تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هذيان فرناندو بيسووا.. في ســــــرد أنطونيــــو تابوكــي..

ثقافة
الأحد 20 -9-2015
 لميس علي

كان متوجهاً إلى محطة ليون.. في نهاية فترة إقامته في باريس مستقلاً القطار عائداً إلى إيطاليا، في المحطة اشترى من أحد الأكشاك كتيباً لكاتب مجهول بالنسبة له هو فرناندو بيسووا.

في تلك اللحظة كان أن اكتشفه للمرة الأولى.. وأثناء طريق العودة استغرقته قراءة الكتيب الذي احتوى قصيدة «دكان التبغ».‏‏

يعترف تابوكي: «كان الأمر بمثابة اكتشاف بالنسبة إلي، بمثابة قوة خارقة، لدرجة أنني قررت تعلّم اللغة البرتغالية سريعاً: قلت لنفسي إن كان هناك شاعر كتب قصيدة ساحرة إلى هذا الدرجة، فعلي أن أتعلم لغته».‏‏

ما وجده تابوكي في قصيدة بيسووا مختلفاً عمّا اعتاد قراءته من شعر إيطالي. رأى في «دكان التبغ» قصيدة مسرحية يمكن لنا إلقاؤها من على خشبة المسرح، مشبعة بشعر حكائي روائي.‏‏

كل ذلك دفع بـ (تابوكي) إلى تعلّم البرتغالية في جامعة بيزا. ثم حصل على منحة دراسية في البرتغال وهناك تعرّف على طبقة المثقفين والكتّاب.. مكتشفاً عالمهم الرازح تحت سلطة الديكتاتور سالازار.‏‏

أثّرت فترة إقامة تابوكي في البرتغال بإبداعه فكان أن كتب روايته «بيريرا يدّعي» صدرت بالإيطالية عام 1994، متحوّلةً إلى بيان سياسي للإيطاليين الذين تخاطفوها للقراءة.. مع أنها كانت تحكي عن صعود سلطة سالازار في البرتغال إلا أن الإيطاليين سرعان ما أعملوا إسقاطاتهم على اللحظة الإيطالية الراهنة آنذاك.‏‏

فيما كتب بيسووا تساؤلاً ليس فقط عن الهوية إنما عن الروح المتعددة وهو الأمر الأساسي الذي لفت انتباه تابوكي إليه.. «ناضل بيسووا في العمق ضد فكرة الروح الوحيدة التي لاتتجزأ».. وصل إلى مفهوم تعددية الأرواح بالعودة إلى معتقدات العصور الوثنية القديمة، وهو اللافت في فكره والجديد كما يراه تابوكي الذي كتب رواية «الهذيان» ويسرد فيها مجريات أحداث الأيام الثلاثة الأخيرة في حياة بيسووا.‏‏

أساس «هذيان» قائم على الخيال، يتخيل تابوكي أن بيسووا خلال فترة إقامته في مستشفى سان لويس الفرنسي في لشبونة يتلقى زيارات من جميع بدلائه/أقرانه السريين المخترعين/، الذين أبدعهم خياله.‏‏

ابتكر بيسووا لهؤلاء البدلاء حيوات وسيراً وجعلهم بمواصفات مهنية كتابية، من أشهرهم: أنطونيوا مورا، ألفارو دو كامبوس، ريكاردو رييس، برناردو سواريس، ألبرتو كايرو.. كل منهم سيأتي لزيارته في أيامه الأخيرة.. يلقي بسرّه بين يدي بيسووا.. هذا ما تحدّث عنه وسرده تابوكي في عمله «هذيان» الموصوف روايةً.‏‏

إلا أن الكتاب الرواية، الذي يأتي بطبعة عام 2013، عن دار طوى، ترجمة إسكندر حبش، ينشغل بنصفه الأول في الحديث عن أعمال تابوكي وكيف أثرت في الوعي الإيطالي لاسيما فترة حكم برلسكوني التي وصفت بفترة الديكتاتورية الإعلامية الأبرز في القرن العشرين بالنسبة لإيطاليا.. وعن طرائقه الإبداعية.. سجالاته الثقافية مع العديدين.. بينما لن نلاحظ مثل هذا الجهد يقدّم في التعريف بشخصية الرواية الأبرز وهو الشاعر البرتغالي فرناندو بيسووا.. لتبقى المعلومات المعطاة عنه قليلة وشحيحة.‏‏

على هذا نشعر كقرّاء.. أن المجيء بمناسبة الكتابة عن بيسووا لم يكن سوى حيلة لكتابة مقدّمة تبدو أهم من الرواية بحد ذاتها.. جُعلت، أي المقدّمة، بعنوان «القراءة في عتمة التاريخ الأوروبي».. هكذا كان بيسووا سبباً أساساً في تعريف تابوكي بالحياة الثقافية البرتغالية ومنها بالأوضاع السياسية وصولاً إلى الجمع بين شتى الأوضاع السياسية في أوروبا.. ففي عام 1938، نفس العام الذي تدور فيه أحداث رواية تابوكي «بيريرا يدّعي»، كان الجنرال فرانكو في طريقه إلى كسب السلطة في إسبانيا، وموسوليني نجح في إيطاليا، وهتلر كان وصل إلى سدّة السلطة في ألمانيا، وتفشى حكم سالازار في البرتغال.‏‏

هكذا كانت رواية «هذيان» ضعيفة التأثير قياساً إلى المقدمة التي جاءت توطئةً كما يفترض لها ولظروف كتابتها.. فعّرفت، أي المقدمة، بكاتب الرواية أكثر من بطل الرواية lamisali25@yahoo.com‏">عينه.‏‏

lamisali25@yahoo.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية