|
الاستفتاء الإسرائيلي.. خطوة لإدامة الاحتلال! شؤون سياسية القضية التي نوقشت وصدر بيان الاتحاد الأوروبي بشأنها لم تكن في حاجة للتعديلات والتصويت عليها لسبب بسيط جداً وهو: أنها محاولة إعادة التوكيد بالتزام مفروض على الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بموجب القانون الدولي والشرعية الدولية بشأن الحق العربي والفلسطيني في استعادة الأراضي التي احتلت بالقوة من قبل (إسرائيل)، إلى جانب تأكيد رفض الاعتراف بأي تغيير أجراه أو يجريه المحتلون على الواقع البشري والجغرافي للمناطق التي احتلت، أي إعادة تأكيد الالتزام الأممي برفض التغييرات الديموغرافية التي أجراها الاحتلال على أرضنا المحتلة في فلسطين وفي الجولان على السواء. ويبدو أن النجاح الصهيوني هذا فتح الباب أمام شهية الابتلاع وإدامة الإحتلال وذلك بتقديم حكومة نتنياهو مشروع قانون للكنيست يقول بضرورة حصول موافقة (80٪) من (الإسرائيليين) عند الاتفاق على الانسحاب من أي أرض محتلة (في الضفة العربية والجولان) - وما يعني بالضبط القدس ذاتها أيضاً لكي تبقى (العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل) - أي أن تل أبيب ترد على أي إيجابية موضوعية جاءت أو وردت في البيان الصادر عن الاتحاد الأوروبي بشأن (اعتبار القدس عاصمة للدولتين) - مع أن البيان الأوروبي اشترط أن يكون ذلك بالاتفاق بين الطرفين في (مفاوضات). ما معنى مرور المشروع في قراءته الأولى - واحتمال مروره في القراءتين (الثانية والثالثة النهائية) في الكنيست؟ معناه أولاً: أن المحتلين الصهاينة يسنون قوانين مضادة للقانون الدولي على طول الخط. ومعناه ثانياً: هناك ما هو مؤكد في (أي عملية استفتاء) على مشروع الانسحاب - وهي إمكانية الحصول على موافقة هذه النسبة برفض الانسحاب - أي ضمان استمرار الاحتلال (بإرادة شعبية!). فإذا ما علمنا أن عرب فلسطين المحتلة يشكلون ما نسبته (18٪) من السكان لأدركنا أن حكومة نتنياهو أبقت نسبة (2٪) فقط من اليهود ليقولوا (نعم للانسحاب) وما يعني بالتالي استحالة تحقيق إقرار الانسحاب، لا من الضفة الغربية ولا من الجولان ولا من القدس، بطبيعة الحال. إنه - بالضبط- استصدار قرار بإشهار الحرب على الانسحاب وعلى القانون الدولي وعلى الشرعية الدولية وعلى قرارات الأمم المتحدة ذات الشأن، وتحد للمجتمع الدولي عموماً وللعرب كلهم بشكل خاص. إلى جانب كونه محاولة لخنق (الموقف المحايد) الأوروبي وقبره في المهد لأن الصهاينة يعتبرونه منحازا للفلسطينيين من ناحية، وعائقاً أمام المفاوضات والسلام من ناحية أخرى. كما أن مشروع القرار جاء ليقطع الطريق على تمرير قرار في مجلس الأمن الدولي بشأن (الدولة الفلسطينية والقدس). بهذا، تكشف حكومة نتنياهو عن (فهمها لعملية السلام) - أي أنها تفهم السلام على أساس استسلام عربي وإسلامي ودولي أمام إرادة الاحتلال، وخضوع حتى لما هو مناقض لمبادئ الأمم المتحدة وكل نواظم العلاقات الدولية - ومنها (شرعة حقوق الإنسان). المؤكد أن تل أبيب تعتمد على إسناد قوي من جهات دولية نافذة وكبرى، ولكنها من جانب آخر - تحشر هذه القوى في زاوية محرجة جداً كونها- أي هذه القوى- كانت السباقة إلى سن القوانين الدولية ومنها ميثاق الأمم المتحدة، وكونها قد وافقت أكثر من مرة على قرارات ومشاريع قرارات في الجمعية العامة للأمم المتحدة كما في الأمن الدولي ترفض المنطق الذي تريد تل أبيب فرضه على العالم كله. ولعل مشروع القانون هذا يكون درساً للمراهنين على خضوع المحتلين للأنظمة والقوانين والقرارات الدولية - ولعل تمريره يشجع الفلسطينيين ويدفعهم نحو الوحدة ويشدد على تمسكهم بالمقاومة كحق مشروع لهم، وبدفع العرب على اتخاذ ما يلزم من مواقف (في المحافل الدولية) لعزل المحتلين والسعي إلى فرض العقوبات الواجبة عليهم كونهم عنصريين - ومحتلين وهم أصحاب آخر احتلال - ويكملون مشوار عنصرية هزمت في جنوب إفريقيا بفضل تعاضد المجتمع الدولي ذاته.
|