وتابع الرئيس الأسد.. عندما يعتقد هؤلاء بأنهم لم يجدوا لانفسهم موقعا في السفينة الاخرى وأن السفينة الاخرى هي التي غرقت من خلال المجالس في الخارج ومن خلال اكتشاف الخارج لها بأن هذه المعارضة الانتهازية ليس لها موقع حقيقي في سورية.. ليس لها دور.. من خلال رهانهم على العمل العسكري المسلح الارهابي وفشل هذا العمل المسلح الارهابي في سورية مؤخرا في تحقيق نتائج حقيقية.. وبالعكس هو تراجع وتقلص وتقهقر.. عندها بدؤوا يتحولون وهذا الكلام غير مقبول بالنسبة لنا.. هذا من جانب ومن جانب آخر هناك مبادرات أخرى تظهر.‏

سياستنا مبدئية والأزمة ليست مكاناً‏

يبحث البعض عن مواقع عبرها‏

واضاف الرئيس الأسد اننا نرفض التعامل بانتهازية وسياستنا مبدئية وما قلناه في بداية الازمة نقوله اليوم.. لم نغير موقفنا نهائيا تجاه الاحداث وكل الظروف التي أحاطت بها.. فنحن نقول ان تعاملنا مع المبادرات أيضا ينطلق من.. من هي الجهة التي تطرح المبادرة...‏

ما هي الادوات التي تمتلكها؟ ما هو وزنها داخل سورية؟‏

اذا كانت دولا.. كما يحصل الآن حيث نسمع عن مبادرة ستقوم بها ايران وأيدنا هذه المبادرة.. أولا لدور ايران في المنطقة ولاهمية ايران ومبدئيتها وغيرها من الاسباب.. وأنها ستكون مع مجموعة دول أخرى ليس بالضرورة أن تكون بنفس المبدئية وبنفس الوزن ولكن تستطيع أن تلعب دورا بشكل أو بآخر.‏

وقال الرئيس الأسد.. نحن نسأل كل جهة تقوم بمبادرة ما هو وزن هذه الجهة...‏

أتتنا مبادرات كثيرة من جهات مختلفة.. البعض منها يأتي من جمعيات أجنبية كالتي رعت مبادرة روما الاخيرة.. وأنا أستغرب أن ترعى جمعيات أجنبية مبادرة سورية وبأشخاص سوريين.. هذا شيء معيب بالنسبة لنا على المستوى الوطني.. وقد أهملنا الكثير من هذه المبادرات التي لا قيمة ولا وزن لها.. فالازمة ليست مكانا لكي يبحث بعض الاشخاص عن مواقع عبرها.. فهذا جزء من تجارة الازمة.‏

هناك ارتباط وثيق‏

بين سياسات الدولة وعقيدة الشعب‏

وحول بقاء سورية قوية وصامدة أمام كل ما تعرضت له حتى الآن قال الرئيس الأسد.. أولا البعض أخطأ باعتقاده أن السفينة هي سفينة دولة أو مرة أخرى بين قوسين «نظام» ولكن السفينة هي كل الوطن.. اما أن تغرق سورية أو تنجو سورية.. يجب أن نكون واضحين حول هذه النقطة.. لا يمكن أن تغرق هذه الدولة ويبقى الوطن لسبب بسيط.. وهو أنه على الرغم من الاخطاء الكثيرة الموجودة فهناك ارتباط وثيق بين سياسات هذه الدولة وعقيدة هذا الشعب.. ولكن لو قلنا من الذي جعل هذا البلد يصمد.. الحقيقة هو الشعب بشكل عام.. والشعب بقاعدته العريضة وليس بنخبه.. لكي أكون واضحا للتاريخ.. القاعدة العريضة التي ربما لا تهتم عادة بالسياسة.‏

وفيما اذا كان يشمل ذلك عامة الشعب قال الرئيس الأسد.. نعم.. عامة الشعب.. الذي ربما لا يهتم بالسياسة.. ربما لا يحمل شهادات.. لا يعيش هذه الاجواء ولكن لديه احساس فطري عميق بحقيقة الازمة.. بمضمونها.. بجوهرها.. ليست المرة الاولى التي أكتشف فيها هذا أو التي أرى فيها هذا المشهد.. رأيناه في عام 2003 بعد حرب العراق ونتائجها عندما تنطح البعض لانتقاد الموقف السوري بسبب عناده لدول كبرى ووقوفه مع العراق في ذلك الوقت.. وظهر بشكل أوضح بعد العام 2005عندما تآمر علينا الغرب على خلفية اغتيال الحريرى في لبنان والآن نراها بشكل أوضح.. فهي الصورة نفسها.. هذه القاعدة العريضة من الشعب هي التي تحمي البلد وليس النخب.. لكي نكون واضحين سواء أرضى هذا الكلام البعض أو أغضبه.. ولا شك أن أهم فئة من هذا الشعب التي جعلت هذا البلد يصمد.. هي القوات المسلحة.. هذا الجيش والقوات المسلحة بأمنها وشرطتها يقومون بأعمال بطولية بكل ما تعني الكلمة من معنى.. لديهم استعداد للتضحية كنا نسمع عنها سابقا وكنا نعتقد بأنها حالات فردية.. وهي موجودة في أي جيش في العالم.. حالات فردية من البطولة.. ولكن المفاجىء هو الحالة الجماعية والحالة العامة من الاستعداد للتضحية والتي رأينا حالات منها مباشرة وبالنقل الحي على تلفزيون الدنيا والتلفزيون السوري خلال المعارك التي أظهرت مدى الشجاعة والنجاحات التي حققوها.. فلولا النجاحات التي حققها الجيش العربي السوري في هذه الظروف المعقدة لكان وضع البلد من دون أدنى شك في خطر.. واحتضان الشعب لهذا الجيش هو أساسي.. ونقول جيش الشعب.. فهذا الجيش هو ابن هذا الشعب.‏

واضاف الرئيس الأسد.. ان جوهر الازمة كان خلق فتنة طائفية بالدرجة الاولى وكان لرجال الدين دور أساسي في مواجهتها.. هنا أيضا نتحدث عن دور الاعلام كما قلنا قبل قليل لو لم يكن دور الاعلام هاما في سورية لما دفع الاعلاميون الثمن من حياتهم.. هناك عدد من الشرائح.. هناك أشخاص في مفاصل مختلفة.. أنا لا أستثني الشرائح.. كل الشرائح فيها أشخاص وطنيون وأشخاص دفعوا حياتهم ثمنا.. ولكن كان هناك تركيز من قبل الخصوم والاعداء على اتجاهات معينة.. وكان لا بد لهذه الشرائح أو القطاعات من الشعب أن تقوم بواجبها وقد قامت بواجبها.. بالمقابل طبعا كان هناك رجال دين منحرفون ولعبوا دورا سلبيا اما بسبب الجهل في العقيدة أو لاسباب كامنة سياسية استغلوا الدين من أجلها.. ولكن تم تطويقهم من قبل علماء الدين في سورية.. لذلك أعتقد أن هذه المرحلة هي مرحلة تسجل بالنسبة لكل هذه الفئات التي قامت بحماية الوطن.‏

الشعب هو من حمى الوطن‏

وجوابا على سؤال حول الى اين نحن ذاهبون والى اين سورية ذاهبة قال الرئيس الأسد.. نأخذ سورية الى حيث نريد أن نأخذها كشعب سوري.. وليس الى أي مكان آخر.. العامل الخارجي يؤثر.. يستطيع أن يسرع عملية ما أو يبطئها.. يستطيع أن ينحرف بها باتجاه معين.. ولكن نستطيع نحن أن نعيده.. كل ما يحصل في سورية لم يكن من الممكن أن يحصل لو لم يكن لدينا فئات معينة.. مجموعات محدودة ولكنها مؤثرة سارت مع المخطط الاجنبي سياسيا أو اجراميا.. عندما لا يكون لدينا في سورية مثل هذه المجموعات والفئات فتأكد بأن مؤامرة يقودها كل العالم ضد سورية ويشارك فيها كل العالم ضد سورية غير قادرة على التأثير في المستقبل الذي نريد أن نرسمه لانفسنا.. فالجواب بشكل مختصر للشعب السوري أن مصير سورية هو بيدك.. وليس بيد أي أحد آخر.. عندما نتخلص من الارهاب لن يكون لدينا مشكلة.. حتى المتآمر سيعود ويتغير.. من ساهم بهذه المشكلة من السوريين هو الذي شجع المتآمرين على المزيد من التآمر.. هذه هي الحقيقة.. لذلك علينا أن نتعامل مع الوضع الداخلي.. وأؤكد بأن المؤامرة كبيرة ولكن كما قلت في كل خطاب وفي كل مقابلة.. الاساس هو في سورية.. عندما نتخلص من هؤلاء الارهابيين ونعود لنبحث لاحقا بسبب وجود هذا النوع من الاجرام الذي لم نكن نعتقد بأنه موجود في بلدنا.. هذه مسؤولية مجتمع.. مسؤولية وطن كامل.. نبحث في الاسباب الحقيقية ونعالجها.. عندها يجب أن نكون مطمئنين.. وعندها ستعود سورية التي كنا نعرفها قبل هذه الازمة.. وأنا مطمئن لهذا الشيء بكل تأكيد.‏

العفو عند المقدرة وليس عند الضعف‏

وجوابا على سؤال حول الدور الذي تأخذه سورية الام بالنسبة لابنائها واصدارها عفوا عن بعض الذين تورطوا وكذلك القول ان الدولة ليست في الوضع الذي يمكنها الان من أن تكون هي القوية وبالتالي هي التي تعفو قال الرئيس الأسد.. حقيقة الجواب متضمن في السؤال.. ان العفو عند المقدرة وليس عند الضعف.. والعفو هو من دلائل القوة وليس من دلائل الضعف.. ومن دلائل الثقة.. الثقة بأنفسنا وبالشعب.. لان الدولة تمثل الشعب وهي جزء من هذا الشعب.. فهي ثقة شاملة ليست ثقة المسؤول بنفسه.. هي ثقة بأن كثيرا من هؤلاء الناس غرر بهم.. طبعا لنضع جانبا الاخطاء.. هناك أحيانا أشخاص ربما في ظروف العمل الامنى يتم اعتقالهم بشكل خاطىء ويفرج عنهم.. بشكل فردي أو بشكل جماعي.. ولكن هناك حالات من التورط.. التي يحددها القانون بشكل واضح كالجنح لا بد من أن تتبع معها منهج التسامح.. وفي كثير من حالات التسامح التي تمت خلال العام ونصف العام الماضي كان هناك نتائج ايجابية.‏

واضاف الرئيس الأسد.. اذا كان هذا العفو يحقق نتائج ايجابية فلماذا لا نسير به.. فحل الازمة ليس فقط من خلال القضاء على الارهاب.. أو من خلال القوة.. هذا كلام أيضا غير شامل ومحدود.. يجب أن تستخدم كل الادوات الممكنة بما فيها التسامح.. لذلك قلت سابقا سنستمر بهذه العملية ونحن فعلا مستمرون بها.‏

أنا اليوم أكثر التزاماً بالعروبة‏

والجامعة ليست مقياساً لها‏

وردا على سؤال حول ما اذا كان ما زال هناك ايمان بالعروبة وبشيء اسمه العمل العربي بعد مواقف الجامعة العربية وتعليقها عضوية سورية اوضح الرئيس الأسد.. اكرر ما قلته في أحد الخطابات بأن سورية أولا هذه من البديهيات.. كل وطن هو أولا وكل قرية ينتمي اليها الانسان هي أولا.. هذا شيء بديهي.. ولكن هذه الـ أولا لا تتنافي مع الـ ثانيا .. وهو المدينة الاكبر والوطن الاكبر والوطن العربي أو القومية التي ننتمي اليها.. فهذا الكلام محدود.. وهذا الكلام هو كلام رد فعل.. عندما نقول سورية أولا أو لا نريد أن ننتمي الى العروبة.. فاذاً نحن نسلم العروبة لهؤلاء.. أنا أقول العكس.. أنا اليوم أكثر التزاما بالعروبة.. وأكثر قناعة بها.. وأكثر اطمئنانا لها.. لانني عرفت بعد عقد ونيف من التعامل مع البعض.. لكي لا يقال الكل.. البعض من المسؤولين العرب في مستويات مختلفة والبعض منهم في قمة الدولة.. عرفت بأن هؤلاء لا ينتمون الى العروبة.. فاطمأننت بأنهم لا ينتمون لنا ولا ننتمي اليهم.. فهذا يطمئن أكثر الى أن العروبة هي صافية ولو حاول البعض أن يعكرها بوجوده.‏

