المختصون التربويون اهتموا بكيفية تربية الطفل على مبدأ الاعتراف بالخطأ فبينوا أن التربية الناجحة تجعل الطفل يقبل الاعتراف بخطئه،فيما يوضع عدم قبوله بهذا الأخير أو تكراره أو الدفاع عنه في خانة العيب،فالأخطاء تمنح الفرصة للتمييز والتعلم والاحتكاك،وحين يتربى الطفل على أخذ العبرة والاستفادة من تجاربه الشخصية،سوف يكون قادراً على تفهم أخطائه،وبالتالي يتجنب الوقوع فيها مرة أخرى..ويشكل اعترافه بالأخطاء التي يرتكبها في غياب أهله عادة صحية،لابد من تشجيعه على اتباعها، حيث تسهم في معرفة المشكلات التي قد تواجهه مبكراً،وبذلك يمكن مساعدته بسرعة قبل تفاقمها،وهناك أسباب عدة مسؤولة عن حجب الطفل لأخطائه منها خشية من العقاب خصوصاً إذا كانت معاملة أهله تتسم بالقسوة وترتكز على العنف والتوبيخ..وعدم إدراكه التمييز بين الصواب والخطأ،ما يدل على عدم توضيح أهله لماهية الأفعال المذمومة،إضافة لعناده وتكبره اللذين يجعلانه يرفض الاعتراف بأن ما قام به يعد خطأً.
شجاعة الاعتراف بالخطأ
قبل الطلب من الطفل الاعتراف بخطئه يجدر اهتمام الأبوين بكيانه النفسي وبناء شخصيته،فمن تربى على التدليل المفرط أو على التبعية وعدم تحمل المسؤولية أو على القسوة،لايمكن أن ننتظر منه أن يأتي ويعترف بإرادته بخطئه،وثمة علاقة وطيدة بين تمتع الطفل بصفات الشجاعة والثقة بالنفس وتحمل المسؤولية،وبين قدرته على الإقرار بالأخطاء التي يرتكبها ومدى استعداده النفسي لمواجهة عواقبها والأم بطبيعة الحال تتعرض لمواجهة تصرفات الطفل الخاطئة أكثر من مرة على مدار اليوم،لذا يجدر بها التعامل مع الأمر بالمزيد من الهدوء والتروي،فلا تجعل كلاً من الخوف والرهبة يتسلل إليه،وتتفرغ من أعمالها قليلاً لتمنحه الوقت ليفسر سبب خطئه وتستمع إليه لتعلمه التصرف الصحيح وتشجعه على قول الحقيقة واعتماد الصراحة،بما يساعد على بناء شخصية شجاعة قادرة على حل المشكلات مستقبلاً ومعلوم أن هذا الأسلوب يزيد من الترابط والتواصل بين الطرفين،ويساعده على الاستقلالية ويكون لديه جهاز ضبط داخلي.
العقاب بعد الاعتراف
قبل التفكير في العقاب المناسب لأخطاء الطفل،حتى لو اعترف بذنبه،ينبغي وضع قواعد يتعرف من خلالها على الحدود والخطوط الحمراء التي يجب ألا يتجاوزها مع إيضاح المفاهيم الثابتة التي تميز بين الصواب والخطأ ويجدر أن يكون هناك قواعد ثابتة للعقاب تندرج وفق عمر الطفل وطبيعة الخطأ..وإن اعتراف الطفل بخطئه يجب ألا يمر مرور الكرام في كل مرة،وإلا سوف يعتبر أن اعترافه فرصة للهروب من المواقف الصعبة،فيستهين بالأمر ويكرر الأخطاء،بدون أدنى إحساس بالذنب..فإذا كان الخطأ بسيطاً،لابد من التحذير لعدم الوقوع فيه مرة أخرى،أما إذا تكرر أو كان خطأ فادحاً فلابد أن يكون العقاب هادفاً وليس مهيناً للطفل أو مسيئاً لكرامته أو مؤلماً له، علماً أن الإقرار بالذنب لا يعني الكثير طالما أن سلوك الطفل لا يتغير..من هنا تأتي أهمية تشجيع الصغير على أن يصلح ولو جزءاً مما أفسده عملاً بمبدأ «من أفسد شيئاً فعليه إصلاحه»ما يساهم على المدى البعيد في تعديل سلوكه،فإذا سكب كوباً من العصير على المفروشات مثلاً يطلب إليه أن يزيل آثار الفوضى التي تسبب فيها،وكذلك إذا قام بتخريب شيء ما،يمكن شراء بديل له من مصروفه أو حرمانه من المصروف لمدة محدودة.
نصائح مشجعة
لعل أفضل طريقة لتشجيع الطفل على الاعتراف بالخطأ تكمن في أن يكون أبواه قدوة له،عبر إتباع السلوك نفسه،فعندما يخطئ الكبار ويعترفون بالأمر،يوصلون رسالة واضحة مفادها أن الجميع يخطئون..ولكن طريقة التعامل مع الأخطاء هي المحددة لمصداقيتهم أمام الآخرين،فإذا اتهمت طفلك بأمر ورفضت أن تقتنعي بدفاعه عن نفسه،ثم اكتشفت بعدها أنك كنت مخطئة،عليك أن تعتذري له، وتعترفي بخطئك،وسيتعلم حينها أن الاعتراف بالخطأ فضيلة.على الأم خاصة أن تعلم أن قدرات طفلك محدودة وأنه ما يزال في مرحلة التعلم لذا يحق له ارتكاب بعض الأخطاء..وعندما يقر بخطئه ويعترف بالأمر،استمعي له ولا تبادري إلى عقابه بشدة حتى لا يندم على اعترافه،فتكون النتيجة الخوف والجبن وعدم مصارحتك بأي خطأ يرتكبه بعد ذلك..وسلحي طفلك بالشجاعة والاعتزاز والثقة بالنفس وتحمل المسؤولية،قبل أن تطلبي إليه أن يعترف بخطئه..أوضحي له أن الاعتراف بالخطأ لا يعفيه من المسؤولية..وإن الكذب وإخفاء الحقيقة لهما عواقب أسوأ..دعمي لدى طفلك فكرة أن الاعتراف بالخطأ فضيلة،وأن الصدق في قول الأمور يؤدي إلى احترام الآخرين له..وعلى الوالدين أن يحسنوا تعليم الصغير في صغره ليكون نواة لطفل المستقبل المشرق.