تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل هي بداية الحرب على لبنان؟؟

إضاءات
الأحد 20-9-2015
سلوى خليل الأمين

سطروها في سجلاتهم حربا انتقامية ضروس ، فكانت مؤامراتهم تتوالى منذ خروج فلسطين من عرين أمة العروبة ومنحها وطنا للصهاينة بخداع ما زال مستمرا لتاريخه، هكذا أرهقوا دول الجوار بحالة دفاعية قائمة ضد عدو مشترك هو إسرائيل، طاولت مصر وسورية ولبنان والأردن بما لم يكن في الحسبان،

فقد عمدوا اولا إلى تحييد الأردن عن قضية الصراع العربي الإسرائيلي ،عبر تنصيب ملوك عليه يأتمرون بالغرب الاستعماري الذي هو سبب العلة وما زال، فكان ما كان من مؤامرات على القادة العرب المشهود لهم وطنيتهم وقوميتهم، ومنهم الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس حافظ الأسد، وما حدث خلال مراحل حكمهما وصراعهما مع إسرائيل من مواقف خاطئة لملك الأردن الراحل الحسين بن طلال الذي لم يعف الفلسطينيين من القتل والتهجير في حوادث أيلول المرعبة، التي استدعت من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عقد قمة عربية عاجلة لدرء الموقف وتوحيد الجبهة ، والتي انتهت برحيله بعد انتهاء المؤتمر ووداعه لآخر رئيس عربي هو اللبناني الرئيس سليمان فرنجية .‏

كانت مصر في عهد عبد الناصرواقفة بالمرصاد للعدو الصهيوني، مع حليفتها سورية في عهد الرئيس حافظ الأسد، أما لبنان فتم تحييده عن الدفاع عن أرضه وناسه في وجه الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة ، نظرا لضعفه ، «هكذا كانوا يصفونه» والغاية طعن سورية من خاصرتها متى شاؤوا، وطبعا المقصود زبانية الاستعمار وحلفائه ،الذين جعلوا لبنان مقرا ومستقرا لمؤامراتهم الشيطانية، لهذا لم يجهزلبنان جيشه تجهيزا قادرا على مواجهة العدو الإسرائيلي، بل جعل جيشا للحفاظ على تكريس الهدنة بين البلدين، أقصد بين لبنان والعدو الإسرائيلي المغتصب للأرض الفلسطينية،علما ان هذا العدو لم يحرص على احترام خطوط الهدنة المرسومة من قبل الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ضاربا عرض الحائط بكل القرارات الدولية التي تدين تعديه الدائم على لبنان.‏

وكلنا يذكر تفاعل المقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان ، بعد حوادث أيلول الأسود الأردنية ،بحيث أصبحت بيروت مقرا ومستقرا دائما لسلطة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ، إلى أن اندلعت شرارة الحرب الأهلية في لبنان في نيسان العام 1975 ، بين الفلسطينيين المتعاونين مع الأحزاب والقوى الوطنية وفي طليعتهم الزعيم كمال جنبلاط وبين حزب الكتائب المعادي للفلسطينيين على إثر حادثة بوسطة عين الرمانة .‏

بعدها كبرت كرة الثلج ودخل الجيش السوري إلى لبنان بعد أن طلب رئيس حزب الكتائب يومذاك الشيخ بيار الجميل والرئيس الأسبق كميل شمعون، بعد أن توالت على محازبيهم ومناصريهم وداعميهم الهزائم وأصبحت جونية على مرمى حجر من القوى الوطنية المرابطة في منطقة عينطورة الجبلية، النجدة من الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي حرص على أن يبقى لبنان البلد التعددي كما هو، أي قبلة للعرب أجمعين ، لهذا دخل الجيش السوري بموافقة عربية ودولية لبنان من تلال بكفيا مستقبلا من الشيخ بيار الجميل وابنيه الشيخ أمين والشيخ بشير وبعض أركان حزب الكتائب وكانت مائدة الغداء عامرة في قصر الجميل في بكفيا، أما في صيدا الجنوبية فكان دخول القوات السورية قد أسفر عن معركة حادة مع القوى الوطنية الذين أرادوا متابعة المعركة مع حزب الكتائب ومناصريهم من المسيحيين المضللين.‏

هذه الوقائع يعرفها القاصي والداني في لبنان ، لأن الذاكرة لاتفنى ولا تموت ،وإن شابها بعض الخلل من جراء فبركات إعلامية تكتب بالحروف السوداء، تقلب الوقائع رأسا على عقب، محاولة تدمير الذاكرة الجماعية التي لا يمكن قتلها بسهولة أو استئصالها ، مهما حدث.‏

لقد حضنت سورية المسيحيين في لبنان وزعماؤهم الكثر، وحرص ممثلوها على التعاطي مع الجميع من منطلق أن لبنان ذو نظام خاص مختلف كليا عن باقي الأنظمة العربية، وكان ما كان من صعود لرجالات من لبنان تبؤوا المراكز السياسية والسلطوية والمالية وباتوا يشكلون الأرقام الصعبة التي تأمر فتطاع ، في هذا الوقت وبعد اندحار الفلسطينيين إلى تونس وبعدها قلبوا ظهر المجن لسورية التي صنعتهم وجعلتهم من أركان الدولة اللبنانية.‏

في هذه الحقبة، نشأت المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله ،وقد سطرت أول انتصارعلى العدو الصهيوني في العام 2000 بدعم مطلق من سورية والدولة الإسلامية في إيران ، هذا الأمر لم يرق لإسرائيليي الداخل الذين أظهروا لسورية الطاعة العلنية، وفي الخفاء كانوا عملاء للغرب ولإسرائيل ، وهذا ما شهدته الأحداث التي توالت فيما بعد ،منذ رحيل الرئيس حافظ الأسد واستلام الرئيس بشار الأسد القيادة في سورية لحين اغتيال الرئيس رفيق الحريري واتهام سورية بالفعل، وخروج جيشها من لبنان، ومن ثم ما حدث من تجييش ضد الرئيس بشار الأسد في الساحات اللبنانية من قبل سياسيين هم صناعة سورية، أصبحوا ألد الأعداء للرئيس بشار الأسد ولعروبة سورية ومواقفها الجهادية ، خصوصا بعد حلول انتفاضات ما سمي بالربيع العربي، التي تدرجت حتى وصلت إلى الداخل السوري ، عبر خطوط نار مرسومة بدقة ، وعبر مخططات جاهزة ، وعبر عناصر إرهابية مرتزقة حاضرة غب الطلب.‏

قال الله في كتابه الكريم (( ذكر علها تنفع الذكرى))، وها نحن لزاما علينا ، نحن حملة الأقلام، أن نستعيد الماضي دائما، وأن نطرحه بشكل مفصل للأجيال الجديدة، التي تسمع حرتقات من هم اليوم على الساحة السياسية، فتتصور أن التاريخ بدأ من خلالهم.. فالفتنة المذهبية لم تفتعلها سورية الحاضنة لكل الديانات اليهودية والمسيحية كما الإسلامية ، والمشاكل الداخلية لم يفتعلها أركان الدولة المولجين بحفظ النظام ، والدفاع عن الوطن أمر مكتوب في الدساتير وترعاه القوانين المرعية الإجراء، لهذا لم يخطئ الرئيس بشار الأسد حين تصدى مع جيشه لكل العصابات الإرهابية التي حلت في سورية، عبر ممرات آمنة من دول الجوار وأعني الأردن وتركيا وبعض السياسيين الموتورين في لبنان، بدليل أن ما يحدث الآن من حراك شعبي مطلبي محق على الساحة اللبنانية، الذي قامت به عناصر شبابية متحمسة وشاجبة لتراكم أخطاء المسؤولين، الذين زادوا الطين بلة بإغراق الوطن في النفايات، التي كانت السبب الأهم الذي أطلق النفير العام عبر نزول الناس بكل فئاتهم وطوائفهم ومناطقهم ودياناتهم إلى الساحات مطالبين السلطة الحاكمة بتطبيق القوانين التي تنصف المواطن ولا تغرقه في الديون ولا تحرمه من الكهرباء والماء وتدخله في شظف عيش لم يتعوده سابقا ، إضافة إلى غرق المسؤولين، وعلى عينك يا تاجر، في رخاء ما بعده رخاء عبر سرقة مال الخزينة اللبنانية التي هي ملك للشعب .‏

القمع من قبل السلطة السياسية كان سيد الموقف ، وصرخة رجال الاقتصاد الذين هم مسببو الدين العام على كل مواطن لبناني بالقول عبر قول أحدهم : «نحن نطاع ولا نطيع ، وسط بيروت لن يتحول إلى جماعة أبو رخوصة»، ويقصد الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى الذين هم عصب المجتمعات في كل الدول، رصده وشاهده العالم كله، وهذا دليل فاضح على ممارسات من حسبوا أنفسهم أسياد العدالة والرأي الحر ، فوسائل القمع التي مورست ضد المتظاهرين السلميين كانت واضحة ومكشوفة، إضافة إلى جماعة هؤلاء الزعماء المستفيدين من فراغ السلطة والحرب على سورية بتثبيت مواقعهم التي ظنوا أنها لن تتزعزع، فقاموا بأعمال الشغب عبر جماعاتهم تيمنا بواقعة الجمل التي أنهت حكم حسني مبارك في مصر.‏

ما أود قوله والتذكير به ، هو أن من يقوم اليوم بقمع الرأي الشعبي المسالم في لبنان وباتهامهم بشتى الاتهامات هم أنفسهم ليسوا براء منها، ومن ثم هم أنفسهم حين بدأت بوادر المؤامرة على سورية من تجاوز حدوده وأعلى الصوت ناطقا بالنصح للرئيس بشار الأسد ، أن عليك أن تفعل كذا وكذا وكأنهم من الضلعاء في العلم السياسي والقيادي، متناسين أن هذا القائد الشاب هو ابن مدرسة عريقة في العروبة والنضال هي مدرسة البعث وحافظ الأسد، وهي نبت سورية قلب العروبة النابض ، ولم يخجلوا أيضا من إعلان النفير العام بأنهم مع الشعب السوري ووووو الخ، من مقولات ورهانات وفبركات مقبوضة الأثمان ممن يمولهم ويطعمهم ويريدهم أسيادا في لبنان، الذي اختار شعبه بفريقيه القويين المسلم والمسيحي عنيت حزب الله والتيار الوطني الحر وأنصارهما خط العروبة ومقاومة العدو الصهيوني ودهم سورية في محنتها، هدفا ومسارا.‏

نهاية القول، إن سورية لم تقمع شعبها منذ بداية الأحداث بل تعاملت القيادة معهم بمنتهى الحكمة ، فتم تغيير الدستور ، وتغيير الحكومة، وتشديد المراقبة على عمل الإدارات الرسمية ، وتسريع الإصلاحات في الدولة التي بدأها الرئيس بشار الأسد منذ توليه السلطة، ومع هذا ، ولأن المؤامرة يجب أن تنفذ ، تعالت أصوات العملاء في الداخل والخارج ضد سورية وقائدها ، وخصوصا عند فئة من اللبنانيين هم اليوم أدوات القمع لشعب يريد أن يعيش بكرامة في وطنه، بعد أن لمس إفلاس الطبقة السياسية الحاكمة، ترى هل هي بداية الحرب المؤامرة على لبنان وحزب الله وكل من يدعم المقاومة في لبنان؟ هو السؤال الخطير الذي يخافه الحريصون على سلامة الوطن وحماية سورية من خاصرتها اللبنانية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية