أما في القرن الحادي والعشرين فقد تسابقت كل من الامبراطوريتين البريطانية والروسية للسيطرة على آسيا الوسطى وقد وصفت هذه المنافسة «باللعبة الكبرى».
وكان هنري مورينمر دوراند وهو ضابط الاستعمار البريطاني قد رسم خطاً في عام 1893 يبلغ طوله1500 ميل حدد فيه الطرف الغربي للهند التي كانت تحت السيطرة البريطانية ويخترق خط دوراند مناطق قبائل البشتون التي يعتبرها الأفغان جزءاً من أراضيهم وفي عام 1947 تم فصل شمال غرب المنطقة فتشكلت دولة باكستان الجديدة ولا تزال اللعبة الكبرى مستمرة في أفغانستان و باكستان أو ما اتفق على تسميته اليوم بـ afbak هذا الاسم له معناه في المنطقة عند سكان جهتي خط دوراند الضعيف والقابل للاختراق والذي لم يقبله أي من السكان إطلاقاً ولا تزال أفغانستان طوال مدة عمله.
هناك علاقة تاريخية تميز تاريخ الأفغان وهي علاقة لا تمحى، فقد استطاع الشعب الأفغاني وعلى مر السنين صد جميع الغزاة وتبقى أفغانستان الجائزة الجيواستراتيجية في اللعبة الكبرى فقد بدأ أوباما بتصعيد الحرب بقوة في afbak بما يتلاءم مع وعوده الانتخابية مستمراً بخطة بوش التصعيدية.
حالياً تخضع أفغانستان لوجود عسكري أميركي وحلفاء الناتو، ولا ينتج عن هذا الوجود سوى المواجهات، بينما ما تحتاجه المنطقة هو مجهود مشترك بين القوى الاقليمية المعنية وهي الصين والهند وإيران وباكستان وروسيا، وهذا من شأنه مساعدة الأفغان على مواجهة مشكلاتهم الداخلية بسلام.
فالناتو ابتعد كثيراً عن جذوره التي تأصلت في الحرب الباردة، فبعد انهيار الاتحاد السوفييتي فقد مبرر وجوده «الدفاع ضد الهجوم الروسي الافتراضي» وسرعان ما تبنى القيام بمهمات جديدة لكن كلينتون خرق وعوده لغورباتشوف وقام بتوسيع الناتو شرقاً ، وهذا بحد ذاته يشكل تهديداً خطيراً لأمن روسيا ويرفع بالتالي حدة التوترات الدولية.
ومن جهته يدعو مستشار الأمن القومي لأوباما جيمس جونز والذي كان القائد الأعلى لقوات الناتو في أوروبا بين 2003-2006 إلى توسيع الحلف شرقاً وجنوباً وإلى أي خطوة تهدف إلى تعزيز السيطرة الأميركية على امدادات الطاقة في الشرق الأوسط أي الحفاظ على أمن الطاقة من الناحية التقنية ويؤيد جونز أيضاً قيام قوة رد لحلف الناتو هدفها إعطاء التحالف العسكري بقيادة أميركا قدرة ذات مرونة أكثر على تسيير الأمور بسرعة فائقة ومن مسافات بعيدة جداً ويمكن أن تشتمل خطة الناتو هذه خط أنابيب TAPI أي تركمانستان - أفغانستان- باكستان- الهند بكلفة تصل إلى 7،6 مليارات دولار والهدف من هذا الخط هو تزويد الباكستان والهند بالغاز الطبيعي من تركمانستان مروراً بولاية قندهار في أفغانستان حيث تنتشر جيوش الناتو الكندية وأيدت واشنطن هذا الخط الذي سيعيق خط أنابيب منافس يخرج من إيران إلى الهند وباكستان وهذا من شأنه تقليص السيطرة الروسية على الطاقة في آسيا الوسطى، لكن ليس معروفاً فيما إذا كانت هذه الخطط تعتبر واقعية في ضوء الاضطرابات القائمة في أفغانستان.
وقد تمثل الصين مصدر قلق أميركا الأكبر حيث ينظر بعض المحللين إلى منظمة شنغهاي للتعاون والتي مقرها الصين كقوى موازية لحلف الناتو وتضم هذه المنظمة روسيا ودول آسيا الوسطى، وعمقت الصين علاقاتها مع المملكة العربية السعودية التي تعد الجوهرة في تاج نظام النفط.
أما القاعدة الشعبية المعاكسة للقوى العظمى فتعتبر حركة قوية تسير باتجاه تحقيق السلام في أفغانستان، حيث دعا نشطاء هذه القاعدة لوضع حد للعنف وإجراء مفاوضات مع طالبان ويرحب هؤلاء الأفغان بالمساعدة الخارجية التي تهدف إلى إعادة الإعمار والتنمية وليس إلى تحقيق أهداف عسكرية، فخلال زيارتها الأخيرة لأفغانستان قالت الصحافية العاملة في الواشنطن بوست باميلاكونستابل إن حركة السلام تجمع الكثير من الدعم الشعبي في أفغانستان، لذلك فإن القوات الأميركية المتواجدة في البلاد لن تواجه حركة طالبان وحسب وإنما ستواجه أيضاً خصماً غير مسلح لكنه لا يقل أهمية ورهبة عنه ألا وهو الرأي العام، وكما تؤكد باميلاكونستابل بأن الكثير من الأفغان يرون في زيادة القوات الأجنبية بأنها ستساهم في تفاقم المشكلة بدل دحر المقاومين ووقف أعمال العنف التي تجتاح بلادهم.
بقلم نعوم تشومسكي
27/4/2009