تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المتغيرات الاستراتيجية وتضافر أوراق القوة

متابعات سياسية
الأحد 1-3-2015
 بقلم الدكتور فايز عز الدين

تفصلنا أيام قليلة عن نهاية الحرب بالإرهاب الدولي على سورية، بل على الدول العربية التي تقرر أن تفكّك فيها منظومة الدولة، والمجتمع بآن معاً، حتى يدخل العرب عصر الذرذرة الاجتماعية، والدينية، والسياسية،

ويحتويهم الحقل الصهيوني ولو كانوا من غير اليهود كما قال نائب الرئيس الأميركي ماكين بأن الصهيوني ليس شرطاً فيه أن يكون يهودياً بعد اليوم.‏

وما نراه لدى الأعراب ليس إلا جرياً على هذه المقولة. ووفق مقتضى الحال الراهن من إدارة الحرب الإرهابية يمكننا أن نلاحظ انتقالاً بالأطروحات التي ساقوها تأسيساً لمؤامرة الربيع حيث إنهم تحدثوا عن ضرورات الحرية للشعب وتخليصه من الاستبداد لتأتي النُّصرة وداعش بهذه الحرية. كما قالوا عن الديمقراطية من لدن ممن ليس لديهم أي نظام تمثيلي شعبي يحقق أدنى نسبة من الديمقراطية كصيغة شعبية. ثم أتوا لنا بحقوق الإنسان من تجارب مَنْ لم يقبل المرأة أن تقود السيارة، ولا الشاعر أن ينظم قصيدة، أو الصحافة عنده أن تنطق بغير ما يُملى عليها.‏

بادئ ذي بدء؛ كنا أمام أطروحات قدّمت لنا في طيّاتها المشروع الأمروصهيوني، ثم أصبحنا بعد صمود الدولة، والشعب، والجيش في الميدان نفكّك عناصر هذه الحرب الكونية الإرهابية الوهابية لنرى أن المفاهيم التي استخدمت في السياسة ليست مضموناً محسوساً للحرب الدائرة على الأرض، وقد حَدَثَ من تبدُّلِ مفاهيمِ الربيع، تبدّلٌ بِرَدِّ فعل سليم من الشعب في العقل والذهن والاتجاه. وقد صَحِبَ هذا الحال هستيريا معلنة عند الذين كانوا يخوضون الحرب بالنيابة، ويموّلونها من قاعدة أن افتضاح المشهد لن يساعد في الحسم العسكري السريع، ولا يساعد أيضاً في بقاء الجبهة الدولية ضد سورية كما شُكِّلَتْ عليه، وخطط لها. وكذلك ما سوف يكون للصمود السوري من مفاعيل عربية ستفشل المخطط بكامله من العراق إلى الجزائر، وهنا تكون الفكرة قد سقطت، وزمنها قد ولّى.‏

نعم هذا الذي حصل حتى الآن عندما نقوم بعملية تتبّعٍ استراتيجية لأوراق القوة، ونلاحظ أين أصبحت؟ وكيف؟ وبيد مَنْ؟ فنجد أنها تراكمتْ بعد اندفاعة الجيش العربي السوري, وجبهة المقاومة معه في الشمال السوري لتقطع إمداد الإرهابيين عن طريق تركيا، وعلى جبهة الجنوب لتنهى أحلام الجدار الطيّب، وتسدَّ المعابر الصهيونية للإرهابيين. ثم لتضع الأردن أمام الخيار الوحيد أي أن يكون ضد الإرهاب في سورية والعراق بآنٍ معاً، ويتخلّى عن الإملاء الواضح عليه كيلا يخسر سورية، وقد كانت تاريخياً صاحبة فضل عليه، ولو أنهم دائماً يُنكرون ( مَنْ لا يعبّرون عن سياسة الشعب العربي الأردني الأصيل). إذاً؛ إن شيئاً واضحاً وصريحاً صار يمثل القوة الحقيقية على أرض الشعب السوري الصامد يبدأ أولاً من زمام المبادرة حيث قيل في زمن: إنه لم يَعُدْ بيد الدولة، وها هو يُرى بيدها دون منازع قوي. ثم قيل عن كثافة الإرهاب الذي تمَّ إدخاله إلى سورية، ودعمه اللوجستي بالمليارات من ممالك الخليج، وها هو بعد سنوات أربع ينهزم على كل بقعة من أرض سورية. ثم قدّموا الورقة الاقتصادية آملين انهيار الاقتصاد السوري، ليجدوا الشعب بأنه منتجٌ ويحمي اقتصاده الوطني «بالاقتصاد الدولتي»، واقتصاد الظل. ثم قالوا: إن أصدقاء سورية والحلفاء من إيران إلى موسكو، والصين سوف يتخلّون عنها؛ ليروا أن قوة الموقف الميداني لسورية قد صحّح العلاقات الدولية، ومَنَحَ روسيا, والصين, ودول البريكس قوة التمسك بفرض القانون الدولي، وعدم جواز تغيير الأنظمة لدى الأمم المختلفة من الخارج، وبالقوة التي لا تشرعنها قرارات الأمم المتحدة. ومما يقول فريدريك بيشون المستشرق الفرنسي في كتابه الأخير» المحنة السورية، هل أخطأ الغرب؟ « نتوصل إلى حقائق مهمةٍ أصبحت تدلّل على هزيمة المشروع الأمروصهيوني أعرابي في سورية ولذا فلا عجب حين تفقد تركيا أردوغان صوابها وتتصرف بقضية سليمان شاه على هذا النحو الذي دلّل على ارتباط أردوغان بداعش بما يقطع الشك. وحين يأتي السؤال: لماذا لم تجد المؤامرة على بلدنا طريقها للتحقق كما تحققت عند الأشقاء العرب سنقول: رغم إنهم ما زالوا يلوّحون بتدريب المعارضة المعتدلة في تركيا، والأردن، والسعودية والذي تفهمه جماهيرنا بأنه محاولات للتأثير النفسي على السوريين بإطالة زمن الحرب عليهم، ولكن هذه المحاولات أسقطها السوريون بإرادتهم في أن يكونوا معاً جبهة وطنية واحدة، وجبهة مقاومة على الحلفاء، وأن يكونوا العقل المتفرّد بحكمته حين كشف ما وراء ما قدّموه له وقدّم نموذج السوريةَ العصيّةَ على الأخذ من الخارج، وهذا هو سرُّ النصر القريب.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية