تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إسرائيل تحاول تلميع صورة الحصار

مجلة تايم الأميركية
ترجمة
الأربعاء 30-6-2010م
ترجمة: ليندا سكوتي

لم تعلن إسرائيل بوضوح عن فك حصارها على غزة لأن ذلك سيعتبر نصراً لقادة حماس في الأراضي الفلسطينية، ويؤكد نجاعة الأسلوب الذي اتبع بإرسال قافلة من السفن بهدف كسر الحصار،

تلك القافلة التي تعرضت لهجوم من القوات العسكرية الإسرائيلية تسبب بمقتل تسعة من الناشطين، وإزاء ما جرى من أحداث، وجدت الحكومة الإسرائيلية نفسها مضطرة لإصدار بيان يشوبه الغموض في يوم الخميس الفائت أشارت به إلى سماحها بدخول البضائع المدنية على أن تعبر المواد اللازمة لتنفيذ المشاريع بإشراف ومراقبة دولية، أو بمعنى آخر تخفيف الحصار على غزة.‏

على الرغم من الغموض الذي اكتنف بيان الحكومة حول التطبيق العملي له، فإنه بلا شك يتضمن رفعاً لحظر دخول الأغذية والألعاب والتجهيزات المدرسية وأدوات المطبخ والفرش وغيرها من البضائع، حيث شرعت «إسرائيل» منذ الأسبوع الفائت بالسماح بمرور رقائق البطاطا والمربى والعسل والبسكويت، وقد جاء إجراؤها هذا لامتصاص الاستياء والغضب اللذين سادا مختلف أرجاء العالم جراء ما قامت به من هجوم على أسطول المساعدات، لأن تلك المواد البسيطة كانت في رأس قائمة البضائع المحظورة، الأمر الذي ينفي الادعاءات الإسرائيلية بأن الحصار يهدف إلى منع دخول الأسلحة إلى غزة، حيث يؤكد الواقع بأن الهدف الحقيقي هو ممارسة الضغوط على سكانها للانقلاب على الحركة الإسلامية التي تسيطر على القطاع بعد صراعها مع السلطة في عام 2007.‏

إن ما حصل من تغيير في إجراءات الحصار قد جاء عقب المحادثات التي تمت مع رئيس الحكومة البريطانية الأسبق توني بلير والذي يشغل حاليا منصب ممثل الرباعية للشرق الأوسط (التي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة) الذي بذل الكثير من الجهد مقابل موافقة غربية على قيام «إسرائيل» بالتحقيق في أمر الهجوم على أسطول المساعدات بدلاً من إجراء تحقيق دولي وفق ما طالبت به تركيا وبعض الدول الأخرى.‏

يبدو أن التخفيف من الحصار كان محدودا، إذ إنه لا يشمل كل القيود المفروضة على النشاط الاقتصادي الفلسطيني، وسيستمر الإسرائيليون بتفتيش الشحنات الداخلة والخارجة بهدف منع مرور الأسلحة والمعدات والتجهيزات العسكرية، وقد قال منسق هيئة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مكسويل جيلارد للمراسلين في انتر بريس سرفيس قبل إعلان البيان الذي أصدرته الحكومة الإسرائيلية: إن ما يطلب من «إسرائيل» هو أكثر بكثير من زيادة مفردات المواد المسموح لها بالعبور إلى الأراضي الفلسطينية، مضيفا أن المطلوب رؤية تحسن في توفير المياه إلى غزة وتحسين كل من شبكة الصرف الصحي وشبكة الكهرباء وقطاعات الصحة والتعليم. واستطرد بقوله: «إن اقتصاد غزة يسوده الضعف، وثمة هشاشة بالغة في بنيته التحتية، ومن المحتمل ان تحدث الكثير من الكوارث إن لم يتم تأهيله على نحو جدي».‏

لا ريب أن إعادة تأهيل الاقتصاد في غزة لن يحقق النتائج المرجوة إن لم يقترن بمعالجة للواقع السياسي. وقد قال بلير في هذا السياق: إن سياسة الغرب في غزة يجب أن تقوم على عزل المتطرفين بالتزامن مع مساعدة الشعب. ويبدو أن كلاً من الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها مازالوا متمسكين بأمر مقاطعة حماس إلى الحين الذي تعلن به التخلي عن العنف بدلا من تعليقه، واعترافها بإسرائيل، وقبولها باتفاقيات السلام المبرمة في السابق. لكن الأصوات البراغماتية والأكثر واقعية الصادرة عن أمثال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق جيورا الياند وسفير المملكة المتحدة إبان عهد بلير السير جيرمي جرينستوك قد حثت الغرب وإسرائيل على الدخول بمفاوضات مع حماس، لأنها المنظمة الوحيدة التي يمكنها المحافظة على السلام في غزة، وبدونها يتعذر التوصل إلى الاتفاق الذي يؤمل تحقيقه نتيجة التفاوض بين الفلسطينيين «وإسرائيل».‏

إن الأزمة في استراتيجية الحصار التي أفضت إليها كارثة الأسطول الصغير قد أصبحت معقدة، ذلك لأن تلك الاستراتيجية المشتركة التي تم تبنيها قبل أربع سنوات من قبل الغرب «وإسرائيل» لم تفشل في تحقيق أهدافها فحسب، بل قادت الى ترك المبادرة للآخرين كي يضعوا حلاً إقليمياً، حيث قامت تركيا بدور ذي أهمية عبر إرسالها المساعدات لكسر الحصار، مؤكدة في ذلك على استقلالها في الرأي عن الولايات المتحدة في الأمور المتعلقة بالقضايا الإقليمية، ومتحدية كل من واشنطن «وإسرائيل»، وهي في تصرفها هذا قد توجهت إلى الأغلبية العظمى من الرأي العام في المنطقة وسلطت الضوء على مساوئ الحصار الذي لم يفض إلى عزل حماس، بل أدى بشكل متزايد إلى عزل الحكومات العربية التي شاركت في استراتيجية الحصار الإسرائيلي-الأمريكي، وتعرضها للضغوط بهدف عدم الاستمرار بالمشاركة بتلك الجريمة.‏

إن التخفيف من الحصار ربما يريح البعض مما يتعرض له من ضغوط سياسية في الوقت الحاضر، لكنه يعطي دليلا على أن الاستراتيجية العربية - الأمريكية - الإسرائيلية لإقصاء حماس عن المعادلة السياسية لم تفلح في تحقيق نتائجها المرجوة.‏

 بقلم: توني كارن‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية