حيث نجحت البلاد بعد ذلك التاريخ بالتحول إلى قوة مؤثرة في المنطقة وباتت واحدة من أكثر الدول استقراراً وغدا اقتصادها الأكبر والأكثر تطورا بين دول القارة الإفريقية صناعيا وزراعيا وتجاريا وهو ما أهلها لدخول تجمع دول بريكس ودول مجموعة العشرين الصناعية.
وكانت البلاد قبل تشكيل اتحاد جنوب إفريقيا عام 1919 عبارة عن مجموعة من الإمارات والمستعمرات المتحاربة فيما بينها والخاضعة لسيطرة وتدخل المستعمر البريطاني الذي طبق سياسة التمييز العنصري بين المهاجرين البيض ذوي الأصول الأوروبية وبين السكان الأصليين الأفارقة ففي عام 1948 فاز الحزب الوطني التابع للسكان البيض في انتخابات مشكوك بنزاهتها فتبنى سياسة الفصل العنصري وطبقها في جميع المجالات مؤسسا نظاما بات يعرف فيما بعد بنظام الأبارتايد وهو ما دفع السكان الأفارقة إلى نضال استمر عشرات السنين من أجل التحرر وسط دعم من حركات التحرر الوطني في العديد من الدول ومن بينها سورية حتى توج هذا النضال عام 1994 بإجراء انتخابات تعددية فاز بها نيلسون مانديلا .
وتربط سورية وجمهورية جنوب إفريقيا علاقات متميزة وتاريخية تعززها وجهات النظر المتطابقة تجاه مختلف القضايا العالمية وأبرزها الوقوف ضد التمييز العنصري وحق الشعوب في تقرير مصيرها ودعم حركات التحرر العالمية.
وشهدت العلاقات بين سورية وجنوب افريقيا في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا انطلاقا من رغبة البلدين بتعزيز التعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والعلمية بما ينسجم وتاريخية هذه العلاقات.
وفي عام 2009 وقعت سورية وجنوب افريقيا اتفاقية تهدف إلى تعزيز التعاون في مجال التعليم العالي وتسهيل الاعتراف بالمؤهلات الأكاديمية الصادرة عن مؤسسات التعليم العالي لكلا البلدين.
وفي عام 2010 وقع البلدان بروتوكولا للتعاون السياسي واتفاقية للتعاون الاقتصادي والتجاري بهدف تقوية التعاون في مجال نقل التكنولوجيا والمعرفة وتأسيس مشاريع مشتركة وتشجيع الهيئات والشركات المتخصصة ذات الصلة والأشخاص الاعتباريين لاكتشاف إمكانات تطبيق مشاريع في مجالات التعاون المشار إليها في الاتفاقية.
وانطلاقا من موقفها الداعم لحق سورية باستعادة الجولان المحتل والمؤيد للقضية الفلسطينية كقضية مركزية في المنطقة ووقوفها إلى جانب دول تسعى لمواجهة الإرهاب حرصت جنوب إفريقيا على تعزيز التعاون مع سورية ودعمها لمواجهة التحديات التي فرضتها الأزمة الراهنة.
وتميزت الأشهر الأخيرة بلقاءات متواصلة بين الجانبين لبحث سبل تعزيز التعاون في مجالات النقل والبناء والإعمار والتعليم العالي إضافة لإمكانية الاستفادة من خبرات جنوب إفريقيا في مجال تحقيق نمو اقتصادي جيد وتوطين الاستثمارات والزراعات الاستراتيجية وتطوير الصناعات الغذائية والالكترونية وتجربتها الرائدة في المصالحة الوطنية.
ويتفق الجانبان على ضرورة تطوير العلاقات الثنائية بينهما في شتى المجالات بما يخدم مصالحهما المشتركة وبهذا الصدد لفت سفير جنوب إفريقيا في سورية شون بينفيلدت خلال حفل استقبال إقامه بدمشق أمس بمناسبة اليوم الوطني لبلاده إلى متانة العلاقات القائمة بين جنوب إفريقيا وسورية والحرص على تطويرها كون البلدين مهمين على مستوى العالم معتبرا أن طريق جنوب افريقيا الى الحرية والديمقراطية لم يكن سهلا ولم يكن ممكنا تحقيقه دون مساعدة أصدقاء حقيقيين كسورية وغيرها من أعضاء المجتمع الدولي .