وتابع الرئيس الأسد.. أما بالنسبة للجامعة العربية فهي ليست مقياس العروبة.. بمعنى أن العروبة ليست منظمة.. هي حالة حضارية.. هذه المنطقة ترتكز على عدد من الاشياء.. أكبرها شيئان.. العروبة والاسلام.. لا تستطيع أن تكون هذه المنطقة موجودة بشكلها الحالي من دون هاتين القاعدتين الكبيرتين.. ان لم نؤمن بوجود وبأساس وبأهمية هاتين القاعدتين فنحن لا نؤمن بشيء موجود على الواقع شئنا أم أبينا.. فليست القضية أن نؤمن أو لا نؤمن.. هذه حقيقة اذا لم تؤمن بها عليك أن تغيرها.. هل نستطيع أن نلغي العروبة هذا موضوع آخر...‏

وأضاف: كنا نعرف بأنه في كل قمة عربية هناك قنابل توضع وأفخاخ والغام علينا أن نفككها.. فلم يكن لدينا قناعة بأن هناك في الجامعة العربية عملا حقيقيا لصالح الامة العربية.. وكانت أصعب النشاطات السياسية التي أقوم بها هي الذهاب الى القمة العربية لهذا السبب.. للمعارك التي تخوضها لكي تمنع هذه الالغام.. لم يكن هناك على الاطلاق امكانية لتحقيق شيء لصالح الامة العربية.. فالعروبة شيء والجامعة العربية شيء اخر.. أن ننتمى الى الجامعة أو لا ننتمى فهذا موضوع آخر.‏

وحول رغبة وسائل الاعلام الخارجية بظهور رئيس الجمهورية كل يوم على شاشات التلفزيون حتى لا تخرج الشائعات عنه وأين يتواجد الرئيس الآن قال الرئيس الاسد.. أنا الآن معك في دمشق في القصر الجمهوري..على كل الاحوال هذه الاشاعات ليست سلبية بشكل مطلق.. أنت تلاحظ بأننا لا نرد على هذه الاشاعات في معظم الحالات.. فهي من دون قيمة..فالاشاعة هي كالفقاعة..فقاعة صابون سوف تنفجر بعد فترة.. هذه الاشاعات ميزتها بأنها تظهر أكاذيبهم لانها ستنكشف بعد فترة.. فهي شيء ايجابي يعزز موقفنا بأنهم يكذبون ويزورون.. لكن من جانب آخر..هذه الاشاعات تشوش قليلا بالنسبة للمواطن ولكنها تشوش أكثر بالنسبة لهم..ولمقاتليهم الذين يحاولون رفع معنوياتهم بهذه الاشاعات..رفع المعنويات من خلال الاشاعات يعني تقديم الوهم لادواتك.. هذا يعني أن هذه الادوات ستفشل قريبا..وهذا شيء جيد..لذلك علينا الا ننزعج منها..ولا نهتم بها..أنا موجود على الواقع..ولم يتمكنوا حتى الان من ادخال الخوف ليس في قلبي وانما في قلوب معظم السوريين.. الحقيقة الكل قلق على وطنه..هذا قلق طبيعي ولكن أن يدخلوا الخوف بطريقة أو بأخرى..فهذا الشيء لن يصلوا اليه على الاطلاق.‏

وختم الرئيس الاسد بالقول..أتمنى أن تنقل تحياتي لكل العاملين في محطة الدنيا والذين يتعرضون لتهديدات بشكل مستمر ولكنهم ما زالوا مصرين على القيام بواجبهم الوطني في كشف الحقائق.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية