أفغانســــــــتان... استراتيجية جديدة... أم التفاف على الوعود؟
شؤون سياسية الثلاثاء 15-12-2009م محمد عبد الكريم مصطفى أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سياسته الجديدة أو ما يطلق عليه اسم «الاستراتيجية الجديدة» تجاه الحرب في أفغانستان وقرر ارسال ثلاثين ألف جندي من قواته لدعم القوات الأمريكية المتواجدة في أرض المعركة
والتي تعاني من ضعف حقيقي في السيطرة على الموقف العسكري هناك, على أمل تحقيق مكاسب معنوية لجيشه الذي يتملكه القنوط من الوصول إلى أي نتائج إيجابية لهذه الحرب، بل إنه يعتبر النصر المزعوم ضرباً من الخيال وإن أي خطة مهما كانت محبوكة جيداً ستكون بعيدة عن النصر في ظل التعامل مع حكومة محلية ضعيفة وعاجزة عن حماية ذاتها أمام عدو مجهول، وهذا ما يشكل نقطة الضعف في الخطة التي لاقت جدلاً داخل الادارة الأمريكية وصل إلى درجة اتهام الرئيس أوباما بالمقامرة بمستقبله السياسي جراء اتخاذ القرار باعتماد هذه الخطة لاسيما أن تكاليفها المالية باهظة وستصل إلى أكثر من /200/ مليار دولار، وقد يكون تحقيق النصر من خلال الهجوم المكثف والانسحاب السريع الذي تعتمده الخطة وهماً أو فانتازيا عسكرية ناتجة عن تقارير استخباراتية نظرية، من هنا لم تجد مناشدة الرئيس الأمريكي لحلفائه صدى ايجابياً بأن يحذو حذوه بزيادة عديد قواتهم المتواجدة هناك على الرغم من التأييد الأوروبي للخطة والموافقة الروسية والمعارضة الشعبية في كل من أفغانستان والباكستان وتخوف رسمي في الباكستان من النتائج والانعكاسات المستقبلية، تتبادر للذهن أسئلة عديدة متباعدة في اتجاهاتها ومتنوعة في معانيها ومعاييرها لكنها قد تجتمع في نقطة واحدة ولابد من الانتظار بعض الوقت لتتضح الرؤية وتصبح الإجابات من واقع التركيبة الجديدة للسياسة الخارجية الأميركية التي تتباعد شيئاً فشيئاً عن التغيير المأمول والذي كان عنواناً كبيراً للمرحلة القادمة وبدأت الأمور تعود إلى سابق عهدها وهذا ما يثبت من جديد بأن بروبغندا التغيير ما هي إلا اعادة تموضع ومحاولة تغيير في التكتيك بما يخدم متغيرات المرحلة ويصب في أجندة الأهداف ذاتها التي عمل عليها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش وفشل في الوصول إليها، لكن السؤال الرئيسي الذي يدور في الكواليس هذه الأيام هو: هل جاءت الاستراتيجية الجديدة للرئيس أوباما للتعويض عن قرارات اتخذها ولم يرض عنها صناع الاستراتيجية الأمريكية المتخفون وفي مقدمتها وقف بناء الدرع الصاروخي في مواجهة روسيا؟
مهما كانت الإجابة دقيقة على هذا السؤال وغيره من الأسئلة لا يمكن فصل ما وصلت إليه علاقة الولايات المتحدة بكل من الصين وروسيا في المرحلة الأخيرة وما نجم عن لقاءات الرئيس الأمريكي بقادة تلك البلدان من التزامات قدمها الرئيس أوباما عن استراتيجية دعم القوات الأمريكية المتوضعة في أفغانستان، في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد الأمريكي من متاعب كبيرة وسيكون انعكاس هذا القرار سلبياً وستتفاقم وتزداد الأزمة يوماً بعد آخر لأن كلفة القوات الأمريكية في أفغانستان خلال العشر السنوات القادمة ستزيد عن التريليون دولار، ومهما حملت تلك الاستراتيجية من مفاهيم ووعود فهي لا تعدو كونها رسالة في غير مكانها، أراد الرئيس الأمريكي بها طمأنة مساعديه من جهة والتأكيد على أن السياسة الأمريكية تجاه العالم الخارجي هي ذاتها مهما تغير الطريق من جهة أخرى.
هناك من يرى بأن السياسة الأمريكية الجديدة تتجه لتحقيق مزاوجة بين الآليات التي كان يعتمدها الرئيس بوش في التخطيط والتنفيذ، وبين الأفكار التي طرحها الرئيس أوباما من أجل تجاوز الفشل الذي حصدته سياسة سلفه في العراق وغيرها، يتم الاخراج من قبل نفس الشخصيات التي نفذت السياسة البوشية وهنا ستقع الادارة الأمريكية الحالية في مستنقع الضياع من جديد وتحصد الفشل الذي كان من نصيب الادارة السابقة، هنا تكمن الخطورة في الخطة الجديدة التي اعتبرها البعض مخاطرة غير مضمونة النتائج، على العكس من ذلك قد تؤدي إلى انخفاض شديد في مستوى شعبية الرئيس الذي وصل إلى درجة النجومية قبل أن يصل إلى البيت الأبيض!
|