|
|
نتائج الانتخابات الفلسطينية... الدروس والتداعيات شؤون سياسية وقررت عن سبق وعي وتصميم ومعرفة بأن تدخل النزال مراهنة على وطنية الشعب العربي الفلسطيني وكفاحه واستعداده لتلبية النداء وتحدي الإجراءات التعسفية والقهرية التي تمارسها إسرائيل وأعوانها والقوى الدولية والإقليمية الداعمة, فراهنت على الحقيقة التاريخية ووعيها وظفرت- فمن يحرر يجب أن يحكم- إنها القاعدة الذهبية التي كشفت عنها حركات التحرر الوطني خلال القرون المنصرمة وها هي تعود إلى الواجهة حقائق معاشة وملموسة في فلسطين حيث صراع القرن وساحة تقرير اتجاهات التطور في المنطقة وتقرير موازين. دخلت قوى المقاومة المسلحة ميدان العمل الجماهيري, وقبلت النزال في صناديق الاقتراع ولم يخامرها شك بأنها ظافرة ومنتصرة كما في الميدان, وكما في السلاح في وجه المغتصب الذي فرضت عليه قسراً الانسحاب والهزيمة من غزة وفرضت على الكيان وأركانه التفكير جدياً بالانسحاب من بعض الضفة إلى خلف الجدار العازل, انسحاب هزيمة أيضاً, وقبلت المعركة برغم تفوق الخصم الإعلامي وبرغم ضبطها بالملموس عمليات رشي وتخديم بأموال الاتحاد الأوروبي وبأموال البنتاغون الأميركي عبر ما يسمى وكالة التنمية الدولية الأميركية وبرغم التهديدات التهويلية التي قال بها ممثل الاتحاد الأوروبي ورددتها الإدارات الأوروبية وبرغم التهويل الأميركي والإسرائيلي وتخويف المواطنين لمنعهم من إعطاء المقاومة الأصوات في صناديق الاقتراع وبرغم الإجراءات التعسفية التي اعتمدتها الإدارة الصهيونية لجهة مطاردة واعتقال ومحاولة تصفية العشرات, ومنع الحملات الإعلامية والترويجية لمرشحي المقاومة, وفرض قيود حادة على الناخبين في القدس وفي المدن والقرى التي ما زالت تحت الاحتلال, برغم كل ذلك وهو أمر مهول ومؤثر جداً في مسار العملية الانتخابية وفي قرارات الجمهور الناخب إلا أن المقاومة أدركت وعملت بوعي استثنائي وبأداء رائع في الحملة ا لانتخابية معتمدة وواثقة من أن الشعب الذي حررت لن يخذلها وسيجاهر بتأييده لها, ورهانه عليها في إدارة المناطق المحررة, وكانت أسست لنفوذها القوي الثابت خلال الفترة المنصرمة عندما أكدت الأحداث والتجربة صحة رؤيتها وخيارها باعتماد المقاومة المسلحة للتحرير ورفض التنازلات والإملاءات وعمليات التفاوض غير المجدية, وكما نجحت أيما نجاح في إبراز مظاهر الفساد والمتاجرة ومصادرة إرادة الناس وحقوقهم ورفضت هذه المظاهرة, نجحت بأن حققت على أرض الواقع تجربة ملموسة أشارت إلى نموذج مختلف على صعيد خدمة الناس وإدارة شؤونهم وتوفير مستلزماتهم عبر مؤسسات أهلية وخيرية وعبر إدارة نظيفة للبلديات التي سبق أن انتصرت فيها عبر صناديق الاقتراع. لماذا جاءت نتائج الانتخابات مفجعة بالنسبة لإسرائيل ومشاريعها ولحلفائها, لماذا أعطى الشعب الفلسطيني برغم الظروف القسرية كل هذا للمقاومة? ماذا يعني أن تصبح قوى المقاومة هي ا لقوى السائدة في المؤسسة التشريعية الفلسطينية برغم تعقيدات المسألة الفلسطينية, وانسداد آفاق التفاهمات أوالمفاوضات مع العدو الصهيوني وتعقدها مع الدول المانحة وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي الذي ربط مصير مساعداته وعلاقته بالفلسطينيين حصراً بالسلطة وبالقوى والمجاميع التي تقبل بالتخلي عن السلاح وبمساومة المحتل وقبول املاءاته? كل تلك أسئلة واردة بإلحاح تطلب إجابات عيانية وفكرية صحيحة لأن الحالة الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني برمته والمنطقة وعلاقة الدول الكبرى بقضاياها تتأثر على نحو بالغ بالنتائج التي تحققت في الانتخابات الفلسطينية. لما جرت أسباب عميقة, دروس ثمينة, ونتائج زلزالية لابد من ضبط بعضها لإثارة حوار هادىء وعقلاني حولها بقصد استطلاع أفاق المستقبل وسيناريوهاته ومامدى تأثير زلزال الانتخابات على مجريات الصراع في المنطقة وعليها..? 1- انتصرت قوى المقاومة في الانتخابات لأنها أثبتت أن خياراتها التاريخية ووسائلها الكفاحية وطبيعتها, هي الأقدر على قيادة الشعب الفلسطيني في بناء قوته المنظمة وإدارته للمناطق التي جرى تحريرها بالدماء بما يتناسب مع مصالح الشعب الفلسطيني ويخدم قضيته ويؤكد مشروعيتها, ولأن من يحرر يجب أن يحكم, ولأنها الأكثر تحرراً من الضغوط والالتزامات والأقدر على إقامة سلطة وطنية بالفعل على أرض محررة بالفعل لا إقامة سلطة ممنوحة من المحتل وخاضعة لإرادته واشتراطاته, ناتجة عن اتفاقيات قسرية اغتصبت إرادة الشعب وتضحياته, وبذلك حسم الشعب الفلسطيني خياره عبر الصناديق على أنه في حقبة المقاومة وحماية المكتبات وإدارة المناطق المحررة بحرية دون قبول للاملاءات ودون الموافقة على الانتقاص من الحق بالسيادة الكاملة. 2- انتصر برنامج المقاومة وتجربتها ا لمعاشة, فالبرنامج قام على قاعدة أننا ندير ما نحرر, وما تحرر بالدماء والتضحيات لا بسبب أوسلو والمفاوضات والضغوط والاشتراطات الدولية, وبذلك حسم الشعب التوازنات الداخلية في الساحة الفلسطينية لصالح تمكين المقاومين من الإدارة العملية للمناطق المحررة, وهو يثق بقدرتهم على الإدارة السلمية انسجاماً مع مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني وبذلك وضعت قواعد جديدة للوحدة الوطنية الفلسطينية وأدواتها والتزاماتها ومشروعياتها وبرنامجها وباتت الوحدة ممكنة ويمكن أن تقوم بثبات على أ ساس برنامج كفاحي وطني من شقين, شق يخص إدارة المناطق المحررة وتلبية احتياجات الناس وإقامة العدالة الاجتماعية بقدر الإمكان ورفض الفساد والرشوة, وابتزاز المواطنين والتضحية بالمصالح والحقوق والوطنية المقدسة, وشق استمرار الكفاح بوسائل مختلفة لتحقيق الأهداف الكلية للشعب الفلسطيني بالتحرر و السيادة والحقوق الوطنية والقومية, وبالتالي يتأسس لنقلة نوعية جديدة بخصوص قضايا الحل النهائي للصراع لاسيما مسألة العودة التي لا تفريط بها بعد اليوم, والقدس التي لم تعد مجالاً, لمساومة أو مفاوضة ولمسألة المستوطنات, وسيادة الفلسطينيين على كامل الأرض المحررة, جواً وبحراً, ومعابر, واقتصاداً وعلاقات مع المحيط بما في ذلك رفض أي وجود عسكري أو أمني إسرائيلي على الحدود أو في الداخل, وإسقاط الالتزامات السابقة التي كانت في الاتفاقات الموقعة مع العدو والتي احترمها الفلسطينيون ورفضها الصهاينة لاسيما قضية الأسرى والمعتقلين التي ستكون في أول برنامج المقاومة ومجتمعها ومجلسها التمثيلي. 3- انتصار المقاومة في الصناديق, وفي فلسطين أمر في غاية الأهمية بانعكاساته على المستوى العربي عموماً, وعلى مستوى دور المقاومات العربية في فلسطين والعراق, وبما يخص تعزيز قناعة الشارع العربي بخيار المقاومة والالتفاف حول سورية التي أعلنت جهاراً أنها في استراتيجية المقاومة وله انعكاسات فورية في توازن القوى اللبنانية وتعضيد المقاومة التي رفضت المس بسلاحها وبسلاح الفلسطينيين, وما جرى في فلسطين يعزز هذا الخيار بصورة هائلة مايعني أن الكثير من الاتجاهات والآراء والضغوط في لبنان ستبدأ بالتلاشي وتغيير الاتجاه والجهد. 4- للانتصار أثار زلزالية في فلسطين المحتلة, وفي قلب الكيان الصهيوني وخياراته, وفي طريقة إدارة التحالف غير المقدس بين الإدارة الفرنسية والأميركية وعلى اتجاهات العمل الأوروبي في فلسطين, وعلى مستوى الحياة السياسية في الكيان الصهيوني يعتبر ماجرى مؤشراً لزلزال عنيف سيغير من البيئة السياسية وخيارات الناخبين الصهاينة لاسيما وأن الجاري في غزة والضفة لا يبعد سوى بضعة أسابيع عن موعد الانتخابات الإسرائيلية, كما سيمثل درساً لاجماً لأي تفكير عدواني أو تصعيدي . ومن شأن النتائج أن تدفع الإدارة الأميركية والفرنسية لتغيير سياساتها وأهداف مشاريعها الإصلاحية التي تقترحها للمنطقة العربية عموماً ومناطق عمل المقاومات بصورة خاصة. في فلسطين حدث زلزال له أثار وتداعيات كثيرة لا تحصر, والأيام القريبة ستكشف المزيد فالحقائق التاريخية تتكرس واقعاً وأساسها المقاومات تنتصر في الميدان وفي صناديق الاقتراع والعصر عصر الشعوب ومقاوماتها وليس عصراً للإمبريالية العدوانية وأدواتها وليس أمام العرب إلا طريق دعم مقاوماتهم وتعضيدها, والكف عن قبول الإملاءات والاشتراطات العدوانية. اليوم فلسطين, وغداً العراق, ولبنان, إن عصر هزيمة المشاريع الإمبريالية وتداعي القوى الاستعمارية. هنيئاً للشعب الفلسطيني انتصاراته العسكرية, وهنيئاً انتصاراته السياسية والاجتماعية, وأن فلسطين والأراضي المحتلة على موعد مع تطورات نوعية في صالح خط ونهج المقاومة, والعرب ملزمون بالبحث عن وسائل وطرائق لحماية وتدعيم المقاومات وشعوبها وتعضيد دولة المقاومة سورية لأنها الحق ولأنها في الموقف الصح تتحقق رهاناتها وتحصد مع العرب النتائج والثمرات لمرحلة الصمود ودعم المقاومات وتبنيها.
|
||||||||||||||||||||||||||||||
