مثلما هو مهم الشعار الذي تم اختياره ليكون شعار يوم الثقافة لهذا العام «الثقافة لارتقاء الإنسان» مشيراً إلى أن الثقافة هي التي تميز البشر عن غيرهم من الكائنات التي تحفل بها هذه المعمورة، وهي التي تجعلنا ندرك ونتذوق بهاء هذا العالم، وكل ما يحفل به من قيم الحق.
بدوره د.اسماعيل مروة رأى أن الثقافة إن أعطيناها حقها وأهميتها فهي الحصن الأول لكل بقعة في الكون ولكل ذرة في الأرض .. فأي أرض حصنتها الثقافة لايستطيع أن يقترب منها عدوان مهما علا .. لأن الثقافة خميرة وإن تحررت الثقافة فصار من الصعب على الأذهان أن تنغلق .
وخلص مروة إلى أن مشكلتنا في سورية والوطن العربي والعالم هي مشكلة انحدار القيم الثقافية، وجعل الثقافة تالية في كل شيء، ويزعم كثيرون أن الثقافة هي أمر تابع قد لايقدم ولا يؤخر .. من هنا كانت مجمل الأنشطة الثقافية التي زخرت بها وزارة الثقافة سواء على صعيد الكتب أم الندوات أم الأنشطة ويحسب أنه في هذه الحقبة تحول يوم الثقافة لمجموعة من الأنشطة وليس ليوم واحد.
هذا وقد تابعت الندوة أعمالها بعد الافتتاح وكان المحور الأول بعنوان : ندوة تتابع
تضمنت الندوة « أربعة محاور توزعت حول عدد من المواضيع الثقافية الهامة، فكان المحور الأول الذي كان ربانه الاستاذ سعد القاسم وقد شارك د. اسماعيل مروة بمحاضرة بعنوان» الرواية صورة الواقع» وقد بين أنه ليس المقصود بالرواية والواقع، الرواية الواقعية مذهبا فكريا، وإنما المقصود الحديث عن الرواية بوصفها تسجل الواقع وتشكل مصدرا تاريخيا يقدم صورة لايستطيع المؤرخ أن يقدمها عادة، بسبب انحياز المؤرخ كما ترصد كتب التاريخ والتراجم.
يقول د. راتب سكر إن تحليل مكونات الشعر الفنية ووظائفها الدلالية يساهم في إثراء القيم الإنسانية ومؤثراتها الثقافية والاجتماعية والمعرفية، وتحليل التجلي الفني لهذه القيم في الشعر يعزز دورها في منح الشعر وظائف ثقافية ومعرفية طليعية إضافية تفيد في تعميق دراسة أدبنا العربي المعاصر ومكوناته الفاعلة وغاياته الفنية الجمالية والاجتماعية والمعرفية من جهة أخرى.
ويبين د. محمد قاسم أنه إذا صح القول إن توثيق التراث وإيجاد الأسباب العلمية واصطناع الوسائل الفنية المعينة على إخراجه إخراجا علميا دقيقا يقوم على جمع نسخ الكتاب المخطوطة والمفاضلة بينها ثم اتخاذ إحدى النسخ أمّاً أو أصلا وإثبات فروق النسخ ومايتبع ذلك من إضاءة النص ببعض التعاليق والشروح وصنع الفهارس التحليلية الكاشفة لكنوز العلم، وما يسبق ذلك كله من التقديم للكتاب وبيان مكانته في العلم المصنف فيه هو واجب وطني وأمانة للأجيال أن يقفوا على تراث آبائهم محققا تحقيقا يكشف لهم عن مواطن الجمال فيه ومواضع النفع منه.
أما د. ماهر الخولي فقد توقف عند أمر هام ورأى بأنه لايمكن الإلمام بكل تاريخ المسرح في العالم والذي كتبت عنه الملايين من الصفحات، ويتساءل: ما المدى الذي استطاع من خلاله المسرح أن يعبر عن الحياة بكل تناقضاتها وعن حركة المجتمع وحراك الناس.
كما عرّف النص المسرحي بأنه النص الأدبي المكتوب بطريقة حوارية شعرا ونثرا ويمكن أن يقرأ فقط أو أن يتحول إلى عرض مسرحي يجسد فيه الممثلون أدوارا على خشبة المسرح أمام الجمهور، ليكون المسرح صلة الوصل بين الخشبة» المرسل» والصالة» الجمهور المتلقي» في زمان ومكان محددين لتحقيق المتعة والفائدة.
وفي محاضرته بيّن سعد القاسم أن الكتابات التي أرّخت للفن التشكيلي السوري الحديث تؤكد أن توفيق طارق كان رائد هذا الفن ومؤسسا مع عدد من الفنانين للحياة التشكيلية السورية، ولذلك كان لحضوره الشخصي الصاخب والثر دور كبير في إثارة الاهتمام بما يمكن وصفه بالوافد الجديد إلى الحياة الاجتماعية السورية.
وعلى ذلك يعتبر نقاد الفن ومؤرخوه أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين تاريخ بداية الفن التشكيلي السوري بمفاهيمه الحديثة، وعلى امتداد القرن العشرين شهد الفن التشكيلي تطورا كبيرا ورغم هذا لابد أن نلحظ أنه رغم كل مظاهر الحيوية فإن الفن التشكيلي لم يحتل بعد موقعا فاعلا في حياتنا الاجتماعية، فجمهوره حتى الآن لا يزال جمهور نخبة.
وتوقف الاستاذ عمار أحمد حامد عن هذا التشابه الذي يربط بين السينما والحلم من حيث الأجواء التي تجمعهما ويقول: إن الحديث عن الأحلام يشبه الحديث عن السينما حيث تنطفىء الأضواء وتبدأ آلة العرض بعرض حياة أخرى أمامنا ونخرج من الواقع الذي حولنا لننتقل إلى عالم حقيقي أو متخيل، فكما يحدث عندما نحلم يحدث في السينما، عندما نغلق أعيننا حتى ننام ونبدأ بمشاهدة أحلامنا وكل شيء في الحلم له دلالته ومعناه تماما كما في السينما عندما نصبح جزءا من العالم الذي نراه ونتأثر به ونفسر كل مانراه على أنه دلالة لشيء ما مما يؤدي بنا إلى فهم الفيلم.