تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هجـــاء البشــــري.. مــــن يكــــره ومـن يحــــب ؟

ساخرة
الخميس 15-7-2010م
نصر الدين البحرة

أشرنا في الصفحة السالفة إلى المقدمة الضافية التي وضعها عميد الأدب العربي د. طه حسين لكتاب الشيخ عبد العزيز البشري الذي أصدرته دار الكاتب العربي - كان يديرها أيضاً طه حسين -

وذكرنا أن البشري الذي ولد وعاش في القاهرة (1886- 1943) عمل زمناً في القضاء الشرعي حتى عين مراقباً حتى وفاته في مجمع اللغة العربية وكان مرحاً طروباً حلو العشرة، استحدث في العربية أسلوباً فذاً أضفى عليه من روحه المرحة وعلمه الواسع وذوقه السليم ما تفرد به بين الكتّاب.‏

بالطبع فإن زمالة وصداقة جمعتا بين د.طه حسين عميد الأدب العربي والظريف الشيخ عبد العزيز البشري، ولكن ذلك لايكفي كي ينشر طه حسين كتاب البشري (1886-1943) في دار الكاتب المصري التي كان يديرها، لولا إعجابه بكتابته، والأسلوب الفذ الذي استحدثه في العربية مضيفاً عليه من روحه المرحة وعلمه الواسع وذوقه السليم.‏

كائن.. من عدة مخلوقات‏

لم يكن عبد العزيز البشري نديماً ظريفاً حاضر النكتة والبديهة فحسب، بل كان ذا قلم فكه ساخر ناقد أيضاً وربما ذكرتني صوره القلمية التي يرسمها لبعض الأشخاص بتلك الصور الكاريكاتورية البارعة التي كان يرسمها الهجاؤون الكبار أمثال ابن الرومي، ولم يكن الشيخ عبدالعزيز ليوفر أحداً من ريشته اللاذعة يستوي في ذلك من يكره ومن يحب، وهاهو ذا يصف شخصاً من المتنفذين يدعى«زيور باشا» لم يكن يحبه ويبدو أنه كان من أعوان الانكليز المحتلين والقصز الملكي فيقول:‏

«..فإذا اطلعت عليه أدركت أنه مؤلف من عدة مخلوقات لاندري كيف اتصلت ولاكيف تعلق بعضها ببعض. وإنك لترى بينها الثابت، وبينها المختلج ومنها مايدور حول غيره».‏

ثم يستطرد قائلاً: وأهل مصر يأخذون على زيور«كلّه» مالايحصى من الجرائم على القضية الوطنية. وإنهم ليعّدون عليه بأموال الدولة واستهتاره بمصالحها ولكن... من الظلم أن يؤخذ البريء بجريرة الآثم وأن يعاقب المظلوم بجريمة الظالم فقد يكون الذي اقترف كل هذه الآثام هو «كوع» زيور الأيسر أو القسم الأسفل من «لغده».. أو المنطقة الوسطى من فخذه اليمنى.‏

لجنة للتحقيق مع أعضاء «زيور»‏

ويتابع الشيخ البشري فيقول بمزيد من االسخرية والتهكم والاستخفاف:‏

إن الحق والعدل ليقضيان بتأليف لجنة تقوم بعمل تحقيق مع صاحب الدولة فتسأل أعضاءه عضواً عضواً، وتحقق مع أشلائه شلواً شلواً... ولعل العضو الوحيد المقطوع ببراءته من كل ماارتكب من آثام هو مخ زيور فما أحسبه شارك ولادخل في شيء من كل ماحصل.‏

مع د.محجوب: سخريةً ودود‏

.. وهاهي ذي ريشة البشري تصل إلى الدكتور محجوب ثابت، صديقه وصديق أمير الشعراء أحمد شوقي .. وصديق حافظ ابراهيم أيضاً، إنه هو الآخر لاينجو من سخرية الشيخ الظريف.. ولكن .. على نحو آخر مختلف لايخفى ماينطوي عليه من وداد:‏

هو رأي: محجوب ثابت- في ميراثنا القومي لايقل عن آثار «سقّارة» وجامع السلطان حسن ومقابر الخلفاء وهو جزء من تقاليدنا كحفلة المحمل ووفاء النيل وشم النسيم وإنك لتراه كلما ساروا بضحّية حرّية-في الكفاح ضد الاحتلال البريطاني- كان الدكتور أول المشيعين، فإذا كان اجتماع في الأزهر كان فارسه المعلم فإذا تعانق الهلال والصليب كان هو الهلال.‏

فكري أباظة.. من النباتات البرية‏

وهو يصف الصحفي الكبير فكري أباظة هكذا:‏

متكور الوجه، أضيق العينين في ضيق محاجر، مقرون الحاجبين لو رأيته مع إخوته لحسبته بعض تلك النباتات التي تخرج وحدها لم يتعهدها منجل البستاني بالتسوية والتهذيب.‏

وفي الوقت الذي شهد فيه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين للبشري بفصاحته ومتانة لغته، فإنه يتصدى لأولئك المتقعرين الذين يتخيرون الألفاظ الوعرة الصعبة لكتاباتهم كما سنوضح في الصفحة التالية....‏

هوامش‏

1- الظرفاء- محمود السعدني- دار أخبار اليوم 1992-ص 43-44‏

2- المصدر السابق - ص 44-45‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية