تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ذكريات في الفن... العملة الرديئة

فنون
الثلاثاء 31/1/2006م
عادل ابو شنب

لست أدري من أين تأتي الموهبة الفنية وهل هي تولد مع الإنسان أم أنها تكتسب اكتساباً بالدأب وتراكم الخبرة?

عندما نشأ التلفزيون الذي صار عمره 46 سنة, كان بضعة عشر نفراً يسيرونه, معظمهم لم يعرف الفن طوال حياته من قبل, فلما كبر التلفزيون واشتد عوده رأينا عشرات بل مئات يعيشون في ظل العمل الفني مدعين أنهم فنانون,ومنهم من انضم إلى المعاهد الفنية وتخرج منها, واشتغل وصار له اسم في عالم الفن غير أنه كان ولا يزال بعيداً عن الموهبة الفنية التي أرى أنها تولد مع الإنسان وقد تصقل بالمران والخبرة والتجربة في حين يبقى خريج المعاهد حبيس نظريات, لا يستطيع الخروج منها أو تجاوزها, لأنه ليس موهوباً بالسليقة.‏

كانت هذه المقدمة ضرورية لأتحدث عن فنانين كبار, لم يتخرجوا من معهد أو مدرسة فنية, مع ذلك لمعوا وصار لهم جمهور متابع ومدارس تسمى باسمهم, إنني أذكر الفنان عبد اللطيف فتحي على سبيل المثال الذي تخرج من مدرسة الحياة فأبدع وسما, وأذكر الفنانين الكبيرين غسان جبري وعلاء الدين كوكش اللذين ثقفا نفسيهما بنفسيهما فصار من ألمع مخرجي التلفزيون, وأذكر عشرات الممثلين والممثلات الذين لم يدرسوا في معاهد, ولكنهم أبدعوا, وفي مقابلهم عشرات المخرجين والممثلين والفنيين الذين تخرجوا من معاهد ومدارس فنية فلم يبدعوا ولم يتركوا أثراً يبقى. إن الفارق بين هؤلاء وأولئك هو فارق الموهبة التي تولد مع الإنسان أو عدم الموهبة.‏

أقول هذا رداً على سؤال وجهته إلي صحفية شابة شمّت أنني لا أؤمن بموهبة خريج المعهد الذي التحق به لأن الموضة هي موضة الفن هذه الأيام, أو لأن كار الفن صار شائعاً بوجود وسائل إيصال وإعلام وتثقيف جديدة تتطلب مهنيين لقد قلت لها صراحة: إن فن هذه الأيام لا يخرج من موهبة متأصلة بل عن تقنيات جامدة قد تقدم الفن بأبهى صورة لكنها صورة تفتقد إلى الموهبة وإلى الإحساس وإلى المضمون الإنساني.‏

ولما سألتني عن أسماء عديمي الموهبة هؤلاء عددت لها أسماءهم فأصبت بصاعقة , إنهم الآن يسرحون ويمرحون في ميدان الفن في حين أن الفنانين الحقيقيين الموهوبين في انحسار لأن العملة الرديئة في الفن تطرد العملة الجيدة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية