وتأتي أغلب الزيادات الملحوظة في معدل درجة الحرارة العالمية ، منذ منتصف القرن الماضي نتيجة لزيادة غازات الاحتباس الحراري التي تبعثها الأنشطة التي تقوم بها الدول الصناعية الكبرى، كالولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، ، بالإضافة إلى دول ناشئة مثل الصين التي تعد أكبر دولة مسببة لانبعاث الغازات الدفيئة والبرازيل والهند ، الأمر الذي بات يمثل تهديداً واضحاً لكافة شعوب العالم وينذر بكارثة وشيكة وخصوصاً في ظل تكاسل بعض الحكومات عن خفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري ومع التقدم في الصناعة ووسائل المواصلات منذ الثورة الصناعية وحتى الآن ومع الاعتماد على الوقود الأحفوري (الفحم والبترول والغاز الطبيعي) كمصدر أساسي للطاقة بشكل كبير، أدى إلى وجود كميات إضافية من الغازات والاحتفاظ بكمية أكبر من الحرارة في الغلاف الجوي، وبالتالي من الطبيعي أن تبدأ حرارة سطح الأرض في الزيادة.
وهذه الانبعاثات وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون المسؤولة عنه الدول الصناعية الكبرى بنسبة 55% الذي يسبب الاحتباس الحراري وبالتالي اتساع رقعة ثقب الأوزون بات الآن يرسم ملامحه بكوارث كالأمطار والحرائق والفيضانات إلى جانب زحف المياه المالحة على الشواطئ وتهديدها لسكان المناطق الساحلية.
وقد وضع العالم يده منذ سنوات وتحديداً عام 1997 على هذه الإشكالية في مؤتمر كيوتو في اليابان ، عندما عملت أكثر من 40 دولة صناعية على صناعة اتفاقية كيوتو التي تلزم الدول الصناعية المتقدمة بخفض الغازات الأساسية الملوثة والمسببة لارتفاع درجة الحرارة وخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 5،2 % مقارنة بكميات الغاز المنبعثة أواخر العقد الماضي علي أن يتحقق ذلك في الفترة ما بين 2008 إلى عام 2012 ولكن يبقى الأمر الغريب الذي أثار سخط المجتمع الدولي هو انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الاتفاقية مع أنها مسؤولة عن أكثر من ربع ما ينفث في العالم من غازات مسببة لظاهرة الاحتباس.
وتعتبر كل من الولايات المتحدة والصين أكبر دولتين ملوثتين ومسببتين للاحتباس الحراري في العالم، إذ تنتجان تباعاً18.4 % و19% من الغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض إلا أن معدل الانبعاثات للفرد الواحد يعيد الصين إلى المرتبة 72.
وتشكل أوروبا واليابان وأميركا الشمالية مجتمعة ما يقرب من 15% من سكان العالم، إلا أنهم مسؤولون عن 66% من غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الجو حتى يومنا هذا، أي أن أقل من 20% من سكان العالم يتسببون بإطلاق أكثر من 91% من الغازات المدمرة في الأجواء العالمية.
وفي هذا المجال ينقسم العلماء إلى من يقول إن هذه الظاهرة - الاحتباس الحراري- ظاهرة طبيعية وإن مناخ الأرض يشهد طبيعياً فترات ساخنة وفترات باردة مستشهدين بذلك عن طريق فترة جليدية أو باردة نوعاً ما بين القرن السابع العاشر والقرن الثامن عشر في أوروبا .
وحيث أن أغلبية كبرى من العلماء والتي لا تنفي أن الظاهرة طبيعية أصلاً متفقة على أن إصدارات الغازات الملوثة كالآزوت وثاني أوكسيد الكربون يقويان هذه الظاهرة في حين يرجح بعض العلماء ظاهرة الانحباس الحراري إلى التلوث وحده فقط، حيث يقولون إن هذه الظاهرة شبيهة إلى حد بعيد بالدفيئات الزجاجية ويتفق كثير من العلماء أن حرارة سطح الأرض بدأت بالارتفاع بينما تظل مستويات حرارة الطبقات السفلى من الغلاف الجوي على ما هي عليه .
ومع إصرار الدول الناشئة على اتهام الدول الصناعية الكبرى وتحميلها مسؤولية ارتفاع درجة حرارة الأرض ومطالبتها بمساعدات تمكنها من التكيف مع المتغيرات المناخية الآخذة بالتصاعد وبين غياب أي قانون يلزم هذه الدول بخفض غازاتها المسببة لهذا الارتفاع ،ربما يحتاج الأمر إلى تدخل زعماء العالم في التوصل إلى اتفاق أو حتى معاهدة دولية متواضعة بعد تفاقم هذا الخلاف وتبادل الاتهام بين الدول الغنية والدول النامية بزيادة الغازات الدفيئة.