تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


البناءالجمالي

ملحق ثقافي
8/12/2009
عز الدين بوزان

الفن القصصي بوجهيه القصير أو القصير جداً أصبح واقعاً يمثل العصر، والصعوبات التي تواجه القاص من خلال كيفية البناء الفني للنص، هي لا تقل قيمة من حيث السرد واللغة وأدواتها كمنجز، فضلا عن العلاقة بين الشكل والمضمون ووظائفه الحكائية.

القاصة والروائية السورية «مانيا سويد « قدمت مجموعتها القصصية «أعواد الثقاب» تتضمن سبع عشرة قصة صادرة عن دار التكوين . لتضيف إبداعا جديدا إلى الأدب النسوي بامتياز. فبمجرد أن تقرأ الكلمة الأولى في القصة تقع ضحية المتابعة «القراءة « حتى النهاية, وبهذا المعنى فرضت الأديبة على القارئ شروط الامتلاك لما فيها من إصرار وعزيمة على تحقيق بناء قصة متماسكة بمستوياتها الفنية والجمالية. تقول الأديبة في مقدمة مجموعتها «في حياتنا مواقف كأعواد الثقاب منها المشتعل ومنها الموشك على ذلك. ترى هل أعددنا عدتنا لمنع تفاقم آثارها» في هذه الرؤية تدخل القاصة إلى عالم القصة، فتنفتح أمامها آفاق واسعة من المعرفة والخبرة والثقافة هي تمتلكها، وتغوص في العمق لتوصل رسالتها بنجاح.‏

وأبطال «مانيا» مهما عانوا الخيبة والمرارة من ازدواجية العلاقة والمعاملة اليومية فهم أيضا يعانون حالة من البهجة في أيامهم الآتية بممارستهم الأمل وتمسكهم بالإيمان والشعور بالرضا من مواقفهم الحياتية لذلك فإن حرص الأديبة في كل عمل إبداعي جديد ابتداءً من قصتها «أوراق الكينا « ورواية «عائد بخير زاد « مرورًا في قصتها «عناقيد اللؤلؤ الأحمر «ورواية «سيرقوني « كسر الحاجز الوهمي لديها وكتبت أدباً واقعياً حديثاً يعبر عن نفسها وعن خصوصية إحساسها ومشاعرها كأنثى منتمية إلى جنسها، وهذا ما نلتمسه في هذه المجموعة القصصية، حيث تطرح مشكلات وقضايا اجتماعية وإنسانية وتبرز عناصر فعالة في التعبير عن ظواهر حية في المجتمع وعن البنية التي تصف شخصيات القصة وتعيش معها وتحرك ضمن أجوائها السردية.‏

حقيقةًً جاءت القصص كلها واقعية متصلة بالحياة اليومية، وبذلك فرضت على القارئ متابعة قراءة القصة حتى النهاية، فجعلتنا نعيش التجربة بأنفسنا ونتجاوب معها في كل قصة بإنفراد تام. وكأننا الشخصيات ضمن القصة أو بالأحرى شخصيات رئيسة فيها، تناولت الأديبة أفكارًا وموضوعات جديدة أيضًا استطاعت من خلالها أن تغير حالة القارئ إلى حالة من الوعي في نسق ايدولوجي معرفي متكامل بكافة ألوانها الأدبية والثقافية والاجتماعية، فهي طرحت مسائل مثيرة أثارت فضول القارئ مما مكّنها من تحريك عواطفنا وأحاسيسنا إلى كتلة من المفاهيم الواقعية السائدة ووظفتها في مادتها بروح جديدة.‏

فالأديبة بمعرفتها وفلسفتها وأصالتها الأدبية وضعتنا أمام منعطف جريء تقابله كلمة الصدق والصراحة في التجربة التي خاضتها في هذه المجموعة القصصية وكأنها تريد أن تخبرنا «ما دمت حاضرا فيجب أن تكون أهلاً للثقة والصدق» حيث تقول في إحدى قصصها «أسهل شيء في الدنيا أن نواجه الناس بحقيقتهم ونجرحهم، ولكن عظمتنا تكون بمداواة جروحهم من الآخرين وإن كانوا هم أنفسهم سبب جروحنا».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية