تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جوائز احتفالية دمشق... الوقــــوع فــــي الألـــم مــــن أول قـصيــدة

رسم بالكلمات
الأثنين 4-5-2009
إبراهيم حسو

من يقرأ هنادي زرقة عبر إصدارها الشعري (زائد عن حاجتي) سيشعر بتلك الصدقية المخبوءة وراء كل كلمة تكتبها,

و التي تشكل مناخات لمجمل نصوص الكتاب و مرجعها الأولي، صدق قابع في كل ركن و كل حجرة بناء جملة, أو نقش صورة تتفرد, و تتكاتف لتؤلف مشهدًا شعرياً منطوقاً باسم الشاعرة وحدها، و يكون مدخلاً رئيسا لدخول غرف حياتها الخاصة جدا، كأن الشاعرة مجبولة من ضلع الشعر أو مقصوصة من بتلات الألم و التيه و الحب الخاطف اللعين، شاعرة مختنقة برائحة ماض يتسرب هنيهة هنيهة بين أمشاط حلم, أو يقظة متقرحة تفضي إلى العودة إلى الذات, و الجلوس فيه و تسليم أمر مصيرها للغيب و الظنون و القلق المراوغ:‏‏

أفتح البابَ / أرتطم بالفراغ / أرتبكُ‏‏

الفراغ كان ضيّقاً عليّ / الفراغ كبير وقاسٍ‏‏

الأماكن لم تعد تزدحم.‏‏

كانت تتهدّل وتنكسر‏‏

فيما أنزع شعري عن الوسادة.‏‏

الوسائد تنعم بالذكريات.‏‏

مفردات هنادي رغبوية مشتهية كل شيء, و تكاد تكون مرعوبة من تدفقها و سيلانها اللامبررين، الرغبة المنتزعة التي تحيل الشاعرة و تجعلها تسترسل في طباعها و شعورها و ذكرياتها و اصطكاكها بشهوات خجولة تتأجج تحت لسان الكلمات، كل كلمة ملغمة بألم طافح سينفجر بين الحين و الحين، لكن اللغة بحيلها و مكرها تؤجل كل شيء, و تبعد تلك المتعة (الرغبة المؤجلة)نحو أزمنة و أمكنة تتراءى لأول مرة في مخاطبة وهمية لإنسان لا يرى و لا يسمع دقات قلب تستنجد الكمال و الدفء و الإصغاء:‏‏

الألم يهرم / لا يجفّ أمام العتبات‏‏

تحت شمس الظهيرة / الألم يكبر رغماً عنّا‏‏

ينشر بقعه على دقائقنا / يندفع في موج أحلامنا‏‏

يكسر شجر أنوفنا / نتبعه نحن الغاوين.‏‏

الألم وحده ألفٌ لا تلتفت.‏‏

هنادي زرقة شاعرة منشغلة ومنذ كتابها الأول (إعادة الفوضى إلى مكانها) الحائز على جائزة (محمد الماغوط) الشعرية على إيجاز مفردة العذاب و العذوبة, وعلى تحسيس الدهشة و الاغتراب و استنطاقهما حتى وان تحملت اللغة أعباء تركيب هذه التضادات و العمل على إيقاظها, و هي تتقلّب في سياقات شعرية تلتمع و تتدفق فجأة في صداها المحيّر، وربما هي شكل من أشكال الامتحان المفرط للذات الشاعرة, أو اختبار مرح لشعريتها التي امتزجت بين كشف المعنى و إخفائه و بين إثارة اللفظ أو لمسه من خارجه:‏‏

هو جسدي / أنظر إليه كل يوم‏‏

أُعجَب به / وأقول:‏‏

تستحق أن تكون جسداً‏‏

لامرأة مثلي..‏‏

حين تعب جسدي‏‏

كم تمنيت لو أنه لامرأة أخرى.‏‏

نصوص (زائد عن حاجتي) تقف على تماس مع النصوص الشعرية النسائية السورية التي نحتت بقليل من الحظ ملامح شعرية جديدة قوامها (الجرأة) في اقتحام عالم الشعر من بوابته الأمامية، و خلق حالة من التواصل مع تجارب حداثوية طارئة بدأت تظهر ثمارها على يد الكثير من الشاعرات السوريات.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية