تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لماذا القفز الأميركي فوق خطة «جونز» للانسحاب من غور الاردن ؟

شؤون سياسية
الاثنين 23-12-2013
 دينا الحمد

من جديد تعود قضية غور الاردن الى الواجهة بعد محاولات وزير الخارجية الاميركي فرض الاجندات الاسرائيلية على الجانب الفلسطيني من خلال إبقاء منطقة الغور تحت السيطرة العسكرية الاسرائيلية،

و المفارقة الصارخة والمثيرة للاستفزاز أن كيري الذي كان أسرع من الصهاينة ذاتهم لتطبيق القوانين الاسرائيلية على الغور لم يحرك ساكناً للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لوقف مخططاتها الاستيطانية، بل إنه عرض أفكاراً تظهر انحيازه الفاضح لربيبته إسرائيل بإبقاء الاحتلال على منطقة الغور بالضفة الغربية المحتلة .‏

وليس غريباً على السياسة الاميركية هذا الانحياز الفاضح للكيان الصهيوني، فالوقوف مع العدوان و الارهاب و سياسات التوسع هو سمة اساسية من السمات الاميركية في الصراع العربي الإسرائيلي على امتداد سنوات الصراع، فإذا كان العالم ضد الاستيطان كانت الولايات المتحدة معه واذا كانت الامم المتحدة تطالب بالانسحاب من الاراضي المحتلة كانت اميركا الاسرع للتستر على الاحتلال الاسرائيلي .‏

و اليوم تتكرر الفصول ذاتها، فوزير الخارجية الاميركي يكرر زياراته الى المنطقة في محاولة لإطلاق المفاوضات المجمدة منذ سنوات و بدلاً من الضغط على الكيان الصهيوني للانسحاب من الاراضي المحتلة عام 1967 فإنه يجهد نفسه للابقاء على احتلال اجزاء منها، لكن افكار كيري هذه سرعان ما لبثت ان لاقت معارضة من الجانب الفلسطيني الذي رأى فيها انها ستقود جهوده الى طريق مسدود و فشل كامل، لأنه يتعامل مع قضايا الفلسطينيين بدرجة عالية من الاستهانة و يضع باعتباره الامن الاسرائيلي فقط دون أي اهتمام بالقرارات الدولية و جوهر الصراع وهو الاحتلال .‏

إن خطة كيري الجديدة تقضي بإبقاء وجود عسكري للاحتلال الاسرائيلي في منطقة غور الاردن وتعد تراجعاً كاملاً عن الافكار التي قدمها المبعوث الامني الاميركي السابق جيم جونز، حيث تحابي اقتراحات كيري المطالب الاحتلالية الاسرائيلية وتقضي بوجود اسرائيلي في غور الاردن لمدة 10 سنوات يتم خلالها تأهيل قوات أمنية فلسطينية لتولي المسؤولية في المنطقة وهو ما يرفضه الفلسطينيون جملة و تفصيلاً .‏

ولعل المفارقة في افكار كيري انها تدعو ايضا الى وجود إسرائيلي غير مرئي و لكنه مقرر على المعابر الحدودية بين الضفة الغربية و الاردن، فضلاً عن نشر محطات انذار مبكر على تلال في الضفة الغربية المحتلة .‏

وبهذه الصورة تكون السياسة الاميركية بمقترحاتها الجديدة تخلت تماما عن الافكار التي وضعها الجنرال جونز التي تحدثت عن وجود دولي في الغور لقوات من حلف الناتو بقيادة اميركية والا يكون هناك أي وجود اسرائيلي وبات الاميركيون يتحدثون عن ترتيبات امنية تتبنى بالكامل وجهة النظر الاسرائيلية سواء ما يتعلق بالغور أم المعابر او الاجواء .‏

و حتى تكتمل صورة الانحياز الاميركي الفاضح لاسرائيل لوح كيري هذه المرة بعصا العقوبات من خلال تأجيل الافراج عن دفعة الاسرى الثالثة للحصول على موقف فلسطيني اكثر ليونة تجاه خطة الترتيبات الامنية، و أراد كيري ان يأخذ موافقة من الجانب الفلسطيني على خطته الجديدة التي تلبي طموح ورغبة اسرائيل في ابقاء سيطرة جيشها المحتل على طول المناطق الفاصلة بين الدولة الفلسطينية المستقبلية و الاردن، خلافاً لتطلعات الفسطينيين الذين يريدون السيطرة على تلك المنطقة اضافة الى المعابر مع وجود قوات من حلف الناتو حسب خطة جونز السابقة .‏

واستنادا الى هذه الخطة الجديدة التي تنسف حتى خطة جونز التي تبنتها واشنطن سابقاً يبدو للمتابع كيف تقوم الولايات المتحدة بتضليل الرأي العام العالمي عن رغبتها بإعادة اطلاق المفاوضات و إحلال السلام في المنطقة، فهي تدعي حرصها على السلام وتقدم الحلول المنقوصة التي تنسف أي امكانية لقيامه، وهي تدعي حرصها على ما يسمى حل الدولتين وتبدو خططها وخطواتها و كأنها تلغي أي فرص لاقامة الدولتين .‏

فهل إبقاء الاحتلال على اجزاء من اراضي 1967 يحقق السلام ؟ وهل حل الدولتين يتماشى مع الاستقرار ؟‏

بالتأكيد لا فتحقيق السلام يستدعي الانسحاب من الاراضي المحتلة و ليس ترويج الخطط التي تسمح باطالة أمد الانسحاب كما هو الحال في غور الاردن و محاولة واشنطن القفز حتى فوق خطة جونز نفسها للانسحاب من المنطقة، فمن يصدق النيات الاميركية بعد الآن ؟!.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية