حين قرأت عنوان أحدث كتاب للفيلسوف سلافوي جيجك «شجاعة اليأس»، تبادر إلى ذهني مبدأ الأمل عند الفيلسوف أرنيست بلوخ.. كضدّين.. لربما ولّد أحدهما الآخر..
فهل يمكن أن يكون امتلاك شجاعة اليأس أقصى درجات التفاؤل، على رأي أغامبين..؟
كنت أعتقد أن «امتلاك الأمل» هو مايتطلب شجاعة.. لا العكس.. ثم تأتي الفلسفة لتعكس بعض قناعاتك.. تناوشها.. وتزعزع المستقر منها.
بشكل ما، تذكّرنا «شجاعة يأس» جيجك بيأس العدميين.. الذين رأوا في نهاية العالم خلاصهم.. و»أن السعادة الوحيدة هي أن لا تولد».. تذكّرنا دون أن يعني الأمر تقارباً ملموساً.. لطالما بقيت جدلية «الأمل، اليأس» محرّكاً لكثيرٍ من الأفكار ومنبعاً للجديد منها.. عند جيجك وغيره.
في أحد أحاديثه عن معنى السعادة، يرى سلافوي جيجك: أن «الناس لا ترغب أو تريد السعادة حقاً».. ذلك أننا «لا نريد حقاً الحصول على ما نعتقد أننا نريده»..
هل يعني ذلك أننا نرغب بحالة الوقوع في الشيء دون تحصيله..؟
كأن نترقّبه عن بعد.. ونتأمّل حصوله.. ثم نعلق في هذه الحالة دون رغبة حقيقية في السعي إلى امتلاكه وعيشه.
لربما خشينا المواجهة.. مواجهة لحظة الخيبة أو الفشل..
حينئذٍ، ألا يقترب الحال من كوننا نعيش وهماً..؟
على رأي جيجك: «الحلم ببديل هو علامة على الجبن النظري».. من الممكن أنه أراد أن نواجه لحظة يأسنا الكبرى.. أن نعترف بها.. وكما لو أننا نغيّر زاوية رؤيتنا للأمور لعل الحل يكمن في طريقة تعاطينا.. وبالتالي شقلبة الأفكار/الفكر.. أي تجديدها.
لكن ولطالما نطق جيجك بمبدئه: نحن «لا نريد حقاً الحصول على ما نعتقد أننا نريده».. بالقياس عليه فمن الممكن جداً أننا لا نيأس حقاً مما نعتقد أننا نيأس منه.. والعكس صحيح، بمعنى: أننا لا نتفاءل حقاً بما نعتقد أننا نتفاءل به.
lamisali25@yahoo.com