تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


اقتناء القطع الفنية

ملحق ثقافي
2018/12/4
كيف ولماذا نختار الأشياء لتزيين الأماكن التي نعيش ونعمل فيها؟ لماذا نختار شراء الفن الأصلي؟ فقط نسبة متواضعة من ممتلكاتنا الزخرفية من المرجح أن تكون فناً أصلياً، ولكن لا يزال هناك سؤال عن كيفية اختيار هذه القطع الجديرة بالاقتناء.

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

إن الفن الأصلي، من الناحية التسويقية، يميل إلى أن يكون سلعة فاخرة، حيث يشير مصطلح «الترف» إلى البضائع التي تباع بشكل جيد في أوقات الرخاء الاقتصادي والضعيف في أوقات الكساد الاقتصادي. إن الإنفاق على الفن يكاد يكون تقديرياً تماماً، وكلما زادت تكاليفه، كلما ازدادت خصائص صفات الرفاهية.‏‏

السعر هو الاعتبار مع أي عملية شراء، ولكنه يكون مختلفاً بالنسبة إلى السلع العادية غير الفنية. على سبيل المثال، في السلع، يمكن لعلامة تجارية واحدة أن تحل محل أخرى. فنحن جميعاً ننفق أجزاء من إجمالي ميزانياتنا على هذه السلع- الطعام والمأوى والملابس وما إلى ذلك - وعندما ننتهي، نأمل أن يكون لدينا أموال متبقية لنفقات تقديرية مثل الفن.‏‏

يتمتع الناس بقدر أكبر من المرونة حين يتعلق الأمر بصرف أموالهم على الفن. وبعبارة أخرى، لا يضطر الناس إلى شراء المنتج الفني، فيما هم بحاجة إلى الضرورات المعيشية، مع أن غالبيتهم يرغبون في شراء القطع الفنية. ويقوم عدد قليل، وربما نادر، بالعملية المعاكسة، أي أنهم يشترون منحوتة ما أو لوحة، ويقومون بعرضها في مكان واضح في منازلهم أو مكاتبهم. وهنا يظهر الميل العميق للفن في هذه الشخصية. إن هذا نمط من المنجذبين إلى الفن، بسبب تأثيره في شخصيته وحياته.‏‏

قد ينظر المشتري إلى الفن على أنه تذكار من نوع ما، رمز لنجاحه وإنجازاته في الحياة - مؤشر على أن لديه مبلغاً يمكنه إنفاقه على ما يشعر به. أو ربما يعتقد أن امتلاك الفن الأصلي يميزه عن أولئك الذين لا يمتلكونه. في هذه الحالات، يعاني من الإحساس بالالتزام الذي لا يرتبط بالضرورة بخصائص الفن، بل إلى حقيقة أنه قادر على امتلاكه.‏‏

وبعبارة أخرى، فإن اقتناء وعرض الأعمال الفنية لغرض شخصي لا يقلان أهمية عن تعزيز احترام الذات أو التصورات الذاتية لأصحابها. يجعل الفن أصحابه يشعرون بالرضا عن أنفسهم عندما ينظرون إليه، وبذلك يحقق هدفه من وجهة نظر أصحابه.‏‏

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

قد يأخذ المشتري سمعة الفنان أو أهمية الفن بعين الاعتبار، وذلك لأنه يرغب في إعادة بيع القطعة الفنية التي اشتراها. وهنا يزداد وزن الاعتبارات المالية. ورغم أنه قد تنطوي عملية شراء المقتني للمنتج على قدر من الشك، مثلما تفعل العديد من عمليات الشراء الفنية، إلا أنه يعرف أن قطعته لن تفقد نسبة كبيرة من قيمتها في المستقبل القريب.‏‏

الكثير مما نشتريه - الملابس التي نرتديها، السيارة التي نقودها - هي أمور عملية، لكنها تعكس أيضاً جوانب من أنفسنا. إلا أن الفن الذي نشتريه يصور الأشياء التي نرغب في رؤيتها أو المشاعر التي يمكن أن نتعاطف معها أو المفاهيم التي تصح حقاً مع عقولنا. إن الفن الذي نشتريه يدور حول من نحن كما هو حول الفنانين الذين يقومون بإبداعه.‏‏

يقوم الفنان بصنع المنتج الفني، ولكنه الآن في هذا العصر يتساءل عن مدى تأثير الصناعة، وعن مدى إمكانيته ترويج فنه. هل الفن صناعة كصناعة الألبسة، أم أنه شيء مختلف تماماً، ينم عن موهبة خلاقة وأصيلة؟‏‏

السوق ليست سوى علاقة بيع وشراء. يستند فن تسويق المنتجات على مفهوم أن «مسوق المنتج» هو «مدير عام صغير»، يجب أن يحشد الموارد داخل وخارج الشركة حول العرض. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المسوق تحفيز أعضاء الفريق لتلبية احتياجات ومتطلبات العرض. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون «مسوق المنتج» قادراً على الكتابة والبحث وتقديم المعلومات بطريقة إبداعية تبسط ميزات تقنية مفصلة جداً وتوصيل تلك الفوائد بأسلوب يلقى صدى مع شخص عادي. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون هذا الشخص كفؤاً تقنياً من أجل التواصل بشكل فعال مع فريق التطوير، وأن يكون لديه العقل لتوجيه الاستراتيجيات التكتيكية لمنتج ما للوصول إلى توقعات الإيرادات، وأن يمتلك فن البيع من أجل بيع المنتج بفعالية داخلياً وخارجياً.‏‏

إن عملية التسويق الفني، وبسبب حرفية القائمين عليها، تدفع المشتري إلى مزيد من الهوس في الاقتناء، وهذا أمر قام به الإنترنيت، ووفر على الفنان المنتج وعلى المقتني تكاليف وجهوداً هائلة، وأخرج سماسرة الفن من دائرة الربح ولكن ليس بشكل نهائي، فقد تحول قسم كبير منهم إلى الاستثمار الإلكتروني، ليجدوا لأنفسهم مكاناً هناك، وليحصلوا على نسب ربح مقبولة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية