وهي أيضا الارتفاع التدريجي في درجة حرارة الطبقة السفلى القريبة من سطح الأرض من الغلاف الجوي المحيط بالأرض. وعن مسببات هذه الظاهرة ينقسم العلماء إلى من يقول إن هذه الظاهرة طبيعية وإن مناخ الأرض يشهد طبيعيا فترات ساخنة وفترات باردة مستشهدين بذلك بوجود فترة جليدية أو باردة نوعا ما بين القرن 17 و18 في أوروبا وفريق آخر يعزو تلك الظاهرة إلى تراكم الغازات الدفيئة أو ما يسمى غازات الصوبة الخضراء وهي بخار الماء- ثاني أكسيد الكربون- أكسيد النيتروز- الميثان- الأوزون- الكلور فلوركربون في الغلاف الجوي.
والجدير ذكره أن أول من ابتكر مصطلح الاحتباس الحراري هو العالم الكيماوي السويدي سفانتي أرينيوس عام 1896م، وقد أطلق أرينيوس نظرية مفادها أن الوقود الأحفوري المحترق سيزيد من كميات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وأنه سيؤدي إلى زيادة درجات حرارة الأرض كما استنتج أنه في حال تضاعف تركزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي فإننا سنشهد ارتفاعا بمعدل 4إلى5 درجات سلسيوس في درجة حرارة الكرة الأرضية ويقترب ذلك على نحو ملفت للنظر من توقعات اليوم ومن المعروف أن أثر الاحتباس الحراري ولملايين السنين قد دعم الحياة على هذا الكوكب، وفي مثل ما يحدث في درجة البيت الزجاجي فإن أشعة الشمس تتغلغل وتسخن الداخل إلا أن الزجاج يمنعها من الرجوع إلى الهواء المعتدل البرودة في الخارج والنتيجة أن درجة الحرارة في البيت الزجاجي هي أكبر من درجات الحرارة الخارجية، كذلك الأمر بالنسبة لأثر الاحتباس الحراري فهو يجعل درجة حرارة كوكبنا أكبر من درجة حرارة الفضاء الخارجي.
ويرى بعض العلماء أنه في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين ظهر اختلال في مكونات الغلاف الجوي نتيجة النشاطات الإنسانية ومنها تقدم الصناعة ووسائل المواصلات ، ومنذ الثورة الصناعية وحتى الآن ونتيجةلاعتمادها على الوقود الاحفوري: فحم ، بترول، غاز طبيعي، كمصدر أساسي ورئيس للطاقة واستخدام غازات الكلور وفلور وكاربون في الصناعات بشكل كبير، أدى ذلك إلى زيادة الدفء على سطح الكرة الأرضية وحدوث ما يسمى بظاهرة الاحتباس الحراري.
ويوجد حاليا العديد من الحقائق والمعطيات التي تنبئ بتفاقم ظاهرة الاحترار العالمي حيث يحتوي الجو حاليا على 380 جزءا بالمليون من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يعتبر الغاز الأساسي المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري مقارنة بنسبة الـ 275 جزءا بالمليون التي كانت موجودة في الجو قبل الثورة الصناعية كما أن مقدار تركيز الميثان ازداد إلى ضعف مقدار تركيزه قبل الثورة الصناعية فيما يزداد الكلور وفلور كاربون بمقدار 4% سنويا أما أكسيد النيتروز أصبح أعلى بحوالي 18% من مقدار تركيزه قبل الثورة الصناعية وقد أدت هذه المتغيرات المناخية إلى ارتفاع مستوى المياه في البحار من 0.3 ، 0.7 قدم خلال القرن الماضي تناقص الوجود الثلجي وسمك الثلوج في القطبين المتجمدين خلال العقود الأخيرة فقد أوضحت البيانات التي رصدها القمر الصناعي تناقص الثلج بنسبة 14% بين عامي 1978 و1998 بينما أوضحت تقارير بيئية تناقص سمك الثلج بنسبة 40% خلال الأربعين سنة الأخيرة -ملاحظة ذوبان الغطاء الثلجي بجزيرة جرين لاند خلال الأعوام القليلة الماضية في الارتفاعات المنخفضة بينما الارتفاعات العليا لم تتأثر وقد أدى هذا الذوبان إلى انحلال أكثر من 50 بليون طن من الماء في المحيطات كل عام وفي جبال الهيمالايا وجدت 20 بحيرة جليدية في نيبال و24 بحيرة جليدية في بوتان قد غمرت بالمياه الذائبة فوق قمة جبال الهيمالايا الجليدية. وحسب برنامج البيئة العالمي وجد أن نيبال قد زاد معدل حرارتها 1 درجة مئوية وأن الغطاء الجليدي فوق بوتان يتراجع 30-40 مترا في السنة أظهرت دراسة القياسات لدرجة حرارة سطح الأرض خلال الخمسمئة عام الأخيرة ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض بمعدل درجة سلسيوس واحدة وقد حدث 80% من هذا الارتفاع منذ عام 1800 بينما حدث 50% من هذا الارتفاع منذ عام 1900.
ويؤكد بيل هار وهو خبير في ظاهرة الاحتباس الحراري أن كل ارتفاع في الحرارة بنسبة درجة مئوية واحدة يزيد الخطر بنسبة كبيرة ويؤثر بشكل كبير وسريع على الأنظمة البيئية الضعيفة ويضيف.. كل ارتفاع يزيد على درجتين مئويتين يضاعف الخطر بشكل جوهري حيث إنه قد يؤدي إلى انهيار أنظمة بيئية كاملة وإلى مجاعات ونقص في المياه وإلى مشكلات اجتماعية واقتصادية كبيرة ولاسيما في الدول النامية، بينما رأى نيكولاس ستيرن الخبير الاقتصادي لدى الحكومة البريطانية أن ارتفاع حرارة الأرض سيكلف شعوب العالم ما بين 5 و 20 بالمئة من دخلها القومي سنويا.
ولا تنحصر أضرار الاحتباس الحراري بارتفاع الحرارة فقط بل تتخطى ذلك إلى انقراض أنواع كثيرة من الطيور والنباتات. وقد أكد الخبراء أن نحو 70 نوعا من الضفادع انقرضت بسبب التغيرات المناخية، كما أن الأخطار تحيط بما بين 100 إلى 200 من أنواع الحيوانات التي تعيش في المناطق الباردة كذلك فإن ذوبان الجليد في غرين لاند قد يقود إلى ارتفاع مستوى البحار نحو 7 أمتار في غضون السنوات الألف المقبلة وفي النقص الكبير في المحاصيل الزراعية في الدول المتقدمة والنامية وتضاعف معدل الأراضي الزراعية بثلاث مرات، مع حركة تهجير كبيرة لسكان شمال إفريقيا، وتعرض 2.8 مليار شخص لنقص المياه، وخسارة 97 في المئة من الشعب المرجانية، وانتشار مرض الملاريا في إفريقيا وشمال أميركا.
وقد أفادت دراسة علمية حديثة بأن ظاهرة الاحتباس الحراري بدأت تؤثر على منطقة حوض البحر المتوسط والبرازيل وغرب الولايات المتحدة.