ولعل أول اختبار لقلة الخبرة الماكرونية هو هذه المظاهرات العارمة التي ملأت شوارع باريس في أسوأ اضطرابات منذ عقد من الزمن، حيث اندلعت النار بالمتاجر والسيارات بعد أن تحوّلت مظاهرات السلام الهادئة إلى مظاهرات عنيفة في وسط العاصمة الفرنسية الجميلة والأكثر غلاء في العالم، المشهد اليوم تغير الشرطة والمتظاهرون يتصادمون في باريس، ولم ينفع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اجتماعه الطارئ لوزراء بارزين في حكومته المنهارة بسبب الظروف الطارئة التي ألمت اليوم بفرنسا.
خاصة يوم الأحد الفائت بعد أن شهد وسط باريس أسوأ اضطرابات منذ عشر سنوات، وذلك عندما خاض آلاف المتظاهرين المقنعين معارك مع الشرطة وأضرموا النار في السيارات والبنوك والمنازل وأحرقوا متاريس مؤقتة على حواف المظاهرات ضد زيادات في ضريبة الوقود، ففي صباح الأحد استأجرت سلطات باريس شاحنات إضافية للبدء في إزالة ركام السيارات المحترقة من الأرصفة المحروقة في بعض الشوارع الأكثر غلاء في باريس، في الوقت الذي دعت فيه الشعارات إلى استقالة ماكرون، وتناثرت أكوام من قنابل الغاز المسيل للدموع على أرصفة مكسورة أمام صفوف من واجهات المتاجر المحطمة والنوافذ المحطمة حيث أظهرت قنوات التلفزيون لقطات غير مألوفة في وسط باريس واندلاع النيران أثناء أحداث السبت الأسود البارسي.
ولم يستبعد المتحدث باسم الحكومة بنيامين جريفو فرض حالة الطوارئ التي فرضتها الشرطة، وقال الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الداخلية إنهم سيبحثون كل الخيارات المتاحة، وألقي القبض على أكثر من 400 شخص يوم السبت وما زال أكثر من 300 في حجز الشرطة يوم الأحد، وأصيب أكثر من 130 شخصاً في حين أن أحد المحتجين في حالة خطيرة في غيبوبة، وقد اندلع العنف على هامش المظاهرات الضريبية المضادة للوقود التي تحتفظ بها حركة الاحتجاج لدى المواطنين المعروفة باسم jilunes jaunes - أو السترات الصفراء، وفي حديثه في اجتماع مجموعة العشرين في الأرجنتين التي انتهت أعمالها، قال ماكرون إنه «لن يقبل أبداً العنف»، وأضاف: «لا يوجد سبب يبرر الاعتداء على قوات الأمن أو نهب المحلات أو المباني العامة أو الخاصة التي تشتعل فيها النيران أو المارة أو الصحفيين المهددين أو قوس النصر الذي أصبح ملطخاً» بالعنف، وقال الرئيس: إن المتظاهرين المسالمين لديهم مخاوف مشروعة وأنه سيسمع «غضبهم» ، وأضاف إن مظاهراتهم قد اخترقت من قبل مثيري الشغب العنيف الذين سيقدمون للمحاكمة.
ويتعرض ماكرون، للضغوط من أجل إيجاد طريقة لتهدئة المزاج المتنامي للثورة الاجتماعية في فرنسا، عندما قامت شرطة مكافحة الشغب بإطلاق أول غاز مسيل للدموع في وقت مبكر من صباح يوم السبت الفائت، حيث وصل الحراك إلى الشانزليزيه. وبدأت حركة المواطنين العفوية في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) احتجاجاً على ارتفاع ضرائب الوقود، لكنها تحولت إلى مواجهة أوسع نطاقاً مناهضة للحكومة ومناهضة للماكرون، من أجل عدم المساواة وضعف مستويات المعيشة.
وأُغلقت الشانزليزيه أمام السيارات وتمت مراقبتها بإحكام من قبل الشرطة، مع إجراء فحوصات الهوية والحقيبة بينما كان عمال المتاجر يستقلون النوافذ وتفكيك المدرجات في الهواء الطلق. لكن المحتجين السلميين اشتكوا من أن استخدام الغاز المسيل للدموع بدأ في وقت مبكر من الصباح أثناء محاولتهم الوصول إلى الشانزليزيه.
ولكن في وقت مبكر من بعد ظهر السبت، كان قوس النصر محاطاً بمتظاهرين ملثمين يخوضون معارك ضد الشرطة، وقال وزير الداخلية كريستوف كاستانير إن الآلاف من مثيري الشغب الذين لا صلة لهم بالمظاهرات السلمية قد أتوا عمداً إلى «نهب وسحق وسرقة وجرح وحتى القتل»، وقد أطلق عليهم مثيري الشغب الذين كانوا «محترفين في التسبب في الفوضى». وشددت السلطات على الفرق بين المتظاهرين المسالمين الذين ساروا في بعض شوارع باريس صباح يوم السبت وهم يغنون ويلوحون بالأعلام والاشتباكات العنيفة مع رجال ملثمين تتبعهم.