في ظل الاحادية القطبية ويضيفون إليها التحاما مصيريا الكيان الصهيوني. كل هذا في معرض تبرير اشاعة فلسفة وثقافة التخاذل والانبطاح- بالعربي الفصيح.
فالمقاومة اصبحت في عرف المتنطحين لفلسفة الظرف الدولي الحاكم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، عصابات أو مليشيات بتقزيم مفهوم حرب الشعب- ذلك أن المليشيا تاريخيا هي الشعب المسلح، في مواجهة المعتدي أو المحتل، لكن عملية القلب أو لي اعناق الحقائق جعلت المليشيا تعني العصابات المسلحة أو حتى قوى الإرهاب المنظم- بما ينطبق فقط على عصابات الكيان الصهيوني المجرمة- الارغون والهاغاناه والشتيرن، وليس على المقاومة الوطنية العربية في لبنان وفلسطين والعراق. أما الهدف من تحريف معنى ومفهوم المقاومة - المسلحة فهو تبرير الانبطاح- أو حتى تبرير التصدي الرسمي من أطراف بعينها للمقاومة الوطنية الفلسطينية انفاذا منها لوعد مقطوع لأميركا والصهيونية المجرمة بإرغام الشعب الفلسطيني على الاستسلام والتنازل عن حقه في العودة إلى وطنه فلسطين.
ولما كان القانون الدولي والعرف الانساني يقول بحق الشعوب في المقاومة فإن التصدي للمقاومة كثقافة وطنية وقومية وواجب ومسؤولية يتم فقط بالزعم القائل إننا العرب نعادي الغرب واننا نتحرش به وإن اسرائيل دولة معترف بها في الامم المتحدة، وبالتالي لا يجوز التصدي لها من عصابات أو مليشيات تحت ذرائع وشعارات اعلن التاريخ عن افلاسها.
السؤال هنا هو:
هل نعادي الغرب فعلاً ؟ هل اختار العرب أعداءهم؟ هل قام العرب باحتلال واستعمار اميركا أو بريطانيا؟ هل ارسلوا اساطيلهم لاحتلال اليونان أو ايطاليا أو المانيا؟ أم إن العرب كانوا ضحية سايكس- بيكو من جهة ووعد بلفور من جهة أخرى.. وهم منذ اثنين وتسعين عاما بالتمام والكمال يحاولون التخلص من ألغام وتفجيرات وتبعات ونتائج وعد بلفور واتفاقية سايكس- بيكو وبريطانيا شريك في المؤامراتين، والولايات المتحدة جاءت ترث بريطانيا وفرنسا بعد انهيار الاستعمار القديم في النصف الثاني من القرن العشرين.
العرب لم يرفعوا السلاح بوجه من لم يعتد عليهم ويغزهم. بالتالي من أين يمكن تبرير الكلام عن العداء العربي لأوروبا بدلا من القول إن اوروبا هي التي عادت العرب واستعمرتهم ومزقتهم ونهبت ثرواتهم وهي حتى اليوم تمزقهم وتحبط كل مساعيهم إلى التحرر والاستقلال والوحدة- وبأي شكل كان؟
إن الولايات المتحدة هي من اختار أن يناصب العرب العداء ليس فقط بدعم المحتل الصهيوني، بالمال والسلاح وكل أشكال الرعاية والحماية- بل ايضا بالدخول المباشر- بالقوة المسلحة وبالعدوان السافر إلى حيث الارض العربية واحتلال بعضها- كما حدث للعراق منذ ست سنوات- كما جربت الصومال، وكما سبق أن حدث على ارض لبنان، فهل كان على العرب ان يستقبلوا المعتدين الغزاة بالأحضان ويخلوا لهم الطريق، بل ويغادرون إلى ارض الله الواسعة حتى يفعل الغازي ما يحب ويتدلل ام كان على العرب- كأمة حية أن تشهر في وجوه الغزاة سلاح المقاومة المشروع وضعيا وإلهيا؟
محامو ابليس يريدون منا ان نقول للمحتل الصهيوني: افعل ما يحلو لك في ارضنا، مادمت صرت «دولة» بقرار من المجتمع الدولي.
ينسى المتنطحون المزورون حتى ابسط الحقائق المتصلة بـ «اسرائيل» أن العالم اشترط للاعتراف بها أن تقر بحق اللاجئين في العودة- من ناحية وان تعترف للفلسطينيين بدولة على مساحة تتجاوز الخمس والاربعين بالمئة من مساحة فلسطين.. مع شرط وجوب بقاء نحو اربعين بالمئة من العرب في الجزء الذي اقرته الامم المتحدة للصهاينة في عام 1947.
الاحتلال احتلال ويجب ان يقاوم، ولهؤلاء الذين يعلنون استعدادهم اليوم التخلي عن كل الحق العربي في فلسطين نقول: لانريد منكم السلاح ولا نريدكم ان تقاتلوا عدونا وعدوكم، بل كفوا عنا أذاكم، ودعوا الشعب العربي يعبر عن تجلياته الإنسانية الرائعة والواجبة والنبيلة- حد الشهادة- في سبيل دحر المحتلين إن كانوا في فلسطين أم كانوا في العراق أم كانوا في جنوب لبنان أم كانوا في أي ارض عربية ما بين المحيط والخليج.
نحن لم نختر اعداءنا،بل أعداؤنا هم من اختاروا ان يكونوا اعداءنا حين عملوا على تمزيق بلادنا واستسهال اهانة كراماتنا واستباحة حقوقنا المشروعة في الحياة والاستقلال والعيش الكريم في وطن سيد آمن.
nawafabulhaija@yahoo.com