وبوابة واسعة لدعوة الاتراك للاستثمار المصرفي بالسوق السورية بعد استثماراتهم المختلفة والناجحة في السياحة والصناعة، والسعي لاقامة شراكات مصرفية تركية سورية مشتركة، خاصة مع ازدياد التبادل التجاري بينهما والذي قدر بحوالي 2 مليار عام 2008 والسعي لمضاعفته خلال الاعوام القادمة .
646 مليار ليرة ودائع القطاع الخاص
طمأن حاكم مصرف سورية المركزي د. اديب ميالة ان القطاع المصرفي السوري لم يتأثر بالازمة المالية العالمية بدليل الاستقرار الكبير في حركة السحوبات والايداعات وحجم السيولة الكبير الذي يفوق اليوم حاجة المصارف لافتاً ان سعر صرف الليرة السورية تجاه العملات الرئيسية حقق استقراراً كبيراً خلال العام 2008 والذي جاء نتيجة القرارات المتعلقة بتوحيد سعر صرف الليرة السورية وفك ربطها بالدولار الامريكي وربطها بسلة عملات .
وكشف د. ميالة امام الملتقى المصرفي السوري- التركي ان ودائع القطاع الخاص بالليرات السورية لدى المصارف نمت بشكل ملحوظ لتصل نهاية العام الماضي الى 646 مليار ليرة فيما تزايدت حصة الودائع طويلة الاجل لتشكل اليوم نحو 36٪ نتيجة تحويل ودائع التوفير الى ودائع الاجل، واستقطاب ودائع من خارج القطاع المصرفي لافتاً ان سياسة سعر الفائدة عملت على اعادة هيكلة الودائع وتوجيهها الى ودائع مستقرة تمكن المصارف العاملة من التدخل بفعالية في سوق الاقراض طويل الاجل والموجه الى الاقراض الاستثماري والتنموي .
وقدر الحاكم ودائع القطاع الخاص بالقطع الاجنبي نهاية العام 2008 بنحو 107 مليارات ليرة سورية ناتجة عن تدفق للقطع الاجنبي من الخارج من قبل المستثمرين والمغتربين السوريين في الخارج او نقل ودائع بالقطع الاجنبي الى سورية، فيما وصل اجمالي التمويلات المقدمة للقطاع الخاص بالليرات السورية وبالقطع الاجنبي الى حوالي 390 مليار ليرة سورية ما يدل على الثقة بالقطاع المصرفي وكفاءته خلال الاعوام الماضية، وتفضيل المواطنين الادخار بالليرات السورية .
نتائج ايجابية لسعر الصرف
واعتبر ميالة سعر صرف الليرة السورية بمثابة المثبت الاسمي للسياسة النقدية في سورية خاصة في ظل الارتباط الشديد بين سعر الصرف القوي والتضخم المحلي، فقد تم اعتماد سعر الصرف كهدف اولي واساسي للسياسة النقدية وهو ما يتطلب بناء نظام سعر صرف واضح المعالم وقيام المصرف المركزي بتوفير كل المقومات الاساسية لبناء آلية جديدة في تحديد سعر صرف يتلاءم ومعطيات الاقتصاد الوطني مشيراً الى ان الاصلاحات في سياسة سعر الصرف اثمرت نتائج ايجابية، فبعد ان كان سعر الصرف يتأثر فقط بمؤثرات خارجة عن سياسة مصرف سورية المركزي وتحدده قوى مختلفة في السوق السوداء وفي اسواق الدول المجاورة، اصبح مصرف سورية المركزي يتحكم اليوم بتحديده الى حد كبير، وذلك في اطار اعطاء مرونة اكبر لسعر الصرف كمقدمة للانتقال الى سياسة نقدية اكثر مرونة وفعالية، وتعتمد على الادوات غير المباشرة في التأثير على السوق وصولاً الى سعر صرف مدار بشكل جيد ومتوازن ويعزز تنافسية الاقتصاد الوطني على مستوى المبادلات السلعية والخدمية.
وبين د. ميالة ان المركزي وبالتوازي مع الاصلاحات يعمل اليوم على تطوير سياسة نقدية غير مباشرة تستند الى قوى السوق بعيداً عن التحكم الاداري، علماً ان مجلس النقد والتسليف اتخذ خلال الاعوام الاربعة الماضية حزمة من القرارات المتعلقة بسعر الفائدة لجهة منح المصارف المرونة اللازمة للقيام بعمليات الاقراض لاسيما الاقراض الاستثماري التنموي، حيث تم تحرير اسعار الفائدة المدينة ومنح هوامش حركة حول معدلات الفوائد الدائنة.
ودعا د. ميالة الاتراك للاستثمار المصرفي في سورية
في جانب آخر اشاد الحاكم بتميز العلاقات الاقتصادية السورية التركية التي تشهد نمواً وزخماً خلال السنوات الاخيرة مشيراً الى توقيع مذكرة تفاهم في المجال المصرفي حول مركزية المخاطر الائتمانية والرقابة المشتركة بحيث تتيح خلق منافذ او آليات واضحة وفعالة لتسهيل التبادل الفوري والبناء للمعلومات مباشرة بين وحدات مكافحة غسل الاموال في البلدين.
الحوكمة والرقابة والإدارة
لمواجهة الأزمة
في حين اشار دور موز يولمز حاكم المصرف المركزي التركي انه لا يوجد حتى الآن اي مؤشر لتفادي الازمة المالية العالمية، لأن خسائرها تقدر بتريليونات الدولارات، وهذا يتطلب قرارات حاسمة، والمصارف المركزية هي المسؤولة عن استقرار العملات من خلال ادارة حكيمة وبناء مصداقية وموثوقية في تحقيق اهدافها والمساهمة في التنافسية لنمو الاقتصاد الوطني عبر التجاوب مع ارتفاع معدلات الاسعار ومعدلات التخضم وادارة تتوقع حدوث الخطر وتعمل لتجنبه لأن الخطر حالياً هو الكساد وليس التضخم، لانه بعد انتهاء الازمة المالية العالمية مشكلة اجتماعية ناجمة عن التخضم ولمواجهة ذلك لابد من الحوكمة الرشيدة والادارة الحكيمة والرقابة المالية على المصارف داخل وخارج الازمة .
مشروع تركي بقيمة 5 مليارات دولار
ودعا محمد فواز عجوز نائب رئيس مجلس رجال الاعمال السوري التركي الى ضرورة انشاء مصارف تركية في سورية لان ذلك من شأنه زيادة التبادل التجاري بين البلدين واصدار الكفالات المصرفية، وهذا الامر يشكل هاجساً للشركات ولرجال الاعمال الاتراك، مشيراً الى انه صدر منذ فترة قانون يسمح بإحداث مكاتب تمثيلية للمصارف والشركات الخارجية في سورية ما يسهل دراسة السوق المحلية من قبل الاتراك وبالتالي فتح مصارف لهم في سورية .
واشار الى مشروع استثماري جديد للاتراك في المدينة الصناعية بحسياء لانشاء معمل لسحب المنتجات الحديدية على مساحة 100 الف م2 وتبلغ تكلفته الاستثمارية حوالي 5 مليارات دولار .
كما تحدث عن سعي مصرف مشترك سوري تركي ايراني عراقي مشترك من شأنه ان يحقق مصلحة الاطراف مجتمعة وكذلك المساهمة بزيادة التبادل التجاري فيما بينها وتطوير التنمية الاقتصادية في هذه البلدان .
تقوية الشراكة القطرية - السورية
اما عبد الباسط احمد الشيبي الرئيس التنفيذي لبنك قطر الدولي الاسلامي فقد اعتبر ان مشاركة البنك في الملتقى جزء مهم من الايمان بضرورة تقوية الشراكة مع سورية وتطلعهم لاقامة شراكة مع تركية.
واعتبر ان توفير سورية للبيئة التشريعية والقانونية اللازمة لقيام مؤسسات الاقتصاد الاسلامي مثل البنوك الاسلامية وشركات التأمين التكافلي وشركات الوساطة المالية التي تعمل وفق مبادئ الشريعة الاسلامية كان له دور مهم ومحوري في تسهيل دخول السوق السورية.
واشار الى قرار بنك قطر الدولي بالدخول الى السوق السورية انطلاقا من الروابط والشراكة التي تجمع بين قطر وسورية فضلا عن قرار استراتيجي اتخذته قيادتا البلدين بتعزيز اسس الشراكة والتعاون وكانت ترجمة هذه الاستراتيجية من خلال الشراكة النوعية عندما تم طرح 51٪ من اسهم بنك سورية الدولي الاسلامي للاكتتاب العام وكانت اكبر عملية طرح اولية في تاريخ سورية وهو الامر الذي لاقى استحسانا وترحيبا واسعا.
انخفاض معدل المصرفة
من جهته باسل الحموي مدير عام بنك عودة في سورية رأى ان سورية تعاني من انخفاض معدل المصرفة وذلك بالرغم من زيادة عدد المصارف العاملة بالسوق السورية حيث ان حصة الفرع الواحد لاجمالي عدد السكان هي بحدود 54 الف نسمة وهي ترتفع الى 200 ألف نسمة للفرع الواحد اذا تم احتساب فروع المصارف الخاصة دون العامة وهذا يؤكد حاجة السوق الى مصارف جديدة وتوسع المصارف الحالية ورأى ان التحديات التي تواجه هذا القطاع خاصة هي الرأسمال البشري الذي يتطلب التدريب والتأهيل المناسب وكذلك شبكة الطرق التي ليست مؤهلة لاقامة فروع جديدة في مناطق مختلفة.
وان افضل ايجابية بالقطاع المصرفي السوري هو الاطار القانوني الذي يحكم العمل المصرفي ويواكب المستجدات فيه .