ويذكر التاريخ الحديث أن العرب قدموا إلى العالم علماء تم استقطابهم ليعملوا في الدول الغربية المتقدمة ووصلوا إلى مراكز علمية مرموقة أثبتوا فيها قدرتهم على مجاراة نظرائهم في هذه الدول وتفوقهم عليهم في بعض الأحيان.
أذكر ذلك لأؤكد أن العقل العربي قادر على الدخول في أعماق العلوم والبحث العلمي فيما إذا توفرت له الإمكانات اللازمة والمناخات الملائمة.
إن واقع الدول العربية يدعو إلى ضرورة قيام تنمية شاملة تعتمد على التكنولوجيا التي تعتبر عنصراً أساسياً من عناصر الإنتاج والبناء، هذه التكنولوجيا التي يجب اختيارها وتطويرها بالشكل الذي يلائمنا ويجنبنا مفاقمة مشكلة البطالة.
إن طريق التقدم يبدأ بالعلم والمعرفة وبناء الإنسان في سلوكه وتفكيره لنصل به إلى إنسان ذي تفكير سليم يستطيع أن يواكب عصره ويستوعب علومه الحديثة.
وهذا يتطلب العمل على تطوير مناهج التعليم والارتقاء بالمؤسسات التعليمية إلى المستوى المطلوب والاهتمام بالبحث العلمي الذي يجب أن تتحمل مسؤوليته الدولة بشكل كبير وأساسي.
ومن هذا المنطلق نتمنى على جامعة الدول العربية متابعة جهودها التي بدأتها من خلال الدراسات والخطط التي أعدتها في هذا المجال وضرورة تفعيلها وتطويرها باستمرار، وعدم السماح بوضعها في أدراج اليأس والإحباط التي نعيشها في الكثير من أوضاعنا العربية.
ولا عذر لأحد في الفشل في هذا المجال، فالإمكانيات العربية كبيرة وخاصة بالنسبة للدول العربية النفطية التي يجب أن تتحمل العبء المادي الأكبر وهذا العبء هو من حيث النتيجة استثمار حقيقي لها وللأمة العربية جمعاء.
وعلى الدول العربية أن تعمل على تأسيس مشروعات وشركات صناعية عربية مشتركة وخاصة في مجال الصناعات الحربية والطائرات والسيارات التي تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة وتكنولوجيا عالية، فالكونية تتحقق في مجال الاقتصاد كما تحققت في مجال الاتصال.
وحبذا لو يتفق العرب على إقامة مشروع بل مشروعات للطاقة النووية سلمية، وأعتقد أن العرب قصروا كثيراً في هذا المجال.
إن عصر اليوم هو عصر العلم والتكنولوجيا ولا حياة فيه للشعوب المتخلفة الخامدة وهذا ما يدعو إلى الإسراع في العمل على تأسيس البنى التحتية له من مراكز للبحث العلمي ومراكز أبحاث في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هذه المراكز التي يجب أن تكون دراساتها وأبحاثها مرجعاً لأصحاب القرار في كل المستويات وهذا ما نجده في مختلف دول العالم المتقدم.
ويبقى تقدم العرب دولاً وأفراداً مرتبطاً بمدى قدرتهم على امتلاك ما يستطيعون من العلم والتكنولوجيا.