شهداء كثر، بعمر الورود التي سقوا بها أزهاره الجميلة لتنعم باقي أجزاء الوطن بالخير، وأسماء يصعب حصر التفاصيل التي تتحدث عن قصة استشهادهم في هذه السطور القليلة.. والتي اخترنا أن نستذكر فيها معاني الشهادة ونحن نتحدث عن الشهيد سليمان صالح دعبوس وما عانته زوجته وأطفاله منذ ذلك اليوم الذي حمل فيه سلاحه الشخصي عام 1967 في طريقه إلى الجبهة.
بطاقة الشهيد
الشهيد سليمان صالح دعبوس من مواليد قرية عين قنية عام 1929 تجند في صفوف قوات الجيش العربي السوري، العاملة على الجبهة السورية في الجولان والتحق بالدفعة الأولى التي جندت في الجيش في عام 1947 بعد نيل سورية للاستقلال الوطني وأنهي التدريب بنجاح واستلم على إثر ذلك سلاحه الشخصي كجندي دائم.
في عام 1950 تزوج من السيدة نخلة ذوقان في قريته عين قنية في الجولان السوري وأنجب منها خمسة أولاد، فيما ابنته السادسة ولدت بعد مغادرته المنزل بعدة أيام فقط في الـ1967.
وهو الوقت الذي تم فيه استدعاء الشهيد إلى الجبهة بعد الإعلان عن التعبئة العامة للقوات المسلحة، وانضم إلى الصفوف حاملاً بارودته ورشاشه، وكان خلال سنوات خدمته العسكرية في بداية الستينيات يعمل مع مجموعة ناشطين محليين على إنشاء فصيل تابع لحزب البعث العربي الاشتراكي الناشئة حديثاً في الجولان وكان أحد الفاعلين فيها تنظيمياً وعسكرياً، وأوكلت إليه مسؤولية الإشراف على عمل المقاومة الشعبية وتدريب عناصرها من أبناء القرية، على السلاح والقتال في بداية 1963، حيث كان مسؤولاً عن موقع عين الريحان العسكري جنوب قرية عين قنية، إضافة إلى عمله العسكري المتنقل في الثكنات والمواقع العسكرية في قرية مسعدة وعين فيت وتل الفخار.
قصة الخلود
إن آخر من التقاه - الشهيد سليمان صالح - هو أحد أبناء قريته وهو جندي احتياطي يدعى علي بشارة حيث كلف بتأمين آلة هاتف ميدان وكانت تحت عهدة الشهيد في منزله لاحتياجات المقاومة الشعبية التي كان يرأسها.. وخلال تلك الفترة لم تكن نخلة ذوقان تعلم أنها لن ترى زوجها ثانية حين ودعها وعانق أطفاله العناق الأخير، ولم تعلم أنها ستشهد رحلة طويلة وراء البحث عن الزوج المفقود، الذي اختفت أثاره منذ أن انتقل مع أفراد كتيبته العسكرية إلى قطعته المسماة (مخفر الكرسي) ولم يتبق سوى ذكريات وآمال ووعود بعودته.
وزوجته همها الأكبر كان تأمين لقمة العيش لأطفالها وانتظار عودة زوجها الذي لم تعرف عنه شيئاً.
زوجة الشهيد على يقين بأن المجند العربي السوري سليمان صالح دعبوس قد روى بدمائه ثرى الجولان واستشهد في العاشر من شهر حزيران في عام 1967 أثناء المعركة التي جرت مع القوات الصهيونية التي احتلت الموقع في مخفر الكرسي، فكانت الشهادة فداء لتراب الوطن دون أن يبخل عن العطاء، فهو في النهاية سليل عائلة فلاحية جولانية تعشق الإخلاص والعطاء والتضحية في سبيل عزة وكرامة الوطن.