تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الطوابع وجمعها

استراحة
الخميس 3-7-2014
استوعبت طوابع البريد شتى المواضيع من دون أي قيد أو شرط غير أن تكون مستمدة من ثقافة البلد الذي يصدرها ومعالم الحياة فيه وأعلامها. فنرى مثلاً صور الملوك. والبلد الذي لم يتخلَّ يوماً عن صورة ملكه هو بريطانيا،

حتى في الطوابع التذكارية التي تكون موضوعاتها مختلفة، نرى صورة خيال لوجه الملكة تعلو الطابع. واستطراداً نشير إلى أن بريطانيا هي البلد الوحيد الذي لا يذكر اسمه على الطابع، طالما أن أول طابع ظهر فيها، كما أنه لا يذكر نوع النقد بجانب الرقم إذا كان الثمن أقل من جنيه استرليني.‏‏

وإضافة إلى صور الحكام، نرى صور الأبطال التاريخيين، مثل بطل استقلال أمريكا الجنوبية سيمون بوليفار على طوابع فنزويلا وكولومبيا والأرجنتين وغيرها، ونرى المنتجات الوطنية مصدر اعتزاز بلد معين، مثل المجموعة التي أصدرتها فرنسا في الستينيات تكريماً لصناعات تصميم الأزياء والعطور والمجوهرات.. ونرى أيضاً صور العلماء والمخترعين مثل آينشتاين على طابع أمريكي، وأيضاً اللوحات الفنية وخاصة في دول أوروبا اللاتينية (فرنسا، إيطاليا، إسبانيا) التي أصدرت طوابع تكريمية لكل الكبار من فنانيها ولوحاتهم. وتشمل موضوعات الطوابع أيضاً الحياة الفطرية بكل ما فيها من نباتات وحيوانات وأشجار، من دون أن ننسى الأشجار الوطنية كما هو حال الأرز في لبنان وورقة الدلب، رمز كندا. وفي عصر الاستعمار (حتى النصف الأول من القرن العشرين)، كانت المستعمرات شبه محرومة من حق إصدار الطوابع، كما أن بريدها هو في أيدي المستعمرين. ولذا كنا نرى الطوابع البريطانية العادية مثلاً تدمغ بالخط الأسود قبل استعمالها بعبارة «الهند» أو «الصين»، تماماً كما كانت الطوابع الفرنسية تدمغ بعبارة «إفريقيا الغربية الفرنسية» لاستعمالها هناك.‏‏

جمع الطوابع‏‏

بدأ جمع الطوابع كهواية منذ الأيام الأولى لصدور الطابع البريطاني الأول. وإن بقيت هذه الهواية حكراً على صغار السن في بدايتها، فإنها سرعان ما صارت هواية الكبار، وتطورت في القرن العشرين لتضم كبار الأثرياء القادرين على أن يدفعوا عشرات أو مئات آلاف الدولارات ثمناً لطابع نادر.‏‏

ولكن بعيداً عن الجانب التجاري أو الاستثماري في جمع الطوابع وبشكل خاص النادر منها، تكمن القيمة الكبرى لهذه الهواية في بعدها الثقافي.‏‏

فمن يجمع الطوابع عليه أن يرتبها في مجلدات خاصة لهذه الغاية وفق انتمائها إلى هذه الدولة أو تلك. كما أن عليه أن يدرسها عن كثب ليرى أي اختلاف بينها وبين طابع مشابه على صعيد اللون أو السعر، وحتى حالة الطابع نفسه وما إذا كان ممزقاً أو ينقصه سن عند حافته. وخلال هذا الدرس، والتمعن في محتوى كل طابع على حدة، يكوّن الهاوي ثقافة عامة قد لا تتوافر له بصيغتها هذه وتنوعها من أي مصدر آخر. فيصبح وهو لا يزال على مقاعد الدراسة ملماً بصور حكام العالم والأبطال التاريخيين في هذه الدولة أو تلك، ونوعية الحياة الفطرية فيها، وموردها الاقتصادي الأول وغير ذلك الكثير.‏‏

وبسبب جاذبيتها، أصبحت هواية جمع الطوابع الهواية التجميعية الأولى في العالم من دون أي منافس قريب. وأصبح عدد جمعيات هواة جمع الطوابع في العالم بالآلاف..‏‏

نكسة الطابع.. وليس الهواية‏‏

قبل عصر الإنترنت، واجه الطابع محاولات الاستغناء عنه، عندما راحت بعض مؤسسات البريد في أمريكا أولاً ومن ثم في أوروبا وباقي دول العالم، تستعيض عنه بختم يمهر به الظرف يشير إلى دفع قيمة النقل، بدلاً من شراء طابع لهذه الغاية.‏‏

وقد رفض أفراد كثيرون اعتماد الختم، وتمسكوا بطابع البريد، خاصة في رسائلهم الشخصية. ولكن المؤسسات التي صارت توجه الرسالة الواحدة بالجملة إلى المئات والآلاف من الناس، لم تكن تبالي. لا بل ظهر الختم وسيلة فعالة ومريحة أكثر من إلصاق طابع على كل ظرف على حدة.‏‏

ومن ثم جاء تداعي عالم الرسالة الشخصية في عصر الإنترنت ليوجه ضربة قاسية لطابع البريد، ولكن ذلك لم يقضِ نهائياً على الطابع. بدليل أن الدول لا تزال تصدر طوابعها.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية