وقد لاحظ الجميع ضعفاً في صياغة التشريعات بدليل تعديل بعضها خلال فترات قصيرة لا تتجاوز أشهر نتيجة تناقضها مع قوانين أخرى أو استحالة تطبيقها لتجاهلها للواقع وعدم تلبيتها للمتطلبات التي تم التعديل من أجلها ولتناقضها في بعض الأماكن مع الدستور، وهذا يعبر عن غياب الأسس الواضحة والمحددة لعملية اعداد المشاريع والجهات التي يجب أن تقوم بعملية الاعداد ومن ثم التدقيق والدراسة إلى حين النظر بالمشروع في مجلس الوزراء قبل رفعه الى السلطة التشريعية المختصة مع مراعاة خصوصية بعض التشريعات .
إن مسالة التدقيق القانوني والصياغة التشريعية السليمة تستلزم وجود حلقات محددة تمر بها هذه التشريعات، فهنالك جهات مختصة كمجلس الدولة ووزارة العدل (إدارة التشريع) والمحكمة الدستورية العليا، بالإضافة إلى الصياغة اللغوية كي تكون القوانين محصنة من الأخطاء اللغوية والمصطلحات المعومة التي تفتح المجال أمام من يتولى تنفيذها، التفسير وفق ما يحقق بعض المصالح الضيقة.
معالجة الخلل التشريعي يحتاج إلى وجود هيئة أو مجموعة من المختصين للنظر بمشروعات القوانين ولاسيما عند وضع اللوائح والتعليمات التنفيذية كي تكون متجاوبة مع النص التشريعي، وأن تكون عبارة عن قواعد مبسطة وموضحة للنص كي يسهل تطبيقه.
القوانين وُجدت لتنظيم المجتمع، وعندما تفقد هذا الهدف فإنها تتحول إلى مبرر لكثير من التجاوزات والمخالفات، وعندما تكون أيضاً منفصلة عن الواقع فإنها تتحول إلى أداة ابتزاز، وهذا ما تعاني منه الكثير من مؤسسات الدولة اليوم، فما يصدر عن الجهات الرقابية في كثير من الأمور مُنفصل عن ظروف الأزمة ويتعاطى مع الأمور في الظروف المثالية، الأمر الذي أوقع الظلم على الكثيرين ممن عملوا وفقاً لتطورات الأزمة التي فرضت متغيرات يومية.
لم تشهد سورية ضعفاً تشريعياً كالذي تشهده اليوم وهذا واضح بالممارسة والتطبيق والتباين بين القوانين وتعارضها مع منطق تقديم الخدمات، وتجاهل الظروف الحالية ومفرزات الأزمة، وضبط حالات الفساد ووجود مساحات كبيرة للشخصنة واختلاف التفسير.
إن الضرر الذي ندفع ثمنه لعدم تعديل بعض القوانين كبير جداً، ولا سيما القانون الأساسي للعاملين في الدولة، وقانون العقود، وقانون الاستثمار، وتفعيل قانون التشاركية، ولن تستقيم الأمور وتوضع الجهود في إطارها السليم إلاَّ من خلال إصلاح القوانين وآلية إعدادها وضبط آلية تنفيذها ومراقبتها.